معلما فلا يصح الاستئجار جزما، وخرج بالكلب الخنزير فلا تصح إجارته جزما، والمتولد منهما كذلك كما قاله بعض المتأخرين، وخرج بالدراهم والدنانير الحلى فتجوز إجارته حتى بمثله من ذهب أو فضة، ولو استأجر شجرة للاستظلال بظلها أو الربط بها أو طائرا للأنس بصوته كالعندليب أو لونه كالطاوس صح لأن المنافع المذكورة مقصودة متقومة، ويصح الاستئجار في المهرة لدفع الفأر والشبكة والفهد والبازي للصيد لأن لمنافعها قيمة. ثم شرع في الشرط الثاني فقال (و) يشترط في المنفعة أيضا (كون المؤجر قادرا على تسليمها) حسا أو شرعا ليتمكن المستأجر منها، والقدرة على التسليم تشتمل ملك الأصل وملك المنفعة فيدخل المستأجر فله إجار ما استأجره، وكذا للمقطع أيضا إجارة ما أقطعة له الإمام كما في فتاوى المصنف قال: لأنه مستحق لمنفعة، وخالف في ذلك الشيخ تاج الدين الفزاري وجماعة من علماء عصره فأفتوا بالبطلان، فإن المقطع لم يملك المنفعة وإنما أبيح له الانتفاع بها كالمستعير، والأولى كما قال الزركشي التفصيل بين أن يأذن له الإمام في الإيجاز أو يجرى عرف عام كديار مصر فيصح وإلا فيمتنع، وعلى اشتراط القدرة (فلا يصح استئجار آبق ومغصوب) لغير من هما في يده ولا يقدر على انتزاع المغصوب عقب العقد. أما الغاصب أو القادر على انتزاع المغصوب عقب العقد أو من وقع الآبق في يده الاستئجار منه.
(تنبيه) يؤخذ من اشتراط القدرة على تسليم المنفعة أو لا يصح استئجار العبد المنذور عتقه أو المشروط عتقه على المشترى، وبه صرح في المجموع (و) لا يصح استئجار (أعمى) إجارة عين (للحفظ) فيما يحتاج للنظر ولا أخرس للتعليم. أما لو استأجر واحد منهما لحفظ شئ لحفظ شئ بيده أو جلوسه خلف باب للحراسة ليلا فإنه يصح، وخرج بإجارة العين إجارة الذمة فيصح منها مطلقا لأنها سلم، وعلى المسلم إليه تحصيل المسلم فيه بأي طريق كان، ولا استئجار غير القارئ لتعليم القرآن في إجارة العين، ولو اتسعت المدة ليعلمه قبل تعليمه، لأن المنفعة مستحقة من عينه والعين لا تقبل التأجيل بخلافها في إجارة الذمة لأنها سلم في المنافع كما مر (و) لا استئجار (أرض للزراعة له دائم) أي مستمر (ولا يكفيها المطر المعتاد) ولا ما في معناة كثلج ونداوة ولا تسقى بماء غالب الحصول لعدم القدرة على التسلم، ومجرد الامكان لا يكفي كإمكان عود الآبق والمغصوب. نعم لو قال المكرى أنا أحفر لك بئرا وأسقى أرضك منها أو أسوق الماء إليها من موضع آخر صحت الإجارة كما قاله الروياني. أما لو استأجرها للسكنى فإنه يصح، وإن كانت بمحل لا يصلح لها كالمفازة (يجوز) استئجارها للزراعة (إن كان لها ماء دائم) من عين أو بئر أو نهر ولو صغيرا (وكذا) يجوز (إن كفاها المطر المعتاد أو ماء الثلوج المجتمعة) في نحو جبل (والغالب حصولها في الأصح) لأن الظاهر حصول الغالب، والثاني لا يجوز لعدم الوثوق بحصول ما ذكر، يجوز استئجار أراضي مصر للزراعة بعد ريها بالزيادة، وكذا قبله على الأصح إن كانت تروى من الزيادة الغالبة كخمسة عشر ذراعا فما دونها كما نقله في الكفاية عن أبي الطيب وابن الصباغ واقتضاه كلام الشيخين، وقال السبكي: وما يروى من خمسة عشر كالموثوق به عادة ومار يروى من ستة عشر وسبعة عشر غالب الحصول وإن كان الاجتماع متطرقا إلى الستة عشر قليلا وإلى السبعة عشر كثيرا اه بل الغالب في زماننا وصول الزيادة إلى السبعة عشر والثمانية عشر، ويصح استئجار الأرض للزراعة انحسار الماء عنها وإن سترها عن الروية، لأن الماء من مصلحتها كاستتار الجوز واللوز بالقشر. فإن قيل ينبغي دم الصحة، لأن الانتفاع عقب العقد شرط والماء يمنعه. أجيب بأن الماء من مصالح الزرع وبأن صرفه ممكن في الحال بفتح موضع ينصب إليه فيتمكن من الزرع حالا كاستئجار دار مشحونة بأمتعة يمكن نقلها في زمن لا أجرة له، هذا إن وثق بانحسار وقت الزراعة وإلا فلا يصح، وإن كانت الأرض على شط نهر، والظاهر أنه يغرقها وتنهار في الماء لم يصح استئجار ها لعدم القدرة على تسليمها، وإن احتمله ولم يظهر جاز لأن الأصل والغالب السلامة، وإن استأجرها أرضا للزراعة وأطلق دخل فيها شربها إن اعتيد