مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٥٧
خيف هربه استوثق عليه القاضي على حسب ما يراه، ولان العمل مقصود بالاستحقاق في نفسه بخلاف الحبس ليس مقصودا في نفسه بل يتوصل به إلى غيره، ذكره في الروضة في باب الإجارة عن فتاوى الغزالي وأقره. قال السبكي:
وعلى قياسه لو استعدى على من استؤجر عينه وكان حضوره للتحاكم يعطل حق المستأجر ينبغي أن لا يحضر، ولا يعترض باتفاق الأصحاب على إحضار المرأة البرزة وحبسها وإن كانت مزوجة لأن للإجارة أمدا ينتظر. ويؤخذ مما قاله أنا الموصي بمنفعته كالمستأجر إن أوصى بها مدة معينة وإلا فكالزوجة.
فروع: لا يحبس المريض ولا المخدرة ولا ابن السبيل بل يوكل بهم، ولا الصبي ولا المجنون ولا أبو الطفل والوكيل والقيم في دين لم يجب بمعاملتهم، وتحبس الامناء في دين وجب بمعاملتهم. ولا يحبس العبد الجاني ولا سيده ليؤدي أو يبيع، بل يباع عليه إذا وجد راغب وامتنع من البيع والفداء، وعلى الموسر الأداء فورا بحسب الامكان إن طولب لقوله (ص): مطل الغني ظلم إذ لا يقال مطله إلا إذا طالبه فدافعه. فإن امتنع أمره الحاكم به. فإن امتنع وله مال ظاهر وهو من جنس الدين وفى منه، أو من غيره باع الحاكم عليه ماله وإن كان المال في غير محل ولايته كما صرح به القاضي والقمولي أو أكرهه مع التعزير بحبس أو غيره على البيع، أما قبل المطالبة فلا يجب الأداء وإن كان سبب الدين معصية. ولا ينافيه الوجوب في هذه الحالة للخروج من المعصية، لأن الكلام في الوجوب للحلول. ولو التمس غريم الممتنع من الأداء الحجر عليه في مال أجيب لئلا يتلف ماله، فإن أخفاه وهو معلوم وطلب غريمه حبسه حبس وحجر عليه أولا حتى يظهره، فإن لم ينزجر بالحبس ورأي الحاكم ضربه أو غيره فعل ذلك وإن زاد مجموعه على الحد، ولا يعزره ثانيا حتى يبرأ من الأول. ولصاحب الدين الحال ولو ذميا منع المديون الموسر بالطلب من السفر المخوف وغيره بأن يشغله عنه برفعه إلى الحاكم ومطالبته حتى يوفيه دينه، لأن أداءه فرض عين بخلاف السفر. نعم إن استناب من يوفيه من مال الحاضر فليس له منعه، أما صاحب المؤجل فليس له منعه من السفر، ولو كان مخوفا كجهاد أو الاجل قريبا إذ لا مطالبة به في الحال. ولا يكلف من عليه المؤجل رهنا ولا كفيلا ولا إشهادا لأن صاحبه هو المقصر حيث رضي بالتأجيل من غير رهن وكفيل، وله السفر صحبته ليطالبه عند حلوله بشرط أن لا يلازمه ملازمة الرقيب، لأن فيه إضرارا به.
(والغريب العاجز عن بينة الاعسار يوكل القاضي به) وجوبا، (من يبحث) أي اثنان يبحثان بقدر الطاقة، (عن حاله، فإذا غلب على ظنه إعساره شهد به) لئلا يخلد في الحبس. وظاهر كلام المصنف أنه لا يحبس بل يوكل به في الابتداء، وكلام الشرح والروضة في فصل التزكية يقتضيه، لكن ظاهر كلامهما هنا أنه يفعل ذلك معه وهو في الحبس، ويدل لهذا التعليل المذكور. ولا يأثم المحبوس المعسر بترك الجمعة لأنه معذور، وللقاضي منع المحبوس منها إن اقتضته المصلحة، ومن الاستمتاع بالزوجة ومحادثة الأصدقاء لا من دخولها لحاجة كحمل طعام، وله منعه من شم الرياحين للترفه إلا لحاجة كمرض لا منعه من عمل صنعة في الحبس، وإن كان مماطلا. ونفقته واجبة على نفسه، وعليه أجرة الحبس لأنها أجرة المكان. ولو حبست امرأة في دين قال ابن المقري تبعا لاصله لم يأذن فيه الزوج، سقطت نفقتها مدة الحبس ولو ثبت الدين ببينة كما لو وطئت بشبهة واعتدت فإنها تسقط وإن كانت معذورة. ومفهوم ذلك أنه لو أذن لها في الاستدانة لم تسقط نفقتها، والأوجه كما قال شيخنا تبعا للأذرعي أنها لا نفقة لها، كما لو أذن لها في الحج ولم يخرج معها فإنه لا نفقة لها. ولو لزمه حق آخر حبس بهما ولم يطلق بقضاء أحدهما دون الآخر. ويخرج المحبوس من الحبس لسماع الدعوى عليه، ويخرج المجنون من الحبس مطلقا والمريض إن لم يجد ممرضا فإن وجده فلا، وإن كان لا يحبس ابتداء. ومن ثبت إعساره أخرج ولو بغير إذن الغريم لزوال المقتضى.
فصل: في رجوع المعامل للمفلس عليه بما عامله به ولم يقبض عوضه: (من باع ولم يقبض الثمن حتى حجر على
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429