مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٣٨
كتاب الاقرار هو لغة الاثبات، من قولهم: قر الشئ يقر قرارا إذا ثبت، وشرعا: إخبار عن حق ثابت على المخبر، فإن كان بحق له على غيره فدعوى، أو لغيره على غيره فشهادة: هذا إذا كان خاصا، فإن اقتضى شيئا عاما فإن كان عن أمر محسوس فهو الرواية، وإن كان عن حكم شرعي فهو الفتوى. ويسمى الاقرار اعترافا أيضا. والأصل فيه قبل الاجماع قوله تعالى:
* (أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري) * أي عهدي * (قالوا أقررنا) *، وقوله تعالى: * (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم) *، قال المفسرون: شهادة المرء على نفسه هو الاقرار. وخبر الصحيحين: اغديا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها.
والقياس، لأنا إذا قبلنا الشهادة على الاقرار فلان نقبل الاقرار أولى. وأجمعت الأمة على المؤاخذة به. وأركانه أربعة:
مقر ومقر له وصيغة ومقر به، وقد بدأ المصنف منها بالأول فقال: (ويصح من مطلق التصرف) وهو المكلف الذي لا حجر عليه، ويعتبر فيه أيضا الاختيار، وأن لا يكذبه الحس ولا الشرع كما سيأتي. (و) على هذا (إقرار الصبي والمجنون) والمغمى عليه، ومن زال عقله بعذر كشرب دواء وإكراه على شرب خمر، (لاغ) لامتناع تصرفهم. وسيأتي حكم السكران إن شاء الله تعالى في كتاب الطلاق.
تنبيه: الأصل أن من قدر على الانشاء قدر على الاقرار، ومن لا فلا. واستثني من الأول إقرار الوكيل بالتصرف إذا أنكره الموكل فلا ينفذ وإن أمكنه إنشاؤه، ومن الثاني إقرار المرأة بالنكاح، والمجهول بحريته أو رقه وبنسبه، والمفلس ببيع الأعيان، والأعمى بالبيع ونحوه، والوارث بدين على مورثه، والمريض بأن كان وهب وارثه وأقبضه في الصحة، فكل من هؤلاء يصح إقرارهم بما ذكر ولا يمكنهم إنشاؤه. قال ابن عبد السلام: قولهم من ملك الانشاء ملك الاقرار هو في الظاهر، وأما في الباطن فبالعكس، أي لأنه إذا ملكه باطنا فهو ملكه، فليس له أن يقر به لغيره. (فإن ادعى) الصبي أو الصبية (البلوغ بالاحتلام) أو ادعته الصبية بالحيض (مع الامكان) له بأن كان في سن يحتمل البلوغ، وقد مر بيان زمن الامكان في بابي الحيض والحجر، (صدق) في ذلك لأنه لا يعرف إلا من جهته، والمراد بالاحتلام الانزال في يقظة أو منام.
(ولا يحلف) عليه، وإن فرض ذلك في خصومة وادعى خصمه صباه ليفسد معاملته، لأنه إن كان صادقا فلا حاجة إلى اليمين، وإلا فلا فائدة فيها لأن يمين الصبي غير منعقدة. ولو طلب غاز سهمه من المقاتلة وادعى البلوغ بالاحتلام وجب تحليفه إن اتهم وأخذ السهم. فإن لم يحلف لم يعط شيئا. فإن قيل: هذه الصورة تشكل على ما قبلها. أجيب بأن الكلام فيما مر في وجود البلوغ في الحال، وفي هذه في وجوده فيما مضى لأن صورتها أن تنازع الصبي بعد انقضاء الحرب في بلوغه حال الحرب.
لكن يشكل على هذا ما لو طلب إثبات اسمه في الديوان فإنه يحلف، والأولى في الجواب كما أفاده شيخي أن يقال: إن لم يرده مزاحمة غيره في حقه كطلب السهم وإن لم يثبت له استحقاقا كطلب إثبات اسمه في الديوان لم يحلف وإلا حلف. وإذا لم يحلف فبلغ مبلغا يقطع فيه ببلوغه، قال الإمام: فالظاهر أيضا أنه لا يحلف على أنه كان بالغا حينئذ، لأنا إذا حكمنا بموجب قوله، فقد أنهينا الخصومة نهايتها. وأقره الرافعي في الشرح الكبير، وجزم به في الشرح الصغير من غير عزو. (وإن ادعاه بالسن) بأن قال: استكملت خمس عشرة سنة، (طولب ببينة) عليه وإن كان غريبا لامكانها. ولو أطلق الاقرار بالبلوغ ولم يعين نوعا ففي تصديقه وجهان في فتاوى القاضي: أوجههما كما اختاره الأذرعي الاستفسار، أي أمكن وإلا فالقبول، وكذا إذا أطلقت البينة، فإن قالت بالسن فلا بد من بيان قدره لأن البلوغ به مختلف فيه، نبه عليه شيخي. ولو أقر الرشيد بإتلافه مالا في صغره قبل كما لو قامت به
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429