مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٥
فصار كما لو شرط أن يكتب العبد كل يوم عشر ورقات مثلا.
تنبيه: قال بعض شراح الكتاب: ولو أبدل المصنف لفظ الدابة بالحيوان لكان أحسن ليشمل الأمة فإن حكمها كذلك، ولذلك قدرتها في كلامه. ولعل هذا حمل الدابة على العرف فإن حملت على اللغة فهو كالتعبير بالحيوان. (وله الخيار) فورا كما قاله الرافعي، (إن أخلف) المشروط لفوات شرطه. (وفي قول يبطل العقد في الدابة) بصورتيها بالشرط لا بالخلف لأنه شرط معها شيئا مجهولا، فأشبه ما لو قال بعتكها وحملها. وأجاب الأول بأن المقصود الوصف به لا إدخاله في العقد، لأنه داخل عند الاطلاق. وخرج بيقصد ما لا يقصد، بل هو من العيوب كالزنا والسرقة فإنه لا خيار بفواته، بل إن كان من البائع فهو بيان للعيب، وإن كان من المشتري فهو في حكم الرضا بالعيب. ولو شرط ثيوبتها فخرجت بكرا فلا خيار له على الأصح، خلافا للحاوي الصغير. ولو شرط أنه خصي فبان فحلا ثبت له الخيار، قالوا: لأنه لا يدخل على الحرم، ولعل المراد به الممسوح وإلا فباقي الذكر كالفحل في وجو ب الاحتجاب منه. (ولو قال بعتكها) أي الدابة ومثلها الأمة (وحملها) أو بعتكها ولبن ضرعها، (بطل) البيع (في الأصح) لجعله الحمل أو اللبن المجهول مبيعا مع المعلوم، بخلاف بيعها بشرط كونها حاملا أو لبونا كما مر، لأنه جعل ذلك وصفا تابعا، وبيض الطير كالحمل. والثاني:
يجوز، لأنه داخل في العقد عند الاطلاق فلا يضر التنصيص عليه، كما لو قال: بعتك هذا الجدار بأساسه. وفرق الأول بأن الأساس داخل في مسمى الجدار فذكره ذكر لما دخل في اللفظ فلا يضر التنصيص عليه، والحمل غير داخل في مسمى البهيمة، فإذا ذكر فقد ذكر شيئا مجهولا وباعه مع المعلوم، ودخوله تبعا لا يستلزم دخوله في مسمى اللفظ. ويصح بيع الجبة بحشوها لدخول الحشو في مسمى الجبة، فلا يضر ذكره لأنه تأكيد كما مر في الأساس. ولا فرق في هذه الأمثلة بين أن يأتي بالواو أو بالباء أو مع كما ذكره في المجموع في أثناء الأمثلة، وإن فرق السبكي بين الواو والباء فقال بالبطلان في الواو وبالصحة مع الباء. (ولا يصح بيع الحمل وحده) للنهي عن بيع الملاقيح. وهذه مكررة فإنه عين بيع الملاقيح، وإنما ذكرها توطئة لقوله: (ولا) بيع (الحامل دونه) لأنه لا يجوز إفراده بالعقد فلا يستثنى كأعضاء الحيوان، (ولا) بيع (الحامل بحر) إلحاقا للاستثناء الشرعي بالاستثناء الحسي، ولا بيع الحامل برقيق لغير مالك الام، فلو وكل مالك الحمل مالك الام فباعهما دفعة لم يصح لأنه لم يملك العقد بنفسه فلا يصح منه التوكيل فيه. فإن قيل : يشكل على عدم صحة بيع الحامل بحر أو برقيق لغير مالك الام صحة بيع الدور المستأجرة مع أن المنفعة لا تدخل فكأنه استثناها. أجيب بأن الحمل أشد اتصالا من المنفعة بدليل جواز إفرادها بالعقد بخلافه، وبأن استثناء المنفعة قد ورد في قصة جابر لما باع جمله من النبي (ص) واستثنى ظهره إلى المدينة، فيبقى ما سواه على الأصل. (ولو باع حاملا) حملها له (مطلقا) من غير تعرض لدخول أو عدمه (دخل الحمل في البيع) تبعا لها بالاجماع. أما إذا كان حملها لغيره فإن البيع لا يصح كما مر. ولو وضعت ولدا ثم باعها مالكها فوضعت عند المشتري ولدا آخر وبينه وبين الأول دون ستة أشهر، ففي أواخر النهاية على النص أنه للبائع لأنه حمل واحد، قال الامام: والقياس أنه للمشتري لانفصاله في ملكه، وبهذا جزم الشيخان في باب الكتابة مستدلين به على نظائرها من الكتابة، وقال المتولي في باب بيع الأصول والثمار:
إنه ظاهر المذهب، فمن استثنى هذه الصورة من إطلاق المصنف فقد وهم.
فصل: فيما نهي عنه من البيوع نهيا لا يقتضي بطلانها، وفيه أيضا ما يقتضي البطلان وغير ذلك. وقد شرع في بيان ذلك فقال: (ومن المنهي عنه ما لا يبطل) بضم الياء بضبط المصنف، أي مع كسر الطاء: أي النهي فيه البيع.
ويجوز فتح الطاء مع ضم الياء أيضا وعكسه. والضمير للمنهي عنه، والضمير في (لرجوعه) يعود إلى النهي لدلالة المنهي
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429