نقص حدث) فيمنع الرد كسائر العيوب الحادثة، إلا إن كان بزواج سابق كما مر. (وقبله جناية على المبيع قبل القبض) فيفصل فيه بين الأجنبي والبائع والمشتري والآفة السماوية. فإن كان من المشتري فلا رد له بالعيب واستقر عليه من الثمن بقدر ما نقص من قيمتها، فإن قبضها لزمه الثمن بكماله، وإن تلفت قبل قبضها لزمه قدر النقص من الثمن، أو كان من غيره وأجاز هو البيع فله الرد بالعيب. ثم إن كان زوالها من البائع أو بآفة أو بزواج سابق فهدر، أو من أجنبي فعليه الأرش إن زالت بلا وطئ أو بوطئ زنا منها، وإلا لزمه مهر بكر مثلها بلا إفراد أرش ويكون للمشتري، لكنه إن رد بالعيب سقط منه قدر الأرش. وما ذكر من وجوب مهر بكر هنا لا يخالف ما في الغصب والديات من وجوب مهر ثيب وأرش بكارة، لأن ملك المالك هنا ضعيف فلا يحتمل شيئين بخلافه ثم، ولهذا لم يفرقوا ثم بين الحرة والأمة ولا ما في آخر البيوع المنهي عنها في المبيعة بيعا فاسدا من وجوب مهر بكر وأرش لوجود العقد المختلف في حصول الملك به، ثم كما في النكاح الفاسد بخلافه فيما ذكر، أي فإن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه. وأرش البكارة مضمون في صحيح البيع دون صحيح النكاح، فيجب أرش بكارة في البيع الفاسد كما يجب في البيع الصحيح ولا يجب في النكاح الفاسد كما لا يجب في صحيحه، لأن المشتري لو أزال بكارتها بوطئ أو غيره في البيع الصحيح ثم اطلع على عيب لم يكن له الرد بغير أرش البكارة، ولو أزالها بأصبعه في النكاح الصحيح ثم طلقها لا شئ عليه، فالتشبيه من حيث أن فاسد كل عقد كصحيحه لا أن النكاح الفاسد فيه أرش بكارة كما قد يتوهم.
تتمة: من علم في السلعة عيبا لم يحل له أن يبيعها حتى يبينه حذرا من الغش، لخبر الشيخين: من غشنا فليس منا، والحديث: المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه شيئا يعلم به عيبا إلا بينه، أي فيجب على البائع أن يعلم المشتري بالعيب.
ولو حدث بعد البيع وقبل القبض فإنه من ضمانه، بل وعلى غير البائع إذا علم بالعيب أن يبينه لمن يشتريه سواء أكان المشتري مسلما أم كافرا لأنه من باب النصح، وكالعيب في ذلك كل ما يكون تدليسا. ثم شرع في الأمر الثالث وهو ما يظن حصوله بالتغرير الفعل مصرحا بحكمه فقال:
فصل: التصرية: وهي أن يترك البائع حلب الناقة أو غيرها عمدا مدة قبل بيعها ليوهم المشتري كثرة اللبن. (حرام) للتدليس على المشتري، ولخبر الصحيحين: لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك - أي النهي - فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر. وقيس بالإبل والغنم غيرهما بجامع التدليس. وتصروا بوزن تزكوا، من صر الماء في الحوض جمعه، وتسمى المصراة المحفلة أيضا بحاء مهملة وفاء مشددة من الحفل وهو الجمع، ومنه قيل للجمع محفل بفتح الميم.
تنبيه: قضية إطلاق المصنف أنه لا فرق في التحريم بين أن يقصد البيع أم لا، وبه صرح صاحب التتمة وعلله بأنه مضر للحيوان. وتعليل الرافعي بالتدليس يقتضي اختصاصه بما إذا أراد البيع، وبه صرح الدارمي، وهو محمول على ما إذا لم يحصل به ضرر. (تثبت الخيار) للجاهل بها إذا علم بها بعد ذلك للخبر السابق وهو (على الفور) كخيار العيب، (وقيل يمتد ثلاثة أيام) من العقد ولو مع العلم بها، لخبر مسلم: من اشترى (شاة) مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام وهذا ما نص عليه الشافعي رحمه الله تعالى في الاملاء كما نقله الروياني وصححه جمع كثير من الأصحاب، وقال ابن دقيق العيد في شرح العمدة إنه الصواب.
وأجاب القائلون بالأول عن الحديث بأنه محمول على الغالب، إذ التصرية لا تظهر غالبا فيما دون الثلاث، لإحالة نقص اللبن قبل تمامها على اختلاف العلف أو المأوى أو تبدل الأيدي أو غير ذلك.
تنبيه: قضية كلام المصنف عدم ثبوت الخيار إذا ترك حلبها ناسيا أو تحفلت بنفسها، وبه قطع الغزالي والحاوي الصغير لعدم التدليس، والمعتمد ثبوته كما صححه البغوي وقطع به القاضي لحصول الضرر. ولو زاد اللبن بقدر ما أشعرت به التصرية واستمر فلا خيار لزوال المقتضى له. وإذا علم المشتري بالتصرية بعد الحلب وأراد ردها، (فإن ردها) ها (بعد