يتخايرا، وإن كان غائبا ووصله الخبر امتد خياره إلى أن يفارق مجلس الخبر لأنه حليفة مورثه. والثاني: يسقط الخيار لأن مفارقة الحياة أولى به من مفارقة المكان، وفي معناها مفارقة العقد. وعلى الأول لو ورثه جماعة حضور في مجلس العقد لم ينقطع خيارهم بفراق بعضهم له بل يمتد حتى يفارقوه كلهم لأنهم كالمورث وهو لا ينقطع خياره إلا بمفارقة جميع بدنه، أو غائبون عن المجلس ثبت لهم الخيار وإن لم يجتمعوا في مجلس واحد كما في بعض نسخ الروض وهي المعتمدة، وفي بعضها: إذا اجتمعوا في مجلس واحد. ويثبت الخيار للعاقد الباقي ما دام في مجلس العقد سواء أكان الوارث الغائب واحدا أم متعددا. ولو فارق أحدهما مجلسه دون الآخر لم ينقطع خيار الآخر خلافا لبعض المتأخرين، وينفسخ العقد بفسخ أحدهم في نصيبه أو في الجميع، ولو أجاز الباقون كما لو فسخ المورث في البعض وأجاز في البعض ولا يتبعض الفسخ للاضرار بالحي. فإن قيل: لو مات مورثهم ثم اطلعوا على عيب المبيع ففسخ بعضهم لا ينفسخ في شئ منه لأن الوارث قائم مقام مورثه وهو ليس له الفسخ في البعض فهلا كان الحكم هنا كذلك؟ أجيب بأن للضرر ثم جابرا وهو الأرش ولا جابر له هنا. ولو أجاز الوارث أو فسخ قبل علمه بموت مورثه نفذ ذلك بناء على أن من باع مال مورثه ظانا حياته أنه يصح، وإن قال الامام: الوجه نفوذ فسخه دون إجازته. ولو خرس أحد العاقدين ولم تفهم إشارته ولا كتابة له نصب الحاكم نائبا عنه، كما لو جن، وإن أمكنت الإجازة منه بالتفرق، وليس هو محجورا عليه، وإنما الحاكم ناب عنه فيما تعذر منه بالقول. أما إذا فهمت إشارته أو كان له كتابة فهو على خياره. ولو اشترى الولي لطفله شيئا فبلغ رشيدا قبل التفرق لم ينتقل إليه الخيار كما في البحر ويبقى للولي على الأوجه من وجهين حكاهما في البحر، وأجراهما في خيار الشرط. (ولو تنازعا في التفرق) بأن جاءا معا وقال أحدهما تفرقنا وأنكر الآخر وأراد الفسخ، (أو) في (الفسخ قبله) أي التفرق ب اتفقا على حصول لتفرق وقال أحدهما فسخته قبله وأنكر الآخر، (صدق النافي) بيمينه، لأن الأصل دوام الاجتماع وعدم الفسخ. ولو اتفقا على عدم التفرق وادعى أحدهما الفسخ فدعواه الفسخ فسخ. ثم شرع في السبب الثاني من النوع الأول مترجما له بفصل، فقال:
فصل: في خيار الشرط: (لهما) أي لكل من المتعاقدين (ولأحدهما شرط الخيار) على الآخر المدة الآتية مع موافقة الآخر بالاجماع. نعم إن استعقب الملك العتق، كأن اشترى من يعتق عليه وشرط الخيار له وحده لم يجز لعتقه عليه فيلزم من ثبوت الخيار عدم ثبوته، ويجوز التفاضل فيه، كأن يشرط لأحدهما خيار يوم وللآخر خيار يومين أو ثلاثة. ولو شرط خيار يوم فمات أحدهما في أثنائه فزاد وارثه مع الآخر خيار يوم آخر جاز. قال الروياني:
ويجوز للعاقد لنفسه شرطه لأجنبي أو العبد المبيع، لأن الحاجة تدعو لذلك لكونه أعرف بالمبيع، ولا يثبت مع شرطه للأجنبي أو العبد المبيع للشارط اقتصارا على الشرط. قال الزركشي: والأقرب اشتراط بلوغ الأجنبي لا رشده. وإذا مات الأجنبي ثبت الخيار للشارط، ولو شرط الوكيل في البيع أو الشراء الخيار للموكل أو لنفسه ولو بلا إذن صح، لأنه لا يضر موكله. وليس لوكيل أحد العاقدين أن يشرطه للآخر، فإن فعل بطل العقد وله شرطه لأجنبي بإذن موكله، ولا يتجاوز الخيار من شرط له، فلو شرط للوكيل لم يثبت للموكل وبالعكس. فإن أذن له فيه موكله وأطلق بأن لم يقل لي ولا لك فاشترطه الوكيل وأطلق ثبت له دون الموكل، لأن معظم أحكام العقد متعلقة به وحده، ولا يلزم العقد برضا الموكل لأن الخيار منوط برضا وكيله. ولو باع مسلم عبدا مسلما لمسلم وجعل الخيار لكافر، أو باع حلال لحلال صيدا وجعل الخيار لمحرم، صح فيهما كما قاله الروياني خلافا لوالده، إذ لا ملك ولا ولاية. وحيث ثبت للوكيل الخيار لا يفعل إلا ما فيه حظ الموكل لأنه مؤتمن، بخلاف الأجنبي المشروط له الخيار لا يلزمه رعاية الحظ. ولا يبطل البيع بعزل الموكل وكيله في زمن خيار المجلس ولا بموت الوكيل ولا الموكل في المجلس وإن خالف في ذلك الروياني.
تنبيه: قول المصنف: لهما ولأحدهما شرط الخيار يوهم جواز انفراد أحدهما بالشرط، وليس مرادا بل لا بد