مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٢٥
فصل: فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه: إذا لم يقر اللقيط برق فهو حر) لأن الغالب في الناس الحرية، وحكى ابن المنذر فيه الاجماع، لكن قال الشافعي: لو قذفه قاذف لم أحده حتى أسأله، فإن قال أنا حر حددت قاذفه.
وقال البلقيني: لو وجد في دار الحرب ولا مسلم فيه ولا ذمي فهو رقيق كسائر صبيانهم ونسائهم، ويحمل كلامهم على دار الاسلام، قال: ولم أر من تعرض له انتهى. وهو ظاهر المعنى. وعلى هذا فتستثنى هاتان الصورتان من كلام المصنف مضافتين إلى قوله: (إلا أن يقيم أحد بينة برقه) وتتعرض لسبب الملك كما سيأتي فيعمل بها. (وإن أقر) اللقيط المكلف (به) أي الرق (لشخص فصدقه قبل إن لم يسبق) منه (إقرار بحرية) كسائر الأقارير. وخرج بصدقه ما لو كذبه فإن الرق لا يثبت ولو صدقه بعد ذلك، ولم يسبق ما لو سبق إقراره بحرية بعد البلوغ فلا يقبل إقراره بعده على الأصح المنصوص، لأنه بالاقرار الأول التزم أحكام الأحرار فلا يملك إسقاطها. فإن قيل: لو أنكرت المرأة الرجعة ثم أقرت بها فإنها تقبل، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن دعواها الرجعة مستندة إلى أصل وهو عدم انقضاء العدة، وجعل الشارع القول قولها في انقضاء العدة إثباتا وقد اعترفت بالخيانة، وإقرار اللقيط مخالف للأصل وهو الحرية وقد تأكد بالاقرار بالحرية. فإن قيل: يرد على المصنف ما لو أقر بالرق لزيد فكذبه فأقر به لعمرو فإنه لا يقبل إقراره ولو صدقه عمرو، وهذا لم يسبق منه إقرار بحرية. أجيب بأن إقراره الأول يتضمن نفي الملك لغيره، فإذا كذبه المقر له خرج عن كونه مملوكا له أيضا فصار حر الأصل، والحرية مظنة حقوق الله تعالى والعبادة فلا سبيل إلى إبطالها بالاقرار الثاني.
تنبيه: سكتوا عن اعتبار الرشد هنا في المقر، وينبغي كما قال الزركشي اعتباره كغيره من الأقارير فلا يقبل اعتراف الجواري بالرق كما حكي عن ابن عبد السلام، لأن الغالب عليهن السفه وعدم المعرفة. قال الأذرعي: وهذه العلة موجودة في غالب العبيد، لا سيما من قرب عهده بالبلوغ. (والمذهب أنه لا يشترط) في صحة الاقرار بالرق (أن لا يسبق) منه (تصرف يقتضي نفوذه) بمعجمة بخطه، (حرية كبيع ونكاح) وغيرهما، (بل) بعد التصرف بشئ من المذكورات (يقبل إقراره في أصل الرق و) في (أحكامه المستقبلة) مطلقا فيما له وعليه. أما فيما له فقياسا على إقرار المرأة بالنكاح فإنه يصح على الجديد وإن تضمن ثبوت حق لها. وأما فيما عليه فلانه أقر بحق عليه فيؤاخذ به كسائر الأقارير. وفي قول من الطريق الثاني: لا يقبل فتبقى أحكام الحرية. (لا) الأحكام (الماضية المضرة بغيرها) فلا يقبل إقراره بالنسبة إليها (في الأظهر) كما لا يقبل إقراره على الغير بدين ونحوه. والثاني: يقبل، لأنه لا يتجزأ ويصير كقيام البينة. وفرع المصنف على الأظهر قوله: (فلو لزمه) أي اللقيط (دين فأقر برق) أو ادعى شخص رقه (وفي يده مال قضي) الدين (منه) ولا يجعل للمقر له إلا ما فضل عن الدين، فإن بقي من الدين شئ اتبع به بعد عتقه ولا يقضي منه على الثاني، بل المال للمقر له ويبقى الدين في ذمة المقر، أما الأحكام الماضية المضرة به فيقبل إقراره بالنسبة إليها جزما.
تنبيه: لو نكح ثم أقر بالرق فإن كان أنثى لم ينفسخ النكاح بل يستمر ويصير كالمستوفي المقبوض، لأن انفساخه يضر الزوج فيما مضى سواء أكان الزوج ممن يحل له نكاح الأمة أم لا كالحر إذا وجد الطول بعد نكاح الأمة، لكن للزوج الخيار في فسخ النكاح إن شرطت الحرية فيه لفوات الشرط، فإن فسخ بعد الدخول بها لزمه للمقر له لأقل من المسمى ومهر المثل لأن الزائد منهما يضر الزوج، وإن أجاز لزمه المسمى لأنه الذي لزمه بزعمه وإن كان قد سلمه إليها أجزأه، فلو طلقها قبل الدخول سقط المسمى، لأن المقر له يزعم فساد النكاح وتسلم إلى الزوج تسليم
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429