مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٠
للتملك. ولو ضاع المغصوب من الغاصب فالتقطه إنسان جاهل بحاله، فإن أخذه للحفظ أو مطلقا فهو أمانة، وكذا إن أخذه للتملك ولم يتملك، فإن تملكه صارت يده يد ضمان. (ومتى أتلف الآخذ من الغاصب مستقلا به) أي الاتلاف، وهو من أهل الضمان، (فالقرار عليه مطلقا) أي سواء كانت يده يد ضمان أو أمانة، لأن الاتلاف أقوى من إثبات اليد العادية.
تنبيه: احترز بقوله: مستقلا عما إذا حمله الغاصب عليه، وفيه تفصيل، وهو إن كان لغرض الغاصب كذبح الشاة وطحن الحنطة فالقرار على الغاصب، أو لا لغرض كإتلاف المال فعلى المتلف لأنه حرام، أو لغرض المتلف فقد ذكره بقوله: (وإن حمله الغاصب عليه بأن قدم له طعاما مغصوبا ضيافة فأكله فكذا) القرار على الآكل (في الأظهر) لأنه المتلف وإليه عادت المنفعة. والثاني: أن القرار على الغاصب لأنه غر الآكل. وعلى الأول لو قال هو ملكي فالقرار على الآكل أيضا فلا يرجع بما غرمه على الغاصب، لكن بهذه المقالة إن غرم الغاصب لم يرجع على الآكل لأن دعواه الملك اعتراف منه بأن المالك ظلمه بتغريمه، ولا يرجع على غير من ظلمه. وإذا قدمه لعبد ولو بإذن مالكه فالاكل جناية منه يباع فيها لتعلق موجبها برقبته، فلو غرم الغاصب رجع على قيمة العبد، بخلاف ما لو قدمه لبهيمة فأكلته وغرم الغاصب فإنه لا يرجع على المالك إن لم يأذن وإلا رجع عليه. (وعلى هذا) أي الأظهر في أكل الضيف، (لو قدمه) أي الغاصب (لمالكه) أو لم يقدمه له، (فأكله) جاهلا بأنه له (برئ الغاصب) لأنه باشر إتلاف ماله باختياره. وعلى الثاني لا يبرأ لجهل المالك به. أما إذا كان عالما بأنه له فإن الغاصب يبرأ قطعا.
تنبيه: إنما يبرأ الغاصب بذلك إذا لم يعد المغصوب هالكا كالهريسة، وإلا فلا يبرأ لأن الغاصب يملكه في هذه الحالة، فهو إنما أكل مال الغاصب فيلزم الغاصب البدل للمالك، ولهذا قال الزبيري: لو غصب سمنا وعسلا ودقيقا وصنعه حلوا وقدمه لمالكه فأكله لم يبرأ قطعا لأنه بالخلط صار كالتالف وانتقل الحق إلى القيمة، ولا تسقط عندنا ببذل غيرها إلا برضا مستحقها ولو مع العلم بذلك اه‍. ويبرأ الغاصب أيضا بإعارته أو بيعه أو إقراضه للمالك ولو جاهلا بأنه له، لأنه باشر أخذ ماله باختياره لا بإيداعه ورهنه وإجارته وتزويجه منه والقراض معه فيه جاهلا بأنه له لأن التسلط فيها غير تام، بخلاف ما إذا كان عالما. والتزويج شامل للذكر والأنثى، ومحله في الأنثى ما لم يستولدها، فإن استولدها - أي وتسلمها - برئ الغاصب. ولو قال الغاصب للمالك: أعتقه عني أو أعتقه عنك فأعتقه ولو جاهلا بأنه له عتق وبرئ الغاصب كما رجحه ابن المقري، وصرح به السبكي، ويقع العتق عن المالك لا عن الغاصب على الصحيح في أصل الروضة. والأوجه معنى كما قال شيخنا أنه يقع عن الغاصب، ويكون ذلك بيعا ضمنا إن ذكر عوضا وإلا فهبة بناء على صحة البيع فيما لو باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا.
فصل: في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره: (تضمن نفس الرقيق) المغصوب (بقيمته) بالغة ما بلغت، ولو زادت على دية الحر كسائر الأموال (أتلف) بجناية (أو أتلف تحت يد عادية) بتخفيف الياء تأنيث عاد بمعنى متعد، لأنه مال متقوم فوجبت قيمته كسائر الأموال المتقومة.
تنبيه: لو قال: تحت يد ضامنة بدل عادية لكان أولى ليشمل المستام والمستعير وغيرهما ويخرج الحربي وعبد المالك، وقد يقال: إنه لما كان الباب معقودا للتعدي اختار التعبير بالعادية. (و) تضمن (أبعاضه التي لا يتقدر أرشها من الحر) كالبكارة وجرح البدن والهزال (بما نقص من قيمته) بالاجماع، تلف أو أتلف كما في سائر الحيوانات.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429