مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤١٧
لعدم تقصيره، (و) له مطالبة (المدفوع إليه) اللقطة لأنه أخذ ما لم يكن له أخذه. نعم لو كانت اللقطة قد أتلفها الملتقط بعد التملك ثم ادعاها بعد وصفها فسلم إليه البدل ثم جاء آخر فأقام بينة بها لم يرجع على المدفوع إليه لتلفه في يده، لأن الذي حصل في يده مال الملتقط لا مال المدعي. (و) إذا كان له تغريم المدفوع إليه ف‍ (- القرار عليه) لتلفه في يده.
نعم لو كان الملتقط قد أقر للواصف بالملك ثم غرم صاحب البينة الملتقط لم يرجع على المدفوع إليه، لأنه يزعم أن المدعي ظلمه، والمظلوم لا يرجع على غير ظالمه. ولما كان كلام المحرر في تملك اللقطة شاملا للقطة الحرم أشار المصنف لاخراجها بقوله: (قلت) كما قال الرافعي في الشرح: (لا تحل لقطة الحرم) وفي الروضة وأصلها: مكة وحرمها، (للتملك) بل للحفظ أبدا (على الصحيح) المنصوص، لخبر الصحيحين: إن هذا البلد حرمه الله لا يلتقط لقطته إلا من عرفها، وفي رواية للبخاري:
لا تحل لقطته إلا لمنشد قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: أي لمعرف، ففرق (ص) بينها وبين غيرها، وأخبر أنها لا تحل إلا للتعريف. ولم يوقت في التعريف بسنة كغيرها، فدل على أنه أراد التعريف على الدوام وإلا فلا فائدة في التخصيص.
والمعنى فيه أن حرم مكة شرفها الله تعالى مثابة للناس يعودون إليه المرة بعد الأخرى، فربما يعود مالكها من أجلها، أو يبعث في طلبها، فكأنه جعل ماله به محفوظا عليه كما غلظت الدية فيه. والثاني: تحل. والمراد بالخبر تأكيد التعريف لها سنة لئلا يظن الاكتفاء بتعريفها في الموسم لكثرة الناس فيه.
تنبيه: محل الخلاف في المتمول، أما غيره فيستبد به واجدة كما هو ظاهر وإن لم أر من تعرض له. وكان ينبغي للمصنف أن يعبر كعبارة الروضة المتقدمة ليخرج حرم المدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فإنه ليس كحرم مكة كما اقتضاه كلام الجمهور وصرح به الدارمي والروياني وإن سوى بينهما البلقيني، وليست لقطة عرفة ومصلى إبراهيم كلقطة الحرم، وحكايته الخلاف وجهين موافق للروضة ومخالف للشرحين في حكايته قولين. (ويجب تعريفها) عند التقاطها للحفظ للخبر المار. وقوله: (قطعا) زيادة على الرافعي في الشرح، (والله أعلم) ولا يجئ فيه الوجه المتقدم فيمن التقط للحفظ. ونقل في زيادة الروضة عن الأصحاب أنه يلزم الملتقط الإقامة للتعريف أو دفعها للحاكم، قال ابن المقري: وقد يجئ هذا التخيير في كل ما التقط للحفظ.
خاتمة: لو أخذ اللقطة اثنان فترك أحدهما حقه من الالتقاط للآخر لم يسقط، وإن أقام كل منهما بينة بأنه الملتقط ولم يسبق تاريخ لهما تعارضتا. ولو سقطت من الملتقط لها فالتقطها آخر فالأول أولى بها منه لسبقه. ولو أمر واحد آخر بالتقاط لقطة رآها فأخذها فهي للآمر إن قصده الآخر ولو مع نفسه وإلا فهي له، ولا يشكل هذا بما مر في الوكالة من عدم صحتها في الالتقاط، لأن ذلك في عموم الالتقاط، وهذا في خصوص لقطة وجدت، فالامر يأخذها استعانة مجردة على تناول شئ معين. وإن رآها مطروحة فدفعها برجله وتركها ضاعت لم يضمنها، لأنها لم تحصل في يده. ولو أخذ خمرا أراقها صاحبها فتخللت عنده ملكها بلا تعريف لها، وقيل: تخللها عليه إذا جمعها إراقتها إلا إذا علم أنها محترمة فيعرفها كالكلب المحترم.
كتاب اللقيط فعيل بمعنى مفعول كجريح وقتيل، ويسمى ملقوطا باعتبار أنه يلقط، ومنبوذا باعتبار أنه ينبذ إذا ألقي في الطريق ونحوه، ويسمى دعيا أيضا. والأصل فيه مع ما يأتي قوله تعالى: * (وتعاونوا على البر والتقوى) * وقوله تعالى: * (وافعلوا
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429