ذلك النقص (به) أي الربح لاقتضاء العرف ذلك. تنبيه: لو حذف المصنف قوله: بالرخص لكان أولى ليشمل ما قدرته. (وكذا لو تلف بعضه) أي مال القراض (بآفة) سماوية كحرق وغرق (أو غصب أو سرقة) وتعذر أخذه أو أخذ بدله، (بعد تصرف العامل) فيه بالبيع أو الشراء محسوب من الربح (في الأصح) قياسا على ما مر. والثاني: لا، لأنه نقص لا تعلق له بتصرف العامل وتجارته بخلاف الحاصل بالرخص، وليس ناشئا من نفس المال بخلاف المرض والعيب. (وإن تلف) بما ذكر (قبل تصرفه) فيه ببيع أو شراء، (فمن) أي فيحسب ما تلف من (رأس المال) لا من الربح (في الأصح) لأن العقد لم يتأكد بالعمل.
والثاني: من الربح لأنه بقبض العامل صار مال قراض. تنبيه: احترز بقوله: لو تلف بعضه عن تلف كله، فإن القراض يرتفع سواء أتلف بآفة سماوية أم بإتلاف المالك أم العامل أم أجنبي، لكن يستقر نصيب العامل من الربح في الثانية كما مر ويبقى القراض في البدل إن أخذه في الرابعة والخصم في البدل المالك إن لم يكن في المال ربح، والمالك والعامل إن كان فيه ربح. وبحث الشيخان في الثالثة بعد نقلهما فيها ما ذكر عن الإمام أن العامل كالأجنبي، وبه صرح المتولي واختاره السبكي، لكن القاضي قال بما قال به الإمام، وهو المعتمد، والفرق بينه وبين الأجنبي أن له الفسخ، فجعل إتلافه فسخا كالمالك، بخلاف الأجنبي. فإن قيل: هذا منقوض بأن للمشتري في زمن الخيار فسخ البيع، ومع ذلك ليس إتلافه فسخا. أجيب بأن وضع البيع على اللزوم، فلم يكن إتلاف المبيع فسخا بخلاف القراض. ولو قتل عبد القراض، وقدره في المال ربح فالقصاص مشترك بينهما، فليس لأحدهما الانفراد به، فإن عفا العامل عن القصاص سقط ووجبت القيمة كما لو عفا المالك. ويستمر القراض في بدله فإن قيل هذا إنما يأتي على القول إن العامل يملك الربح بالظهور، لا على القول بأنه لا يملك. أجيب بأنه وإن لم يملكه به ثبت له به في المال حق مؤكد كما مر، والقصاص مبني على الدرء كما سيأتي ، فإن لم يكن في المال ربح فللمالك القصاص والعفو مجانا، وإن تلف مال قراض اشترى بعينه شيئا قبل تسليمه انفسخ البيع والقراض، أو في الذمة وتلف قبل الشراء انقلب الشراء للعامل فيرتفع القراض، وإن تلف بعد الشراء وقع للمالك، فلو كان المال مائة وتلف لزمه مائة أخرى.
فصل: في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما. (لكل) منهما (فسخه) أي عقد القراض متى شاء من غير حضور الآخر ورضاه، لأن القراض في ابتدائه وكالة وفي انتهائه إما شركة وإما جعالة وكلها عقود جائزة. ويحصل الفسخ بقوله: فسخت عقد القران أو رفعته أو أبطلته أو لا تنصرف بعد هذا أو نحو ذلك، وباسترجاع المال، فإن استرجع بعضه انفسخ فيه وبقي في الباقي، وبإعتاقه واستيلاده له كالوكالة. ولو حبس العامل ومنعه التصرف أو باع ما اشتراه العامل للقراض لم يكن فسخا له لعدم دلالة ذلك على الفسخ عبل يبيعه إعانة للعامل، بخلاف بيع الموكل ما وكل في بيعه وانكار المالك القرض عزله كما رجحه المصنف. فإن قيل: ينبغي أن يكون كإنكار الموكل الوكالة كما جرى عليه ابن المقري تبعا للأسنوي فيفرق به كونه لغرض أو لا. أجيب بأن الفقه ما قاله المصنف، لأن صورة ذلك في الوكالة أن يسأل عنها المالك فينكرها، وصورته في القراض أن ينكره ابتداء، حتى لو عكس انعكس الحكم. وللعامل بعد الفسخ بيع مال القراض إذا توقع فيه ربحا كأن ظفر بسوق أو براغب فلا يشتري لارتفاع العقد مع كونه لاحظ له فيه. (ولو مات أحدهما أو جن أو أغمي عليه انفسخ) عقد القران كالوكالة، وللعامل إذا ما ت المالك أو جن الاستيفاء والتنضيض بغير إذن الورثة في الأولى والولي في الثانية اكتفاء بإذن العاقد كما في حال الحياة، وكالجنون الاغماء المفهوم بالأولى، بخلا ف ما لو مات العامل، فإن ورثته لا تملك المبيع بدون إذن