مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٦٩
أحياه محي بإذن الإمام ملكه وكان الاذن منه نقضا، وليس له أن يجيبه بغير إذنه لما فيه من الاعتراض على تصرف الإمام وحكمه. أما ما حماه (ص) فليس لأحد من الأئمة نقضه، لأنه نص عليه فلا ينقض ولا يغير بحال ولو استغني عنه، فمن زرع فيه أو غرس أو بنى قلع. وحكى صاحب الرونق قولا وصححه أنه لا يجوز نقض ما حماه الخلفاء الأربعة رضي الله تعالى عنهم. قال السبكي: وهذا غريب لكنه مليح فإن فعلهم أعلى من فعل كل إمام بعدهم. (ولا يحمي) الإمام (لنفسه) قطعا، لأن ذلك من خصائصه (ص)، ولم يقع ذلك منه، وعليه يحمل خبر البخاري السابق الذي استدل به القول المرجوح. وخرج بالإمام ونائبه غيرهما، فليس له أن يحمي. وليس للإمام أن يدخل مواشيه ما حماه للمسلمين لأنه من الأقوياء، ويندب له ولنائبه أن ينصب أمينا يدخل فيه دواب الضعفاء ويمنع منه إدخال دواب الأقوياء، فإن رعاه قوي منع منه ولا يغرم شيئا. قال في الروضة: وليس هذا مخالفا لما ذكرناه في الحج أن من أتلف شيئا من نبات النقيع ضمنه على الأصح، لأن ما هنا في الرعي فهو من جنس ما أحمي له، وما هناك في الاتلاف بغيره. ولا يعزر أيضا، قال ابن الرفعة: ولعله فيمن جهل التحريم وإلا فلا ريب في التعزير اه‍. ولعلهم سامحوا في ذلك كما سامحوا في الغرم.
فصل: في حكم المنافع المشتركة: (منفعة الشارع) الأصلية (المرور) فيه لأنه وضع لذلك. وتقدمت هذه المسألة في الصلح، وعبر المصنف هناك عن الشارع بالطريق النافذ، وذكرت هنا توطئة لما بعدها. وخرج بالأصلية المنفعة بطريق التبع المشار إليها بقوله: (ويجوز الجلوس به) ولو في وسطه (لاستراحة ومعاملة ونحوهما) كانتظار رفيق وسؤال، وله الوقوف فيه أيضا. قال ابن الصباغ: وللإمام مطالبة الواقف بقضاء حاجته أو الانصراف. هذا كله (إذا لم يضيق على المارة) فيه، لقوله (ص): لا ضرر ولا ضرار في الاسلام. (ولا يشترط) للجلوس في الشارع (إذن الإمام) لاطباق الناس عليه من غير نكير.
تنبيه: شمل إطلاقه الذمي، وفي ثبوت هذا الارتفاق له وجهان: أوجههما كما قال ابن الرفعة وتبعه السبكي الثبوت وإن لم يأذن الإمام. وليس للإمام ولا لغيره من الولاة أن يأخذ ممن يرتفق بالجلوس في الشارع ولو لبيع ونحوه عوضا قطعا، قاله في زيادة الروضة. قال السبكي: وقد رأينا في هذا الزمان من وكلاء بيت المال من يبيع من الشارع ما يقول إنه يفضل عن حاجة المسلمين، وهذا لا يقتضيه قول أحد لأن البيع يستدعي تقدم الملك، ولو جاز ذلك لجاز بيع الموات، ولا قائل به. قال ابن الرفعة: وفاعل ذلك لا أدري بأي وجه يلقى الله تعالى. قال الأذرعي: وفي معنى ذلك الرحاب الواسعة بين الدور في المدن، فإنها من المرافق العامة كما صرح به في البحر. وقد نقل في الشامل الاجماع على منع إقطاع المرافق العامة، وللإمام أن يقطع بقعة ارتفاقا لا بعوض ولا تمليكا فيصير المقطع أحق به كالمتحجر، ولا يجوز لاحد تملكه بالاحياء. ويجوز الارتفاق أيضا بغير الشارع كالصحاري لنزول المسافرين إن لم يضر النزول بالمارة.
وأما الارتفاق بأفنية المنازل في الاملاك، فإن أضر ذلك بأصحابها منعوا من الجلوس فيها إلا بإذنهم، وإلا فإن كان الجلوس على عتبة الدار لم يجز إلا بإذن مالكها، وله أن يقيمه ويجلس غيره. ولا يجوز أخذ أجرة على الجلوس في فناء الدار، ولو كانت الدار لمحجور عليه لم يجز لوليه أن يأذن فيه، وحكم فناء المسجد كفناء الدار. (وله) أي الجالس في الشارع (تظليل مقعده) أي موضع قعوده في الشارع (ببارية) بتشديد التحتانية كما في الدقائق وحكي تخفيفها:
نوع ينسج من قصب كالحصير. (وغيرها) مما لا يضر بالمارة كثوب وعباءة لجريان العادة به، فإن كان مثبتا ببناء لم يجز كبناء الدكة. وله وضع سرير في أحد احتمالين لصاحب الكافي يظهر ترجيحه، ويختص الجالس بمكانه ومكان متاعه ومعامليه، وليس لغيره أن يضيق عليه في المارة بحيث يضر به في الكيل والوزن والاخذ والعطاء، فله أن
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429