مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٦
شرط ينافي مقتضاها بناء على أنه لا يغرم عند الاطلاق. والثاني: يصح بناء على مقابله. فإن قيل: هلا بطل الشرط فقط كما لو أقرضه بشرط رد مكسر عن صحيح أو لشرط الخيار للمضمون له أو ضمن المؤجل بشرط الحلول بجامع أنه زاد خيرا أجيب بأن المشروط في تلك صفة تابعة، وفي هذه أصل بفرد بعقد، والتابع يغتفر فيه ما لا يغتفر في الأصل. ولو قال:
كفلت بدنه فإن مات فعلي المال صحت الكفالة وبطل التزام المال، قاله الماوردي. وهو كما قال الزركشي محمول على ما إذا لم يرد به الشرط وإلا بطلت. (و) الأصح (أنها لا تصح بغير رضا المكفول) الذي يعتبر إذنه أو الولي حيث لا يعتبر، بناء على أن الكفيل لا يغرم المال عند العجز فلا فائدة لها إلا حضور المكفول، وهو لا يلزمه الحضور مع الكفيل حينئذ. والثاني:
تصح بناء على أنه يغرم فيلزمه المال لأنه عاجز عن إحضاره.
تنبيه: علم من كلام المصنف أنه لا يشترط رضا المكفول له، وهو الأصح، كما لا يشترط رضا المضمون له، فلو تكفل به بلا إذن منه لم تلزمه إجابة الكفيل فليس للكفيل مطالبته، وإن طالب المكفول له الكفيل كما في ضمان المال بغير إذن إلا إن سأله المكفول له إحضاره كأن قال له أحضره إلى القاضي فإنه إذا أحضره باستدعاء القاضي وجب عليه، لكنه ليس بسبب الكفالة بل لأنه وكيل صاحب الحق، وعلى هذا لا بد من اعتبار مسافة العدوي. وإنما اعتبر استدعاء القاضي لأن صاحب الحق لو طلب إحضار خصمه إلى القاضي لم يلزمه الحضور معه بل يلزمه أداء الحق إن قدر عليه وإلا فلا شئ عليه. وإذا امتنع الكفيل من إحضار المكفول في هاتين الصورتين لم يحبس، أما في الصورة الأولى وهي فيما إذا لم تلزمه الإجابة فإنه حبس على ما لا يقدر عليه، وأما في الثانية وهي فيما إذا قال له أحضره إلى القاضي فلانه وكيل.
تتمة: لو مات الكفيل بطلت الكفالة ولا شئ للمكفول له في تركته لأنه لا يلزمه مال كما مر، ولو مات المكفول له لم تبطل ويبقى الحق لورثته كما في ضمان المال، فلو خلف ورثة وغرماء وأوصياء لم يبرأ الكفيل إلا بالتسليم إلى الجميع، ويكفي التسليم إلى الموصى له عن التسليم إلى الوصي في أحد وجهين كما رجحه بعض المتأخرين، أي إذا كان الموصى له محصورا لا كالفقراء ونحوهم كما قال الأذرعي.
فصل: في بيان الصيغة، وهي الركن الخامس للضمان الشامل للكفالة معبرا عن ذلك بالشرط، فقال: (يشترط في الضمان) للمال (والكفالة) للبدل صيغة لتدل على الرضى، وهي (لفظ) صريح أو كناية (يشعر بالتزام) كغيره من الحقول، وفي معناه الكتابة وإشارة أخرس مفهمة (كضمنت لك (دينك عليه) أي فلان، (أو تحملته أو تقلدته) أو التزمته (أو تكفلت ببدنه أو أنا بالمال) الذي على زيد (أو بإحضار الشخص ضامن أو كفيل أو زعيم أو حميل) أو قبيل، أو علي ما على فلان، لثبوت بعض ذلك بالنص والباقي بالقياس، مع اشتهار لفظ الكفالة بين الصحابة فمن بعدهم. وكل هذه الألفاظ صرائح، ومن ألفاظ الكفالة: خل عن فلان والدين الذي عليه عندي، أو دين فلان إلي. ولو تكفل فأبرأه المستحق ثم وجده ملازما للخصيم فقال خله وأنا على ما كنت عليه من الكفالة صار كفيلا، لأنه إما مبتدئ بالكفالة بهذا اللفظ أو مخبر به عن كفالة واقعة بعد البراءة. فإن قيل:
لو قال سيد المكاتب له بعد فسخ الكتابة: أقررتك على الكتابة لم تعد، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الضمان محض غرر وغبن، فيكفي فيه ذلك من الملتزم بخلاف الكتابة ونحوها. ولو قال: تكفلت بجسمه أو روحه فهو كقوله: تكفلت ببدنه. ولو تكفل بجزء شائع كالثلث أو ما لا يبقى الشخص بدونه كالكبد والقلب والرأس والروح والدماغ، فهو كقوله: تكفلت ببدنه كما قاله صاحب التنبيه وأقره عليه المصنف في تصحيحه وجريت عليه في شرحه، وليس في الشرحين والروضة تصريح بتصحيح، أما ما يبقى الشخص بدونه كاليد والرجل فلا يكفي. وتقدم الجواب في كتاب البيع عن قولهم كل ما صح تعليقه كالطلاق تصح إضافته
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429