مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٠
وأما المباح فغالب البيوع. فرع: المقبوض بشراء فاسد لفقد شرط أو لشرط فاسد يضمنه المشتري ضمان الغصب، لأنه مخاطب كل لحظة.
فإن كان تالفا لزمه رد مثله إن كان مثليا وأقصى قيمه إن كان متقوما، وإن كان باقيا فعليه رده ومؤنة الرد، وليس له حبسه لاسترداد الثمن، ولا يتقدم به على الغرماء كالرهن الفاسد، وإن أنفق عليه لم يرجع على البائع بما أنفق، ولو جهل الفساد. وإن كان المشتري جارية ووطئها لم يحد وإن علم الفساد إلا إذا علمه. والثمن ميتة أو دم أو نحو ذلك مما لا يملك به أصلا بخلاف ما إذا كان الثمن نحو خمر كخنزير، لأن الشراء به يفيد الملك عند أبي حنيفة. وحيث لا حد يجب المهر، فإن كانت بكرا فمهر بكر قياسا على النكاح الفاسد وأرش بكارة لاتلافها بخلافه في النكاح الفاسد، لأن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه. وأرش البكارة مضمون في صحيح البيع دون صحيح النكاح، لأن المشتري إذا اطلع على عيب بعد زوال البكارة لم يكن له الرد بغير أرش البكارة، بخلاف ما لو طلقها بعد زوال بكارتها لا شئ عليه. ولا ينافي هذا ما قالوه في الغصب من أنه لو اشترى بكرا مغصوبة ووطئها جاهلا أنه يلزمه مع أرش البكارة مهر ثيب لوجود العقد المختلف في حصول الملك به هنا كما في النكاح الفاسد بخلافه ثم. ولو حذف العاقدان المفسد للعقد ولو في مجلس الخيار لم ينقلب صحيحا إذ لا عبرة بالفاسد بخلاف ما إذا ألحقا شرطا فاسدا أو صحيحا في مجلس الخيار، فإنه يلحق العقد، لأن مجلس العقد كالعقد.
فصل: في تفريق الصفقة وتعددها وتفريقها ثلاثة أقسام، لأنه إما في الابتداء أو في الدوام أو في اختلاف الأحكام، وتأتي في كلامه على هذا الترتيب. وقد شرع في القسم الأول منها فقال: لو (باع) في صفقة واحدة حلا وحرما، كأن باع مذكاة وميتة، أو (خلا وخمرا) أو شاة وخنزيرا، (أو عبده وحرا، أو) عبده (عبد غيره، أو مشتركا بغير إذن) الشريك (الآخر صح) البيع (في ملكه) من الخل والمذكاة والشاة وعبده وحصته من المشترك، وبطل في غيره (في الأظهر) إعطاء لكل منهما حكمه. والثاني: يبطل فيهما. وفي علته وجهان: أحدهما الجمع بين حلال وحرام، لقول ابن عباس: ما اجتمع حرام وحلال إلا وغلب الحرام الحلال. والثاني: جهالة العوض الذي يقابل الحلال. ويستفاد من تمثيل المصنف بالمشترك أن العلة الصحيحة هي الأولى، لأن الحصة من الثمن معلومة، وجرى على ذلك في المجموع. فإن قيل: ما صححه المصنف تبعا للرافعي خلاف مذهب الشافعي، فإنه إذا كان للمجتهد في المسألة قولان وعلم المتأخر منهما كان الأول مرجوعا عنه فيكون مذهبه هو الثاني، وقد رجع الشافعي عن القول بالصحة، كذا ذكره الربيع في الام، وعبر بقوله إن البطلان هو آخر قوليه. قال الأسنوي: وهي دقيقة غفلوا عنها. وقال الأذرعي: إذا كان راوي المذهب قد شهد بذلك ففي النفس حزازة من ترجيح الصحة، مع ذلك أجيب بأن قول الربيع إن البطلان آخر قوليه يحتمل أن يكون آخرهما في الذكر لا في الفتوى، وإنما يكون المتأخر مذهب الشافعي إذا أفتى به، أما إذا ذكره في مقام الاستنباط والترجيح ولم يصرح بالرجوع عن الأول فلا مع أن هذه اللفظة، وهي آخر قوليه، يحتمل أنها كانت أحد قوليه بالدال فقصرت فقرئت بالراء.
تنبيه: قول المصنف: بغير إذن الآخر قال الأسنوي: إنه يعود إلى المشترك فإنه مع الاذن يصح جزما، ولا يصح عوده إليه وإلى عبد الغير معا، لأنه إذا أذن له وباعه ولم يفصل الثمن لم يصح للجهل به حالة العقد، وإن فصله صح جزما، لكن ليس مما نحن فيه لأن الكلام في الصفقة الواحدة وتلك صفقتان. وقال ابن شهبة: الظاهر عوده إليهما فإنه يصدق أنه إذا أذن كان الحكم بخلاف ذلك، وهو صحيح، ومحل القول بالصحة إذا كان كل من ملكه وغيره معلوما وإلا فلا يصح، ولو كان الجهل في غير ملكه فقط لتعذر التقسيط. وعلى الأظهر (فيتخير المشتري إن جهل) الحال لضرر التبعيض، وهو كما في المطلب على الفور، لأنه خيار نقص، فإن كان عالما فلا خيار له لتقصيره،
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429