مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٧٣
ذلك بحضرة الولي أو من ينوب عنه كما بحثه الأذرعي، لأنه قد يتلف المال إذا خلا به، أو يدعي صرفه كاذبا، وكالزكاة في ذلك الكفارة ونحوها. ويصح نذره في الذمة بالمال لا بعين ماله، والمراد بصحة نذره فيما ذكر ثبوته في الذمة إلى ما بعد الحجر. (وإذا أحرم) حال الحجر (بحج فرض) أصلي أو قضاء أو منذور قبل الحجر وكذا بعده إذا سلكنا به مسلك واجب الشرع وهو الأصح، (أعطي الولي كفايته لثقة ينفق عليه في طريقه) ولو بأجرة، أو يخرج الولي معه كما مر في كتاب الحج خوفا من تفريطه فيه. وظاهر أن الحكم كذلك إذا أراد السفر للاحرام، وأن العمرة كالحج فيما ذكر. ولو أفسد حجه المفروض بالجماع في حال سفهه لزمه المضي فيه والقضاء ويعطيه الولي نفقة القضاء كما هو مقتضى إطلاق المصنف. ومقتضى إطلاقهم كما قال الأسنوي، أن الحج الذي استؤجر قبل الحجر على أدائه له حكم ما تقدم.
تنبيه: كان الأولى حذف اللام من الثقة، لأن أعطى يتعدى إلى مفعولين بنفسه (وإن أحرم) حال الحجر (بتطوع) من حج أو عمرة، أو بنذر بعد الحجر وسلكنا به مسلك جائز الشرع وهو الرأي المرجوح، (وزادت مؤنة سفره) لاتمام النسك، أو إتيانه (عن نفقته المعهودة) في الحضر، (فللولي منعه) من الاتمام أو الاتيان به صيانة لماله. وظاهر كلام المصنف أنه يصح إحرامه بدون إذن وليه. قال الأسنوي: وفي الفرق بينه وبين الصبي المميز نظر، وفرق السبكي بينهما باستقلال السفيه. (والمذهب أنه كمحصر فيتحلل) لأنه ممنوع من المضي. والطريق الثاني: وجهان أحدهما هذا، والثاني: لا يتحلل إلا بلقاء البيت كمن فقد زاده وراحلته. (قلت: ويتحلل بالصوم إن قلنا لدم الاحصار بدل) وهو الأظهر كما مر في الحج، (لأنه ممنوع من المال) أما إذا قلنا لا بدل له فإنه يبقى في ذمة المحصر، قال في المطلب:
ويظهر أنه يبقى في ذمة السفيه أيضا. (ولو كان له في طريقه كسب قدر زيادة المؤنة لم يجز منعه، والله أعلم) لأن الاتمام بدون التعرض للمال ممكن. قال في المطلب: وفيه نظر إذا كان عمله مقصودا بالأجرة بحيث لا يجوز له التبرع به.
قال الأذرعي: وفي النظر نظر لأنه وإن كان كذلك لا يعد مالا حاصلا، فلا يلزمه تحصيله مع غناه بخلاف المال الموجود في يد الولي. قال الغزالي: وما ذكره ابن الرفعة والأذرعي كلاهما عجيب، فإن المسألة مفروضة فيما إذا كان الكسب في طريقه فقط كما هو ظاهر عباراتهم، أما إذا أحرم بتطوع قبل الحجر ثم حجر عليه قبل إتمامه فإنه كالواجب كما ذكره في الروضة وأصلها في الحج.
فصل: فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله: (ولي الصبي أبوه) بالاجماع. ولو عبر بالصغير لكان أولى. وقال ابن حزم: إن الصبي يشمل الصبية، كما قال: إن العبد يشمل الأمة. (ثم جده) أبو الأب وإن علا كولاية النكاح، وتكفي عدالتهما الظاهرة لوفور شفقتهما فإن فسقا نزع القاضي المال منهما، كما ذكراه في باب الوصية.
وهل ينعزلان بالفسق؟ وجهان حكاهما القاضي وحسين والامام في باب العارية، وينبغي الانعزال وعليه لو فسق بعد البيع وقبل اللزوم ففي بطلانه وجهان، قال السبكي: وينبغي أن يكون أصحهما أنه لا يبطل ويثبت الخيار لمن بعده من الأولياء. ولا يعتبر إسلامهما إلا أن يكون الولد مسلما، فإن الكافر يلي ولده الكافر، لكن لو ترافعوا إلينا لم نقرهم ونلي نحن أمرهم بخلاف ولاية النكاح، لأن المقصود بولاية المال الأمانة، وهي في المسلمين أقوى، والمقصود بولاية النكاح الموالاة، وهي في الكافر أقوى، قاله الماوردي. (ثم وصيهما) أي وصى من تأخر موته منهما لأنه يقوم مقامه ، وشرطه العدالة كما سيأتي في الوصية. (ثم القاضي) أو أمينه لخبر: السلطان ولي من لا ولي له رواه الترمذي وحسنه
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429