مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٨٢
ويكفي للصحة قوله أنا قادر على انتزاعه. وإن كان المدعى به دينا ففيه الخلاف السابق. أما إذا صالحه على المدعى عليه لتنقطع الخصومة عنه كأن قال صالحني له بعبدي هذا صح الصلح عن الدين لا عن العين، لأنه لا يمكنه أن يملك غيره عينا بغير إذنه بخلاف قضاء دينه كما مر. (وإن لم يقل هو مبطل) مع قوله هو منكر وصالح لنفسه أو للمدعى عليه، (لغا الصلح) لأنه اشترى منه ما لم يثبت ملكه له.
تنبيه: شمل كلامه امتناع ثلاث صور: إحداها أن يقول هو محق. الثانية: لا أعلم حاله. الثالثة: لم يذكر شيئا. وهذه الثالثة قال الأسنوي: لم يصرح بها في الروضة ولا في أصلها، وقال السبكي: إن الامر فيها كما يفهمه إطلاق الكتاب.
ولو وقف مكانا وأقر به لمدع له غرم قيمته لإحالته بينه وبينه بوقفه، فإن أنكر وصالح عنه أجنبي جاز الصلح لأنه بذل مال في قربة. ولو صالح متلف العين مالكها نظر، فإن كان بأكثر من قيمتها من جنسها أو بمؤجل لم يصح الصلح لأن الواجب قيمة المتلف حالة فلم يصح الصلح على أكثر منها ولا على مؤجل لما في ذلك من الربا، وإن كان بأقل من قيمتها أو بأكثر بغير جنسها جاز لفقد المانع. ولو أقر بمحصل فصالح عنه وهما يعرفانه صح الصلح وإن لم يسمه أحد منهما، كما لو قال: بعتك الشئ الذي أعرفه أنا وأنت. ولو وكل المنكر في الصلح عنه أجنبيا جاز كما قاله أبو العباس وجرى عليه ابن المقري، لأن الانكار حرام للكذب والاضرار، فإن أراد إزالة الضرر جاز كمن أذنب ذنبين وأراد التوبة من أحدهما، وكالوارث يجهل أمر التركة فله التوكيل في الصلح لإزالة الشبهة عنه، وقيل: لا يجوز، وجرى عليه أبو إسحق، لأنه مع الانكار ألجأ إلى بيعه منه، ولا يحل لاحد أن يلجئ غيره إلى بيع ماله، وإنكار حق الغير حرام، فلو بذل للمنكر مالا ليقر بالمدعى ففعل لم يصح الصلح لبنائه على فاسد ولا يلزم المال وبذله لذلك وأخذه حرام، ولا يكون مقرا بذلك في أحد وجهين يظهر ترجيحه كما جزم به ابن كج وغيره.
فصل: في التزاحم على الحقوق المشتركة: (الطريق النافذ) بمعجمة، ويعبر عنه بالشارع، وقيل: بينه وبين الطريق اجتماع وافتراق لأنه مختص بالبنيان ولا يكون إلا نافذا، والطريق يكون ببنيان وصحراء ونافذا وغير نافذ ويذكر ويؤنث. (لا يتصرف فيه) بالبناء للمفعول، (بما يضر المارة) في مرورهم فيه، لأن الحق فيه للمسلمين كافة. وتعبير المصنف بما يضر أولى من قول المحرر:
بما يبطل المرور لأن كل ما أبطل المرور ضر بخلاف العكس، فعبارة المصنف أعم، نبه عليه في الدقائق. (و) على هذا (لا يشرع) أي يخرج، (فيه جناح) أي روشن، (ولا ساباط) أي سقيفة على حائطين والطريق بينهما (يضرهم) أي كل من الجناح والساباط لما تقدم، (بل يشترط ارتفاعه) أي كل منهما، (بحيث يمر تحته) الماشي (منتصفا) من غير احتياج إلى أن يطأطئ رأسه، لأن ما يمنع ذلك إضرار حقيقي. ويشترط مع هذا أن يكون على رأسه الحمولة العالية كما قاله الماوردي، وأن لا يظلم الموضع كما اقتضاه كلام الشافعي وأكثر الأصحاب، ولا عبرة بالاظلام الخفيف. ولو أحوج الاشراع إلى وضع الرمح على كتف الراكب بحيث لا يتأتى نصبه لم يضر لأن وضعه على كتفه لا ضرر فيه. (وإن كان ممر الفرسان والقوافل فليرفعه بحيث يمر تحته المحمل) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية. (على البعير مع أخشاب المظلة) بكسر الميم - كما في الدقائق - فوق المحمل، لأن ذلك قد يتفق وإن كان نادرا.
والأصل في جواز ذلك أنه (ص) نصب بيده ميزابا في دار عمه العباس رواه الإمام أحمد والبيهقي، وقال:
إن الميزاب كان شارعا لمسجده (ص). ولو كان له داران في جانبي الشارع، فحفر تحت الطريق سردابا من إحداهما إلى الأخرى وأحكم أزجه بحيث يؤمن الانهيار لم يمنع، لأنه لا فرق بين أن يرتفق بهذا الطريق أو بما تحته من غير ضرر على
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429