مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٦
يتخايرا، وإن كان غائبا ووصله الخبر امتد خياره إلى أن يفارق مجلس الخبر لأنه حليفة مورثه. والثاني: يسقط الخيار لأن مفارقة الحياة أولى به من مفارقة المكان، وفي معناها مفارقة العقد. وعلى الأول لو ورثه جماعة حضور في مجلس العقد لم ينقطع خيارهم بفراق بعضهم له بل يمتد حتى يفارقوه كلهم لأنهم كالمورث وهو لا ينقطع خياره إلا بمفارقة جميع بدنه، أو غائبون عن المجلس ثبت لهم الخيار وإن لم يجتمعوا في مجلس واحد كما في بعض نسخ الروض وهي المعتمدة، وفي بعضها: إذا اجتمعوا في مجلس واحد. ويثبت الخيار للعاقد الباقي ما دام في مجلس العقد سواء أكان الوارث الغائب واحدا أم متعددا. ولو فارق أحدهما مجلسه دون الآخر لم ينقطع خيار الآخر خلافا لبعض المتأخرين، وينفسخ العقد بفسخ أحدهم في نصيبه أو في الجميع، ولو أجاز الباقون كما لو فسخ المورث في البعض وأجاز في البعض ولا يتبعض الفسخ للاضرار بالحي. فإن قيل: لو مات مورثهم ثم اطلعوا على عيب المبيع ففسخ بعضهم لا ينفسخ في شئ منه لأن الوارث قائم مقام مورثه وهو ليس له الفسخ في البعض فهلا كان الحكم هنا كذلك؟ أجيب بأن للضرر ثم جابرا وهو الأرش ولا جابر له هنا. ولو أجاز الوارث أو فسخ قبل علمه بموت مورثه نفذ ذلك بناء على أن من باع مال مورثه ظانا حياته أنه يصح، وإن قال الامام: الوجه نفوذ فسخه دون إجازته. ولو خرس أحد العاقدين ولم تفهم إشارته ولا كتابة له نصب الحاكم نائبا عنه، كما لو جن، وإن أمكنت الإجازة منه بالتفرق، وليس هو محجورا عليه، وإنما الحاكم ناب عنه فيما تعذر منه بالقول. أما إذا فهمت إشارته أو كان له كتابة فهو على خياره. ولو اشترى الولي لطفله شيئا فبلغ رشيدا قبل التفرق لم ينتقل إليه الخيار كما في البحر ويبقى للولي على الأوجه من وجهين حكاهما في البحر، وأجراهما في خيار الشرط. (ولو تنازعا في التفرق) بأن جاءا معا وقال أحدهما تفرقنا وأنكر الآخر وأراد الفسخ، (أو) في (الفسخ قبله) أي التفرق ب‍ اتفقا على حصول لتفرق وقال أحدهما فسخته قبله وأنكر الآخر، (صدق النافي) بيمينه، لأن الأصل دوام الاجتماع وعدم الفسخ. ولو اتفقا على عدم التفرق وادعى أحدهما الفسخ فدعواه الفسخ فسخ. ثم شرع في السبب الثاني من النوع الأول مترجما له بفصل، فقال:
فصل: في خيار الشرط: (لهما) أي لكل من المتعاقدين (ولأحدهما شرط الخيار) على الآخر المدة الآتية مع موافقة الآخر بالاجماع. نعم إن استعقب الملك العتق، كأن اشترى من يعتق عليه وشرط الخيار له وحده لم يجز لعتقه عليه فيلزم من ثبوت الخيار عدم ثبوته، ويجوز التفاضل فيه، كأن يشرط لأحدهما خيار يوم وللآخر خيار يومين أو ثلاثة. ولو شرط خيار يوم فمات أحدهما في أثنائه فزاد وارثه مع الآخر خيار يوم آخر جاز. قال الروياني:
ويجوز للعاقد لنفسه شرطه لأجنبي أو العبد المبيع، لأن الحاجة تدعو لذلك لكونه أعرف بالمبيع، ولا يثبت مع شرطه للأجنبي أو العبد المبيع للشارط اقتصارا على الشرط. قال الزركشي: والأقرب اشتراط بلوغ الأجنبي لا رشده. وإذا مات الأجنبي ثبت الخيار للشارط، ولو شرط الوكيل في البيع أو الشراء الخيار للموكل أو لنفسه ولو بلا إذن صح، لأنه لا يضر موكله. وليس لوكيل أحد العاقدين أن يشرطه للآخر، فإن فعل بطل العقد وله شرطه لأجنبي بإذن موكله، ولا يتجاوز الخيار من شرط له، فلو شرط للوكيل لم يثبت للموكل وبالعكس. فإن أذن له فيه موكله وأطلق بأن لم يقل لي ولا لك فاشترطه الوكيل وأطلق ثبت له دون الموكل، لأن معظم أحكام العقد متعلقة به وحده، ولا يلزم العقد برضا الموكل لأن الخيار منوط برضا وكيله. ولو باع مسلم عبدا مسلما لمسلم وجعل الخيار لكافر، أو باع حلال لحلال صيدا وجعل الخيار لمحرم، صح فيهما كما قاله الروياني خلافا لوالده، إذ لا ملك ولا ولاية. وحيث ثبت للوكيل الخيار لا يفعل إلا ما فيه حظ الموكل لأنه مؤتمن، بخلاف الأجنبي المشروط له الخيار لا يلزمه رعاية الحظ. ولا يبطل البيع بعزل الموكل وكيله في زمن خيار المجلس ولا بموت الوكيل ولا الموكل في المجلس وإن خالف في ذلك الروياني.
تنبيه: قول المصنف: لهما ولأحدهما شرط الخيار يوهم جواز انفراد أحدهما بالشرط، وليس مرادا بل لا بد
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429