مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٣٦
معلما فلا يصح الاستئجار جزما، وخرج بالكلب الخنزير فلا تصح إجارته جزما، والمتولد منهما كذلك كما قاله بعض المتأخرين، وخرج بالدراهم والدنانير الحلى فتجوز إجارته حتى بمثله من ذهب أو فضة، ولو استأجر شجرة للاستظلال بظلها أو الربط بها أو طائرا للأنس بصوته كالعندليب أو لونه كالطاوس صح لأن المنافع المذكورة مقصودة متقومة، ويصح الاستئجار في المهرة لدفع الفأر والشبكة والفهد والبازي للصيد لأن لمنافعها قيمة. ثم شرع في الشرط الثاني فقال (و) يشترط في المنفعة أيضا (كون المؤجر قادرا على تسليمها) حسا أو شرعا ليتمكن المستأجر منها، والقدرة على التسليم تشتمل ملك الأصل وملك المنفعة فيدخل المستأجر فله إجار ما استأجره، وكذا للمقطع أيضا إجارة ما أقطعة له الإمام كما في فتاوى المصنف قال: لأنه مستحق لمنفعة، وخالف في ذلك الشيخ تاج الدين الفزاري وجماعة من علماء عصره فأفتوا بالبطلان، فإن المقطع لم يملك المنفعة وإنما أبيح له الانتفاع بها كالمستعير، والأولى كما قال الزركشي التفصيل بين أن يأذن له الإمام في الإيجاز أو يجرى عرف عام كديار مصر فيصح وإلا فيمتنع، وعلى اشتراط القدرة (فلا يصح استئجار آبق ومغصوب) لغير من هما في يده ولا يقدر على انتزاع المغصوب عقب العقد. أما الغاصب أو القادر على انتزاع المغصوب عقب العقد أو من وقع الآبق في يده الاستئجار منه.
(تنبيه) يؤخذ من اشتراط القدرة على تسليم المنفعة أو لا يصح استئجار العبد المنذور عتقه أو المشروط عتقه على المشترى، وبه صرح في المجموع (و) لا يصح استئجار (أعمى) إجارة عين (للحفظ) فيما يحتاج للنظر ولا أخرس للتعليم. أما لو استأجر واحد منهما لحفظ شئ لحفظ شئ بيده أو جلوسه خلف باب للحراسة ليلا فإنه يصح، وخرج بإجارة العين إجارة الذمة فيصح منها مطلقا لأنها سلم، وعلى المسلم إليه تحصيل المسلم فيه بأي طريق كان، ولا استئجار غير القارئ لتعليم القرآن في إجارة العين، ولو اتسعت المدة ليعلمه قبل تعليمه، لأن المنفعة مستحقة من عينه والعين لا تقبل التأجيل بخلافها في إجارة الذمة لأنها سلم في المنافع كما مر (و) لا استئجار (أرض للزراعة له دائم) أي مستمر (ولا يكفيها المطر المعتاد) ولا ما في معناة كثلج ونداوة ولا تسقى بماء غالب الحصول لعدم القدرة على التسلم، ومجرد الامكان لا يكفي كإمكان عود الآبق والمغصوب. نعم لو قال المكرى أنا أحفر لك بئرا وأسقى أرضك منها أو أسوق الماء إليها من موضع آخر صحت الإجارة كما قاله الروياني. أما لو استأجرها للسكنى فإنه يصح، وإن كانت بمحل لا يصلح لها كالمفازة (يجوز) استئجارها للزراعة (إن كان لها ماء دائم) من عين أو بئر أو نهر ولو صغيرا (وكذا) يجوز (إن كفاها المطر المعتاد أو ماء الثلوج المجتمعة) في نحو جبل (والغالب حصولها في الأصح) لأن الظاهر حصول الغالب، والثاني لا يجوز لعدم الوثوق بحصول ما ذكر، يجوز استئجار أراضي مصر للزراعة بعد ريها بالزيادة، وكذا قبله على الأصح إن كانت تروى من الزيادة الغالبة كخمسة عشر ذراعا فما دونها كما نقله في الكفاية عن أبي الطيب وابن الصباغ واقتضاه كلام الشيخين، وقال السبكي: وما يروى من خمسة عشر كالموثوق به عادة ومار يروى من ستة عشر وسبعة عشر غالب الحصول وإن كان الاجتماع متطرقا إلى الستة عشر قليلا وإلى السبعة عشر كثيرا اه‍ بل الغالب في زماننا وصول الزيادة إلى السبعة عشر والثمانية عشر، ويصح استئجار الأرض للزراعة انحسار الماء عنها وإن سترها عن الروية، لأن الماء من مصلحتها كاستتار الجوز واللوز بالقشر. فإن قيل ينبغي دم الصحة، لأن الانتفاع عقب العقد شرط والماء يمنعه. أجيب بأن الماء من مصالح الزرع وبأن صرفه ممكن في الحال بفتح موضع ينصب إليه فيتمكن من الزرع حالا كاستئجار دار مشحونة بأمتعة يمكن نقلها في زمن لا أجرة له، هذا إن وثق بانحسار وقت الزراعة وإلا فلا يصح، وإن كانت الأرض على شط نهر، والظاهر أنه يغرقها وتنهار في الماء لم يصح استئجار ها لعدم القدرة على تسليمها، وإن احتمله ولم يظهر جاز لأن الأصل والغالب السلامة، وإن استأجرها أرضا للزراعة وأطلق دخل فيها شربها إن اعتيد
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429