مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١١٥
مضروبين كغيرهما لا إسلام أحدهما في الآخر ولو حالا وقبضا في المجلس لتضاد أحكام السلم والصرف، لأن السلم يقتضي استحقاق قبض أحد العوضين في المجلس دون الآخر، والصرف يقتضي استحقاق قبضهما فيه. ويؤخذ من ذلك أن سائر المطعومات كذلك. وهذا إذا لم ينويا بالسلم عقد الصرف، والأصح إذا كان حالا وتقابضا في المجلس لأن ما كان صريحا في بابه ولم يجد نفاذا في موضوعه يكون كناية في غيره. ويصح في الورق، ويبين فيه العدد والنوع والطول والعرض واللون والدقة أو الغلظ والصفة أو الزمان كصيفي أو شتوي. ويصح في الحديد والرصاص والنحاس، ويشترط ذكر جنسها ونوعها وذكورة الحديد وأنوثته، قال الماوردي وغيره: والذكر الفولاذ، والأنثى اللين الذي يتخذ منه الأواني ونحوها. (ولا يشترط) فيما يسلم فيه (ذكر الجودة والرداءة في الأصح) لما ذكره بقوله: (ويحمل مطلقه ) منهما (على الجيد) للعرف. والثاني: يشترط لاختلاف الغرض بهما، فيفضي تركهما إلى النزاع. ورد بالحمل المذكور.
وعلى كلا القولين ينزل على أقل الدرجات، فلو شرط الأجود لم يصح على الأصح لأن أقصاه غير معلوم، وإن شرط الرداءة فإن كانت رداءة النوع صح على الأصح لانضباط ذلك، أو رداءة العبب لم يصح لأنها لا تنضبط إذ ما من ردئ إلا ويوجد ردئ آخر خير منه، وإن شرط الأردأ صح على الأصح لأن طلب أردأ من المحضر عناد. (ويشترط) مع ما مر من اشتراط كون الأوصاف معروفة في نفسها، (معرفة العاقدين الصفات) فلو جهلاها أو أحدهما لم يصح كالبيع، (وكذا غيرهما) أي معرفة عدلين غير العاقدين (في الأصح) ليرجع إليهما عند تنازع العاقدين. والثاني: لا يشترط معرفة غيرهما.
وعلى الأول يخالف ما تقدم في الاجل من الاكتفاء بمعرفة العاقدين أو معرفة عدلين في التأجيل بنحو شهور الروم، وتقدم الفرق ثمت بينهما.
فصل: في بيان أداء غير المسلم فيه عنه ووقت أداء المسلم فيه ومكانه: (لا يصح أن يستبدل عن المسلم فيه غير جنسه) كالبر عن الشعير، (ونوعه) كالتمر البرني عن المعقلي، لأن الأول اعتياض عن المسلم فيه، وتقدم أنه ممتنع مع تعليله، والثاني يشبه الاعتياض عنه.
تنبيه: الحيلة في الاعتياض أن يفسخا السلم ثم يعتاض عن الثمن الذي في ذمة المسلم إليه. (وقيل يجوز في نوعه) لأن الجنس يجمعهما، فكان كما لو اتحد النوع واختلفت الصفة، ولهذا تحرم التفاضل بينهما ويضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة. (و) لكن (لا يجب قبوله) لاختلاف الأغراض باختلاف الأنواع (ويجوز) اعطاء (أردأ من المشروط) لأنه من جنس حقه (و) لكن لا (يجب) قبوله لأنه دون حقه. (ويجوز) إعطاء (أجود) من المشروط صفة، (ويجب قبوله في الأصح) لأن الامتناع منه عناد، ولاشعار بذله بأنه لم يجد سبيلا إلى براءة ذمة بغيره، وذلك يهون أمر المنة التي يعلل بها الثاني. والثاني: لا يجب لما فيه من المنة، كما لو أسلم إليه في خشبة خمسة أذرع فجاءتها ستة فإنه لا يجب عليه قبولها.
وفرق الأول بأن الجودة والرداءة لا يمكن فصلها لأنها تابعة بخلاف زيادة الخشبة. نعم إن كان على المسلم ضرر في قبوله، كأن أسلم إليه في عبد أو أمة فجاءه بفرعه أو أصله أو زوجته أو زوجها لم يجب قبوله، وإن جاءه بأخيه أو عمه فوجهان وجه المنع وهو الظاهر أن من الحكام من يحكم بعتقه عليه، ذكره الماوردي.
تنبيه: تفاوت الرطب والتمر تفاوت نوع لا تفاوت وصف، وكذا ما سقي بماء السماء وبماء الأرض، والعبد الهندي والعبد التركي فلا يجب عليه قبول الآخر. ولا يجوز ولا يصح أن يقبض ما أسلم فيه كيلا بالوزن ولا عكسه، ولا بكيل أو وزن غير الذي وقع عليه العقد كأن باع صاعا فاكتاله بالمد. ولا يزلزل المكيال، ولا يضع الكف على جوانبه بل
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429