مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٦٣
نقص حدث) فيمنع الرد كسائر العيوب الحادثة، إلا إن كان بزواج سابق كما مر. (وقبله جناية على المبيع قبل القبض) فيفصل فيه بين الأجنبي والبائع والمشتري والآفة السماوية. فإن كان من المشتري فلا رد له بالعيب واستقر عليه من الثمن بقدر ما نقص من قيمتها، فإن قبضها لزمه الثمن بكماله، وإن تلفت قبل قبضها لزمه قدر النقص من الثمن، أو كان من غيره وأجاز هو البيع فله الرد بالعيب. ثم إن كان زوالها من البائع أو بآفة أو بزواج سابق فهدر، أو من أجنبي فعليه الأرش إن زالت بلا وطئ أو بوطئ زنا منها، وإلا لزمه مهر بكر مثلها بلا إفراد أرش ويكون للمشتري، لكنه إن رد بالعيب سقط منه قدر الأرش. وما ذكر من وجوب مهر بكر هنا لا يخالف ما في الغصب والديات من وجوب مهر ثيب وأرش بكارة، لأن ملك المالك هنا ضعيف فلا يحتمل شيئين بخلافه ثم، ولهذا لم يفرقوا ثم بين الحرة والأمة ولا ما في آخر البيوع المنهي عنها في المبيعة بيعا فاسدا من وجوب مهر بكر وأرش لوجود العقد المختلف في حصول الملك به، ثم كما في النكاح الفاسد بخلافه فيما ذكر، أي فإن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه. وأرش البكارة مضمون في صحيح البيع دون صحيح النكاح، فيجب أرش بكارة في البيع الفاسد كما يجب في البيع الصحيح ولا يجب في النكاح الفاسد كما لا يجب في صحيحه، لأن المشتري لو أزال بكارتها بوطئ أو غيره في البيع الصحيح ثم اطلع على عيب لم يكن له الرد بغير أرش البكارة، ولو أزالها بأصبعه في النكاح الصحيح ثم طلقها لا شئ عليه، فالتشبيه من حيث أن فاسد كل عقد كصحيحه لا أن النكاح الفاسد فيه أرش بكارة كما قد يتوهم.
تتمة: من علم في السلعة عيبا لم يحل له أن يبيعها حتى يبينه حذرا من الغش، لخبر الشيخين: من غشنا فليس منا، والحديث: المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه شيئا يعلم به عيبا إلا بينه، أي فيجب على البائع أن يعلم المشتري بالعيب.
ولو حدث بعد البيع وقبل القبض فإنه من ضمانه، بل وعلى غير البائع إذا علم بالعيب أن يبينه لمن يشتريه سواء أكان المشتري مسلما أم كافرا لأنه من باب النصح، وكالعيب في ذلك كل ما يكون تدليسا. ثم شرع في الأمر الثالث وهو ما يظن حصوله بالتغرير الفعل مصرحا بحكمه فقال:
فصل: التصرية: وهي أن يترك البائع حلب الناقة أو غيرها عمدا مدة قبل بيعها ليوهم المشتري كثرة اللبن. (حرام) للتدليس على المشتري، ولخبر الصحيحين: لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك - أي النهي - فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر. وقيس بالإبل والغنم غيرهما بجامع التدليس. وتصروا بوزن تزكوا، من صر الماء في الحوض جمعه، وتسمى المصراة المحفلة أيضا بحاء مهملة وفاء مشددة من الحفل وهو الجمع، ومنه قيل للجمع محفل بفتح الميم.
تنبيه: قضية إطلاق المصنف أنه لا فرق في التحريم بين أن يقصد البيع أم لا، وبه صرح صاحب التتمة وعلله بأنه مضر للحيوان. وتعليل الرافعي بالتدليس يقتضي اختصاصه بما إذا أراد البيع، وبه صرح الدارمي، وهو محمول على ما إذا لم يحصل به ضرر. (تثبت الخيار) للجاهل بها إذا علم بها بعد ذلك للخبر السابق وهو (على الفور) كخيار العيب، (وقيل يمتد ثلاثة أيام) من العقد ولو مع العلم بها، لخبر مسلم: من اشترى (شاة) مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام وهذا ما نص عليه الشافعي رحمه الله تعالى في الاملاء كما نقله الروياني وصححه جمع كثير من الأصحاب، وقال ابن دقيق العيد في شرح العمدة إنه الصواب.
وأجاب القائلون بالأول عن الحديث بأنه محمول على الغالب، إذ التصرية لا تظهر غالبا فيما دون الثلاث، لإحالة نقص اللبن قبل تمامها على اختلاف العلف أو المأوى أو تبدل الأيدي أو غير ذلك.
تنبيه: قضية كلام المصنف عدم ثبوت الخيار إذا ترك حلبها ناسيا أو تحفلت بنفسها، وبه قطع الغزالي والحاوي الصغير لعدم التدليس، والمعتمد ثبوته كما صححه البغوي وقطع به القاضي لحصول الضرر. ولو زاد اللبن بقدر ما أشعرت به التصرية واستمر فلا خيار لزوال المقتضى له. وإذا علم المشتري بالتصرية بعد الحلب وأراد ردها، (فإن ردها) ها (بعد
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429