مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٤٢
العبرة فيه بتعدد الوكيل واتحاده لأنه عقد ضمان فنظر فيه إلى المباشر له بخلاف الرهن. ولو رهنه عند اثنين فبرئ من دين أحدهما انفك قسطه لتعدد مستحق الدين. فإن قيل: ما يأخذه أحدهما من الدين لا يختص به بل هو مشترك بينهما، فكيف تنفك حصته من الرهن بأخذه؟ أجيب بأن ما هنا محله إذا لم تتحد جهة دينهما، أو إذا كانت البراءة بالابراء لا بالأخذ. ولو رهن عبدا استعاره من اثنين ليرهنه ثم أدى نصف الدين وقصد فكاك نصف العبد، أو أطلق ثم جعله عنه، انفك نصفه نظرا إلى تعدد المالك، بخلاف ما إذا قصد الشيوخ أو أطلق ثم جعله عنهما أو لم يعرف حاله.
فروع: لو رهن شخص آخر عبدين في صفقة وسلم أحدهما له كان مرهونا بجميع الدين كما لو سلمهما وتلف أحدهما.
ولو مات الراهن عن ورثته ففدى أحدهم نصيبه لم ينفك كما في المورث ولان الرهن صدر ابتداء من واحد، وقضيته حبس كل المرهون إلى البراءة من كل الدين، بخلاف ما لو فدى نصيبه من التركة فإنه ينفك لأن تعلق الدين بالتركة:
إما كتعلق الرهن به، فهو كما لو تعدد الراهن، أو كتعلق الأرش بالجاني، فهو كما لو جنى العبد المشترك فأدى أحد الشريكين نصيبه ينقطع التعلق عنه. ولو مات المرتهن عن ورثة فوفى أحدهم ما يخصه من الدين لم ينفك نصيبه كما قاله السبكي، كما لو وفى مورثه بعض دينه، وإن خالف في ذلك ابن الرفعة.
فصل: في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به: (اختلفا) أي الراهن والمرتهن (في) أصل (الرهن) كأن قال:
رهنتني كذا فأنكر. (أو) في (قدره) أي الرهن بمعنى المرهون، كأن قال: رهنتني الأرض بأشجارها فقال: بل الأرض فقط. أو في عينه: ك‍ هذا العبد، فقال: بل الجارية. أو قدر المرهون به: ك‍ مائتين، فقال: بل مائة. (صدق الراهن) أي المالك (بيمينه) وإن كان المرهون بيد المرتهن، لأن الأصل عدم ما يدعيه المرتهن.
تنبيه: لو عبر بالمالك كما قدرته لكان أولى لأن الراهن قد يكون مستعيرا، وأيضا هو ليس براهن، لكن قال الشارح: إطلاقه على المنكر بالنظر إلى المدعي. وقوله: (إن كان رهن تبرع) أي ليس مشروطا في بيع قيد في التصديق.
(وإن شرط) الرهن المختلف فيه بوجه مما ذكر (في بيع تحالفا) كما لو اختلفا في سائر كيفيات البيع.
تنبيه: شملت عبارته: ما لو اتفقا على اشتراط الرهن في بيع واختلفا في الوفاء، كأن قال المرتهن: رهنت مني المشروط رهنه وهو كذا فأنكر الراهن، مع أنه لا تحالف حينئذ لأنهما لم يختلفا في كيفية البيع الذي هو موقع التحالف بل يصدق الراهن بيمينه، وللمرتهن الفسخ إن لم يرهن. وهذه المسألة علم حكمها من قوله في اختلاف المتبايعين اتفقا على صحة البيع واختلفا في كيفيته، فلا يحتاج إلى ذكرها هنا. (ولو ادعى) على اثنين (أنهما رهناه عبدهما بمائة) وأقبضاه إياه، (وصدقه أحدهما فنصيب المصدق رهن بخمسين) مؤاخذة له بإقراره، (والقول في نصيب الثاني قوله بيمينه) لما سلف. (وتقبل شهادة المصدق عليه) أي المكذب لخلوها عن جلب النفع ودفع الضرر عنه. فإن شهد معه آخر أو حلف المدعي معه ثبت رهن الجميع. ولو زعم كل واحد منهما أنه ما رهن نصيبه وأن شريكه رهن أو سكت عن شريكه وشهد عليه قبلت شهادته فربما نسي، وإن تعمد فالكذبة الواحدة لا توجب الفسق، ولهذا لو تخاصم اثنان في شئ ثم شهدا في حادثة قبلت شهادتهما وإن كان أحدهما كاذبا في التخاصم. فإن قيل: ما ذكر من أن الكذبة الواحدة غير مفسقة محله عند عدم انضمام غيرها إليها كجحد حق واجب، وهذا بتقدير تعمده يكون جاحدا لحق واجب عليه فيفسق بذلك. أجيب بأن شرط كون الجحد مفسقا أن يفوت المالية على الغير، وهنا لم يفوت إلا حق الوثيقة. فإن قيل: محل ذلك إذا لم يصرح المدعي بظلمها بالانكار بلا تأويل، وإلا فلا تقبل شهادتهما
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429