(تنبيه) لو عبر المصنف بالمذهب لكان أولى فإن في المسألة طرقا أصحها طريقة القولين (و) على الأول (لا أجرة عليه) أن المالك للخياط إذا حلف المالك لأن عمل الخياط صار حينئذ مأذون فيه (وعلى الخياط أرش النقص) لأنه إذا انتفى فالأصل الضمان، وفى الأرش الواجب وجهان أحدهما ما بين قيمته صحيحا ومقطوعا، لأنه أثبت بيمينه أنه لم يأذن في قطعه قباء. والثاني ما بين قيمته مقطوعا قميصا ومقطوعا قباء لأن أصل القطع مأذون فيه، وصحيح الأول الإمام وغيره. وقال الأسنوي إنه الأصح، وصحح الثاني جمع، واختاره السبكي وقلا لا يتجه غيره، وهذا هو المعتمد وللخياط نز خيطه وعليه أرش النزع إن حصل به نقص، وله منع المالك من شد خيط في خيط الخياطة يجره في المدروز مكانه إذا نزع لأنه تصرف في مالك غيره فلا يجوز إلا برضاه، وحيث قلنا لا أجرة للخياط له أن يدعى بها على المالك، فإن نكل ففي تجديد اليمين عليه وجهان. قال في زيادة الروضة: وينبغي أن يكون أصحهما التجديد وهذه قضية مستأنفة، ولو قال المالك للخياط إن كان هذا الثوب يكفيني قميصا فاقطعه فقطعه ولم يكفيه ضمن الأرش، لأن الإذن مشروط بما لم يوجد وإن قال له في جوابه هو يكفيك فقال اقطعه فقطعه ولم يكفه لم يضمن لأن الإذن مطلق، ولو جاء الخياط مثلا بثوب وقال للمالك هذا ثوبك فأنكره صدق الخياط بيمينه كما قاله البندنيجي، حلف فقد اعترف للمالك بشئ وهو ينكره.
(فصل) في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيهما، وقد شرع في بيان ذلك فقال (لا تنفسخ الإجارة) عينا كانت أو ذمة، ولا تفسخ (بعذر) في غير المعقود عليه المؤجر أو مستأجر، فالأول كمريض مؤجر دابة عجز عن خروجه معها الذي هو من أعمال الإجارة حيث كانت الدابة غير معينة. والثاني (كتعذر وقود حمام) على مستأجر، والوقود بفتح الواو بخطه ما يوقد به من حطب وغيره، وبضمها مصدر وقدت النار (وسفر) بفتح الفاء عرض المستأجر دار مثلا لا بسكونها كما وقع للسبكي في أنه لابد للمسافر من رفقة وهم السفر أي المسافرون يتعذر خروجهم (و) كعروض (مرض مستأجر دابة لسفر) عليها، والمعنى في الجميع أنه لا خلل في المعقود عليه والاستنابة من كل منهما ممكنة، ومحل عدم الانفساخ في غير العذر الشرعي. أما هو كمن استأجر شخصا لقلع سن مؤلمة فزال الألم فإن الإجارة تنفسخ كما مر لوائل الباب لتعذر قلعها حينئذ شرعا.
(تنبيه) يستثنى من ذلك إجارة الإمام ذميا للجهاد وتعذر لصلح حصل قبل مسير الجيش فإنه عذر للإمام يسترجع به كل الأجرة كما قاله الماوردي، وإفلاس المستأجر قبل تسليم الأجرة ومضى المدة يوجب للمؤجر الفسخ، كما أطلقه في الروضة وأصلها في باب التفليس، وعم دخول الناس الحمام المستأجر بسبب فتنة حادثة أو خراب الناحية ليس بعيب يثبت الخيار كما قاله الزركشي خلافا للروياني إذ لا خلل في المعقود عليه (ولو استأجر أرضا لزراعة فزرع فهلك الزرع بجائحة) أصابته من سيل أو شدة برد أو حر أو أكل جراد أو غير ذلك (فليس له الفسخ ولا حط شئ من الأجرة) لأن الجائح لحقت زرع المستأجر لا منفعة الأرض، فلو تلفت الأرض بجائحة أبطلت قوة الانبات انفسخت الإجارة في المدة الباقية، فلو تلف الزرع قبل تلف وتعذر إبداله قبل الانفساخ بتلفها لم يسترد من المسمى لما قبل التلف شيئا كما رجحه ابن المقرى، لأن صلاحية الأرض لو يقيت لم يكن للمستأجر فيها نفع بعد فوات الزرع، وأما بعد التلف فيسترد ما يقابله من المسمى لبطلان العقد فيه، وإن تلفت الأرض أولا استرد أجرة المستقبل وكذا الماضي كما في جواهر فيسترد ما يقابله من المسمى لبطلان العقد فيه وإن تلفت الأرض أو لا استرد أجرة المستقبل وكذا الماضي كما في جواهر القمولي وإن اقتضى كلام ابن المقرى خلافه (وتنفسخ) الإجارة (بموت الدابة والأجير المعينين) وكذا معين غير هما