وأما المباح فغالب البيوع. فرع: المقبوض بشراء فاسد لفقد شرط أو لشرط فاسد يضمنه المشتري ضمان الغصب، لأنه مخاطب كل لحظة.
فإن كان تالفا لزمه رد مثله إن كان مثليا وأقصى قيمه إن كان متقوما، وإن كان باقيا فعليه رده ومؤنة الرد، وليس له حبسه لاسترداد الثمن، ولا يتقدم به على الغرماء كالرهن الفاسد، وإن أنفق عليه لم يرجع على البائع بما أنفق، ولو جهل الفساد. وإن كان المشتري جارية ووطئها لم يحد وإن علم الفساد إلا إذا علمه. والثمن ميتة أو دم أو نحو ذلك مما لا يملك به أصلا بخلاف ما إذا كان الثمن نحو خمر كخنزير، لأن الشراء به يفيد الملك عند أبي حنيفة. وحيث لا حد يجب المهر، فإن كانت بكرا فمهر بكر قياسا على النكاح الفاسد وأرش بكارة لاتلافها بخلافه في النكاح الفاسد، لأن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه. وأرش البكارة مضمون في صحيح البيع دون صحيح النكاح، لأن المشتري إذا اطلع على عيب بعد زوال البكارة لم يكن له الرد بغير أرش البكارة، بخلاف ما لو طلقها بعد زوال بكارتها لا شئ عليه. ولا ينافي هذا ما قالوه في الغصب من أنه لو اشترى بكرا مغصوبة ووطئها جاهلا أنه يلزمه مع أرش البكارة مهر ثيب لوجود العقد المختلف في حصول الملك به هنا كما في النكاح الفاسد بخلافه ثم. ولو حذف العاقدان المفسد للعقد ولو في مجلس الخيار لم ينقلب صحيحا إذ لا عبرة بالفاسد بخلاف ما إذا ألحقا شرطا فاسدا أو صحيحا في مجلس الخيار، فإنه يلحق العقد، لأن مجلس العقد كالعقد.
فصل: في تفريق الصفقة وتعددها وتفريقها ثلاثة أقسام، لأنه إما في الابتداء أو في الدوام أو في اختلاف الأحكام، وتأتي في كلامه على هذا الترتيب. وقد شرع في القسم الأول منها فقال: لو (باع) في صفقة واحدة حلا وحرما، كأن باع مذكاة وميتة، أو (خلا وخمرا) أو شاة وخنزيرا، (أو عبده وحرا، أو) عبده (عبد غيره، أو مشتركا بغير إذن) الشريك (الآخر صح) البيع (في ملكه) من الخل والمذكاة والشاة وعبده وحصته من المشترك، وبطل في غيره (في الأظهر) إعطاء لكل منهما حكمه. والثاني: يبطل فيهما. وفي علته وجهان: أحدهما الجمع بين حلال وحرام، لقول ابن عباس: ما اجتمع حرام وحلال إلا وغلب الحرام الحلال. والثاني: جهالة العوض الذي يقابل الحلال. ويستفاد من تمثيل المصنف بالمشترك أن العلة الصحيحة هي الأولى، لأن الحصة من الثمن معلومة، وجرى على ذلك في المجموع. فإن قيل: ما صححه المصنف تبعا للرافعي خلاف مذهب الشافعي، فإنه إذا كان للمجتهد في المسألة قولان وعلم المتأخر منهما كان الأول مرجوعا عنه فيكون مذهبه هو الثاني، وقد رجع الشافعي عن القول بالصحة، كذا ذكره الربيع في الام، وعبر بقوله إن البطلان هو آخر قوليه. قال الأسنوي: وهي دقيقة غفلوا عنها. وقال الأذرعي: إذا كان راوي المذهب قد شهد بذلك ففي النفس حزازة من ترجيح الصحة، مع ذلك أجيب بأن قول الربيع إن البطلان آخر قوليه يحتمل أن يكون آخرهما في الذكر لا في الفتوى، وإنما يكون المتأخر مذهب الشافعي إذا أفتى به، أما إذا ذكره في مقام الاستنباط والترجيح ولم يصرح بالرجوع عن الأول فلا مع أن هذه اللفظة، وهي آخر قوليه، يحتمل أنها كانت أحد قوليه بالدال فقصرت فقرئت بالراء.
تنبيه: قول المصنف: بغير إذن الآخر قال الأسنوي: إنه يعود إلى المشترك فإنه مع الاذن يصح جزما، ولا يصح عوده إليه وإلى عبد الغير معا، لأنه إذا أذن له وباعه ولم يفصل الثمن لم يصح للجهل به حالة العقد، وإن فصله صح جزما، لكن ليس مما نحن فيه لأن الكلام في الصفقة الواحدة وتلك صفقتان. وقال ابن شهبة: الظاهر عوده إليهما فإنه يصدق أنه إذا أذن كان الحكم بخلاف ذلك، وهو صحيح، ومحل القول بالصحة إذا كان كل من ملكه وغيره معلوما وإلا فلا يصح، ولو كان الجهل في غير ملكه فقط لتعذر التقسيط. وعلى الأظهر (فيتخير المشتري إن جهل) الحال لضرر التبعيض، وهو كما في المطلب على الفور، لأنه خيار نقص، فإن كان عالما فلا خيار له لتقصيره،