مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٦٥
المصراة بجامع التدليس. وقضية إطلاقه أنه لا فرق في ذلك بين العبد والأمة، وهو الظاهر كما قاله الأذرعي، وإن كان في الروضة وأصلها إنما ذكراه في الجارية، لأن الجعودة كما قال الماوردي ومرت الإشارة إليه تدل على قوة البدن، والسبوطة تدل على ضعفه. تنبيه: قضية تعبيره بالحبس والتحمير والتجعيد والتسويد أن ذلك محله إذا كان بفعل البائع أو بمواطأته، وبه صرح ابن الرفعة، فلو تجعد الشعر بنفسه فكما لو تحفلت بنفسها. قال الأسنوي: وتجعيد الشعر من زيادات الكتاب على المحرر. ولعل نسخة المحرر التي اطلع عليها ليس فيها ذلك وإلا فهي في كثير من نسخه كما قاله غيره. (لا لطخ ثوبه) أي الرقيق بمداد، (تخييلا لكتابته) فظهر كونه غير كاتب فلا رد له، (في الأصح) إذ ليس فيه كبير غرر، لأن الاستدلال به على الكتابة ضعيف، فإنه ربما لبس ثوب غيره أو أصابه ذلك من حمل دواة ولأنه مقصر بعدم امتحانه والسؤال عنه. والثاني: يثبت له الرد نظرا لمطلق التدليس. ويجري الخلاف في إلباسه ثوبا مختصا بحرفة كثياب الخبازين أو غيرهم من أرباب الصنائع، كما لو اشترى زجاجة يظنها جوهرة بثمن كثير أو باع جوهرة يظنها زجاجة بمال قليل فإنه لا خيار في الأولى للمشتري ولا للبائع في الثانية. وظاهر إطلاقهم أن هذا ليس بحرام بخلاف التصرية كما أشار إليه الماوردي، ولو قيل بحرمته لم يبعد كما قاله بعض المتأخرين، لأن الضرر الحاصل بالتصرية يرتفع عن المشتري بإثبات الخيار بخلاف هذا.
خاتمة: سكت المصنف رحمه الله تعالى عن الفسخ بالإقالة وهو جائز، ويسن إقالة النادم، لخبر: من أقال نادما أقال الله عثرته رواه أبو داود، وصيغتها: تقايلنا أو تفاسخنا، أو يقول أحدهما: أقلتك فيقول الآخر: قبلت، وما أشبه ذلك. وهي فسخ في أظهر القولين، والفسخ من الآن، وقيل: من أصله. ويترتب على ذلك الزوائد الحادثة، وتجري في السلم وفي المبيع قبل القبض. وللورثة الإقالة بعد موت المتعاقدين، وتجوز في بعض المبيع وفي بعض المسلم فيه إذا كان ذلك البعض معينا. وإذا اختلفا في الثمن بعد الإقالة صدق البائع على الأصح، وإن اختلفا في وجود الإقالة صدق منكرها، وذكرت بقية أحكامها في شرح التنبيه. ولو وهب البائع الثمن المعين بعد قبضه للمشتري ثم وجد المشتري بالمبيع عيبا فهل ل‍ رده على البائع؟ فيه وجهان، أحدهما: لا، لخلوه عن الفائدة، والثاني وهو الظاهر: نعم، وفائدته الرجوع على البائع ببدل الثمن كنظيره في الصداق، وبه جزم ابن المقري ثم. ولو اشترى ثوبا وقبضه وسلم ثمنه ثم وجد بالثوب عيبا قديما فرده فوجد الثمن معيبا ناقص الصفة بأمر حادث عند البائع أخذه ناقصا ولا شئ له بسبب النقص، وعلم مما مر ومما سيأتي أن أسباب الفسخ كما قال الشيخان سبعة: خيار المجلس، والشرط، والخلف للشرط المقصود، والعيب، والإقالة كما مر بيانها، والتخالف، وهلاك المبيع قبل القبض كما سيأتي. وبقي من أسباب الفسخ أشياء، وإن علمت من أبوابها وأمكن رجوع بعضها إلى السبعة فمنها إفلاس المشتري وتلقي الركبان وغيبة مال المشتري إلى مسافة القصر وبيع المريض محاباة لوارث أو أجنبي بزائد على الثلث ولم يجز الوارث.
باب: في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده، وأحكام القبض والتنازع في البداءة بالتسليم والتصرف في ماله تحت يد غيره مع ما يتعلق بذلك.
(المبيع قبل قبضه من ضمان البائع) بمعنى انفساخ البيع بتلفه وثبوت الخيار بتعيبه وبإتلاف الأجنبي له لبقاء سلطنته عليه، سواء أعرضه على المشتري فلم يقبله أم لا، نعم إن وضعه بين يديه عند امتناعه برئ في الأصح كما في الروضة وأصلها في الكلام على حقيقة القبض، لكن لو خرج مستحقا ولم يقبضه المشتري لم يكن للمستحق مطالبته، وكذا لو باعه قبل نقله فنقله المشتري الثاني فليس للمستحق مطالبة المشتري الأول. قال الامام: وإنما يكون الوضع بين يدي المشتري قبضا في الصحيح
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429