المصراة بجامع التدليس. وقضية إطلاقه أنه لا فرق في ذلك بين العبد والأمة، وهو الظاهر كما قاله الأذرعي، وإن كان في الروضة وأصلها إنما ذكراه في الجارية، لأن الجعودة كما قال الماوردي ومرت الإشارة إليه تدل على قوة البدن، والسبوطة تدل على ضعفه. تنبيه: قضية تعبيره بالحبس والتحمير والتجعيد والتسويد أن ذلك محله إذا كان بفعل البائع أو بمواطأته، وبه صرح ابن الرفعة، فلو تجعد الشعر بنفسه فكما لو تحفلت بنفسها. قال الأسنوي: وتجعيد الشعر من زيادات الكتاب على المحرر. ولعل نسخة المحرر التي اطلع عليها ليس فيها ذلك وإلا فهي في كثير من نسخه كما قاله غيره. (لا لطخ ثوبه) أي الرقيق بمداد، (تخييلا لكتابته) فظهر كونه غير كاتب فلا رد له، (في الأصح) إذ ليس فيه كبير غرر، لأن الاستدلال به على الكتابة ضعيف، فإنه ربما لبس ثوب غيره أو أصابه ذلك من حمل دواة ولأنه مقصر بعدم امتحانه والسؤال عنه. والثاني: يثبت له الرد نظرا لمطلق التدليس. ويجري الخلاف في إلباسه ثوبا مختصا بحرفة كثياب الخبازين أو غيرهم من أرباب الصنائع، كما لو اشترى زجاجة يظنها جوهرة بثمن كثير أو باع جوهرة يظنها زجاجة بمال قليل فإنه لا خيار في الأولى للمشتري ولا للبائع في الثانية. وظاهر إطلاقهم أن هذا ليس بحرام بخلاف التصرية كما أشار إليه الماوردي، ولو قيل بحرمته لم يبعد كما قاله بعض المتأخرين، لأن الضرر الحاصل بالتصرية يرتفع عن المشتري بإثبات الخيار بخلاف هذا.
خاتمة: سكت المصنف رحمه الله تعالى عن الفسخ بالإقالة وهو جائز، ويسن إقالة النادم، لخبر: من أقال نادما أقال الله عثرته رواه أبو داود، وصيغتها: تقايلنا أو تفاسخنا، أو يقول أحدهما: أقلتك فيقول الآخر: قبلت، وما أشبه ذلك. وهي فسخ في أظهر القولين، والفسخ من الآن، وقيل: من أصله. ويترتب على ذلك الزوائد الحادثة، وتجري في السلم وفي المبيع قبل القبض. وللورثة الإقالة بعد موت المتعاقدين، وتجوز في بعض المبيع وفي بعض المسلم فيه إذا كان ذلك البعض معينا. وإذا اختلفا في الثمن بعد الإقالة صدق البائع على الأصح، وإن اختلفا في وجود الإقالة صدق منكرها، وذكرت بقية أحكامها في شرح التنبيه. ولو وهب البائع الثمن المعين بعد قبضه للمشتري ثم وجد المشتري بالمبيع عيبا فهل ل رده على البائع؟ فيه وجهان، أحدهما: لا، لخلوه عن الفائدة، والثاني وهو الظاهر: نعم، وفائدته الرجوع على البائع ببدل الثمن كنظيره في الصداق، وبه جزم ابن المقري ثم. ولو اشترى ثوبا وقبضه وسلم ثمنه ثم وجد بالثوب عيبا قديما فرده فوجد الثمن معيبا ناقص الصفة بأمر حادث عند البائع أخذه ناقصا ولا شئ له بسبب النقص، وعلم مما مر ومما سيأتي أن أسباب الفسخ كما قال الشيخان سبعة: خيار المجلس، والشرط، والخلف للشرط المقصود، والعيب، والإقالة كما مر بيانها، والتخالف، وهلاك المبيع قبل القبض كما سيأتي. وبقي من أسباب الفسخ أشياء، وإن علمت من أبوابها وأمكن رجوع بعضها إلى السبعة فمنها إفلاس المشتري وتلقي الركبان وغيبة مال المشتري إلى مسافة القصر وبيع المريض محاباة لوارث أو أجنبي بزائد على الثلث ولم يجز الوارث.
باب: في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده، وأحكام القبض والتنازع في البداءة بالتسليم والتصرف في ماله تحت يد غيره مع ما يتعلق بذلك.
(المبيع قبل قبضه من ضمان البائع) بمعنى انفساخ البيع بتلفه وثبوت الخيار بتعيبه وبإتلاف الأجنبي له لبقاء سلطنته عليه، سواء أعرضه على المشتري فلم يقبله أم لا، نعم إن وضعه بين يديه عند امتناعه برئ في الأصح كما في الروضة وأصلها في الكلام على حقيقة القبض، لكن لو خرج مستحقا ولم يقبضه المشتري لم يكن للمستحق مطالبته، وكذا لو باعه قبل نقله فنقله المشتري الثاني فليس للمستحق مطالبة المشتري الأول. قال الامام: وإنما يكون الوضع بين يدي المشتري قبضا في الصحيح