مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٧٢
إذن وهم غير مضرين بالسابلة لم يمنعهم من ذلك إلا إن ظهر في منعهم مصلحة فله ذلك.
فصل: في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض: (المعدن) وسبق بيانه في باب زكاته. وهو نوعان: ظاهر وباطن، فالمعدن (الظاهر وهو ما خرج) أي برز جوهره (بعلاج) أي عمل، وإنما العمل والسعي في تحصيله، وقد يسهل وقد لا يسهل، (كنفط وهو بكسر النون أفصح من فتحها وإسكان الفاء فيهما: ما يرمى به. قال الزركشي:
وهو يكون على وجه الماء في العين، وفي الصحاح أنه اسم لدهن. (وكبريت) وهو بكسر أوله: عين تجري ماء فإذا جمد ماؤها صار كبريتا أبيض وأصفر وأحمر وأكدر، ويقال إن الأحمر الجوهر ولهذا ضربوا به المثل في العزة فقالوا:
أعز من الكبريت الأحمر، يقال إن معدنه خلف بلاد وادي النمل الذي مر به سليمان صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء، يضئ في معدنه، فإذا فارقه زال ضوؤه. (وقار) وهو الزفت، ويقال فيه قير. (ومومياء) وهو بضم الميم الأولى وبالمد وحكي القصر: شئ يلقيه الماء في بعض السواحل فيجمد فيه فيصير كالقار، وقيل: إنه أحجار سود باليمن خفيفة فيها تخويف. وأما التي تؤخذ من عظام الموتى فهي نجسة. (وبرام) بكسر الموحدة جمع برمة بضمها:
حجر يعمل منه القدر. (وأحجار رحى) وأحجار نورة ومدر وجص وملح مائي وكذا جبلي إن لم يحوج إلى حفر وتعب. (لا يملك بالاحياء) هذا خبر قوله المعدن. وقوله: (ولا يثبت فيه اختصاص بتحجر ولا إقطاع) من سلطان، معطوف على الخبر لأن هذه الأمور مشتركة بين الناس مسلمهم وكافرهم كالماء والكلأ، لأنه (ص) أقطع رجلا ملح مأرب فقال رجل: يا رسول الله إنه كالماء العد - أي العذب - قال: فلا إذن رواه أصحاب السنن الأربعة وصححه ابن حبان. وظاهر هذا الحديث وكلام المصنف أنه لا فرق في الاقطاع بين إقطاع التمليك وإقطاع الارفاق، وهو كذلك وإن قيد الزركشي المنع بالأول. وليس للإمام أن يقطع أرضا ليأخذ حطبها أو حشيشها أو صيدها، ولا بركة ليأخذ سمكها. ولا يدخل في هذه الأشياء تحجر كما لا يدخل إقطاع، وقد مر في زكاة المعدن أنه يطلق على المخرج وهو المراد هنا وعلى البقعة، وإذا كان كذلك فلا تساهل في عبارة المصنف كما قيل. وأما البقاع التي تحفر بقرب الساحل ويساق إليها الماء فينعقد فيها ملحا فيجوز إحياؤها وإقطاعها. (فإن ضاق نيله) أي الحاصل منه على اثنين مثلا جاء إليه، (قدم السابق) إليه (بقدر حاجته) منه لسبقه ويرجع فيها إلى ما تقتضيه عادة أمثاله كما قاله الإمام وأقراه، وقيل: إن أخذ لغرض دفع فقر أو مسكنة مكن من أخذ كفاية سنة أو العمر الغالب على الخلاف الآتي في قسم الصدقات. (فإن طلب زيادة على حاجته (فالأصح إزعاجه) إن زوحم عن الزيادة، لأن عكوفه عليه كالتحجر. والثاني: يأخذ منه ما شاء لسبقه.
(فلو جاءا) إليه (معا) ولم يكف الحاصل منه لحاجتهما وتنازعا في الابتداء، (أقرع) بينهما (في الأصح) لعدم المزية.
والثاني: يجتهد الإمام ويقدم من يراه أحوج. والثالث: ينصب من يقسم الحاصل بينهما.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لا فرق بين أن يأخذ أحدهما للتجارة والآخر للحاجة أم لا، وهو المشهور. ولو كان أحدهما مسلما والآخر ذميا قدم المسلم كما بحث الأذرعي نظير ما مر في مقاعد الأسواق. (والمعدن الباطن، وهو ما لا يخرج) أي يظهر جوهره (إلا بعلاج كذهب وفضة وحديد) ورصاص (ونحاس) وفيروزج وياقوت وعقيق وسائر الجواهر المبثوثة في طبقات الأرض، (لا يملك بالحفر والعمل) في موات بقصد التملك، (في الأظهر) كالمعدن الظاهر. والثاني:
يملك بذلك إذا قصد التملك كالموات. وفرق الأول بأن الموات يملك بالعمارة وحفر المعدن تخريب، ولان الموات إذا ملك يستغني المحيي عن العمل، والنيل مبثوث في طبقات الأرض يحوج كل يوم إلى حفر وعمل، نعم هو أحق به. وإذا طال
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429