مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٤٤
الغرم للحيلولة. وقوله: (وأنه يغرم الأقل من قيمة العبد وأرش الجناية) كجناية أم الولد لامتناع البيع، يقتضي أن الخلاف وجهان، وهو طريقان: أصحهما القطع بذلك. والثانية: قولان كما في فداء العبد الجاني، أظهرهما بالأقل من قيمته وأرش الجناية، وثانيهما الأرش بالغا ما بلغ، فكان ينبغي التعبير بالمذهب. وقوله: (وأنه لو نكل المرتهن ردت اليمين على المجني عليه) لأن الحق له (لا على الراهن) لأنه لم يدع لنفسه شيئا، يقتضي أيضا أنهما وجهان. والأصح أن الخلاف قولان: أصحهما ما مر، والثاني: ترد على الراهن لأنه المالك والخصومة تجري بينه وبين المرتهن. (فإذا حلف) المردود عليه منهما (بيع) العبد (في الجناية) إن استغرقت الجناية قيمته، وإلا بيع منه بقدرها، ولا يكون الباقي رهنا لثبوت الجناية باليمين المردودة، ولا خيار للمرتهن في فسخ البيع المشروط فيه لأنه الذي فوته بنكوله . (ولو أذن) المرتهن (في بيع المرهون فبيع) وقال: رجعت عن الاذن وأنكر الراهن رجوعه، فالقول قول الراهن بيمينه، لأن الأصل عدم الرجوع. (و) لو (رجع عن الاذن وقال) بعد البيع: (رجعت قبل البيع وقال الراهن:) بل (بعده، فالأصح تصديق المرتهن) بيمينه، لأن الأصل عدم البيع والرجوع في الوقت المدعى إيقاع كل منهما فيه، فيتعارضان فيه ويبقى الرهن. والثاني: يصدق الراهن لأنه أعرف بوقت بيعه وقد سلم له المرتهن الاذن. والثالث: قول السابق منهما، وهو الصحيح في نظيره من الرجعة، وفي اختلاف الوكيل والموكل في أن العزل قبل البيع أو بعده.
(ومن عليه ألفان) مثلا (بأحدهما رهن) أو كفيل أو هو ثمن مبيع محبوس به والآخر خال عن ذلك، (فأدى ألفا وقال أديته عن ألف الرهن) أو نحوه مما (صدق بيمينه) لأنه أعلم بقصده وكيفية أدائه، سواء اختلفا في نيته أم لفظه. فالعبرة في جهة الأداء بقصد المؤدي حتى يبرأ بقصده الوفاء ويملكه المديون وإن ظن الدائن إيداعه، وكما أن العبرة في ذلك بقصده فكذا الخيرة فيه إليه ابتداء إلا فيما إذا كان على المكاتب دين معاملة، فإذا أراد الأداء عن دين الكتابة والسيد الأداء عن دين المعاملة، فيجاب السيد كما سيأتي إن شاء الله تعالى في باب الكتابة، وتفارق غيرها مما ذكر بأن دين الكتابة فيها معرض للسقوط بخلاف غيرها. وإنما اعتبر قصد المكاتب عند عدم التعرض للجهة لتقصير السيد بعدم التعيين ابتداء. (وإن لم ينو) حال الدفع (شيئا جعله عما شاء) منهما، كما في زكاة المالين الحاضر والغائب. (وقيل: يقسط) عليهما لعدم أولوية أحدهما على الآخر. والتقسيط قيل على قدر الدينين كما جزم به الامام، وقيل بالتسوية كما جزم به صاحب البيان وغيره، وهو أوجه كما رجحه بعض المتأخرين فيما لو دفع المال عنهما فإنه يقسط عليهما. ولو مات قبل التعين قام وارثه مقامه كما أفتى به السبكي فيما إذا كان بأحدهما كفيل، قال: فإن تعذر ذلك جعله بينهما نصفين.
وإذا عين فهل ينفك الرهن من وقت اللفظ أو التعيين؟ يشبه أن يكون كما في الطلاق المبهم. ولو تبايع مشركان درهما بدرهمين وسلم من التزم الزيادة درهما ثم أسلما، فإن قصد بتسليمه الزيادة لزمه برئ ولا شئ عليه، وإن قصدهما وزع عليهما وسقط باقي الزيادة ولو لم يقصد الأصل، وإن قصد الأصل شيئا عينه لما شاء منهما.
فصل: في تعلق الدين بالتركة: (من مات وعليه دين تعلق بتركته) المنتقلة إلى الوارث مع وجود الدين كما سيأتي. (تعلقه بالمرهون) لأنه أحوط للميت، إذ يمتنع على هذا تصرف الوارث فيه جزما بخلاف إلحاقه بالجناية فإنه يأتي فيه الخلاف في البيع. واغتفر هنا جهالة المرهون به لكونه من جهة الشرع. (وفي قول كتعلق الأرش بالجاني) لأنه ثبت من غير اختيار المالك، وقيل: كحجر الفلس، واختاره في المطلب، وهو قول الفوراني والامام للتسوية بينه وبين
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429