مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٢٧
فإن الربح مرجو الحصول، فإن أثمرت استحق وإلا فلا شئ له. وأجاب الأول بأن هذا على عوض غير موجود ولا الظاهر وجوده، فأشبه السلم فيما لا يوجد غالبا، وعلى هذا فله الأجرة وإن لم يثمر لأنه عمل طامعا. (وله مساقاة شريكه في الشجر إذا) استقل الشريك بالعمل فيها و (شرط) المالك (له) أي الشريك (زيادة على حصته كأن يكون الشجر بينهما نصفين فيشرط له ثلثي الثمرة ليكون السدس عوض عمله، فإن شرط له مقدار نصيبه أو دونه لم يصح، إذ لا عوض لاستحقاقه ذلك بالملك، بل شرط عليه في مسألة ما دون نصيبه أن يترك بعض ثمرته أيضا. فإن عمل لم يستحق أجرة لأنه لم يطمع في شئ، وإن شرط له كل الثمرة فسد العقد، لكن يستحق الأجرة لأنه عمل طامعا، وقيده الغزالي كإمامه تفقها بما إذا لم يعلم الفساد وعدم التقييد أوجه كما مر في القراض. أما إذا لم يستقل الشريك بالعمل بأن شرط معاونته له في العمل فإن العقد يفسد، كما لو ساقى أجنبيا بهذا الشرط، فإن عاونه واستوى عملهما فلا أجرة لاحد منهما على الآخر، وكذا لا أجرة للمعاون إذا زاد عمله بخلاف الآخر إذا زاد عمله فله أجرة عمله بالحصة على المعاون لأنه لم يعمل مجانا. واستشكل السبكي مسألة الكتاب بأن عمل الأجير يجب كونه في خالص ملك المستأجر، قال: والخلاص من هذا أن يقال صورة المسألة إذا قال ساقيتك على نصيبي حتى لا يكون العمل المعقود عليه واقعا في المشترك، وبهذا صور أبو الطيب المسألة تبعا لما أفهمه كلام المزني، لكن كلام غيرهما يقتضي عدم الفرق وهو ظاهر كلام الكتاب اه‍.
والذي ينبغي أن يقال: إن قال ساقيتك على كل الشجر لم يصح، أو قال ساقيتك على نصيبي أو أطلق صح، والظاهر كما قال شيخنا صحة مساقاة أحد الشريكين على نصيبه أجنبيا ولو بغير إذن شريكه الآخر. ولو ساقى الشريكان ثالثا لم يشترط معرفته بحصة كل منهما إلا إن تفاوتا في المشروط له، فيشترط معرفته بحصة كل منهما. (ويشترط) لصحة المساقاة (أن لا يشرط) المالك في عقدها (على العامل ما ليس من جنس أعمالها) التي جرت عادة العامل بها كحفر بئر، فإن شرطه لم يصح العقد لأنه استئجار بعوض مجهول واشتراط عقد في عقد.
تنبيه: كان الأولى أن يقد المصنف على هذه المسألة بيان أعمال المساقاة ليعرف أن شرط غيرها مفسد كما جر على ذلك في كتاب القراض حيث قال فيه: ووظيفة العامل كذا، ثم قال: فلو قارضه ليشتري حنطة إلخ. ويشترط أيضا أن لا يشترط على المالك في العقد ما على العامل، كذا قالاه، ومقتضاه أنه لو شرط السقي على المالك أن العقد يبطل وهو كذلك وبه صرح في البحر، وسيأتي التنبيه على ذلك. ثم شرع في الركن الرابع وهو العمل، فقال: (و) يشترط (أن ينفرد) العامل (بالعمل) فلو شرط عمل المالك معه فسد بخلاف ما لو شرطا عمل غلام المالك معه بلا شرط يد ولا مشاركة في تدبير فإنه يصح على المذهب المنصوص، ولا بد من معرفته بالرؤية أو الوصف ونفقته على المالك بحكم الملك. وإن شرطت في الثمرة بغير تقدير جزء معلوم لم يصح لأن ما يبقى يكون مجهولا، أو شرطت على العامل وقدرت صح لأن العمل عليه فلا يبعد أن تلزمه مؤنة من يعمل معه وهو كاستئجار من يعمل معه، ولو لم يقدر صح أيضا، والعرف كاف لأنه يتسامح بمثله في المعاملات. وإن شرط العامل عمل الغلام في حوائج نفسه أو استئجار معاون له بجزء من الثمر أو من غيرها من مال المالك لم يصح العقد، أما في الأولى فظاهر، وأما في الثانية فلان قضية المساقاة أن تكون الأعمال ومؤنها على العامل، أما إذا جعلت الأجرة من مال العامل فإنها تصح. (و) يشترط أيضا أن ينفرد (باليد في الحديقة) ليتمكن من العمل متى شاء، فلو شرط كونها في يد المالك أو بيدهما لم يصح.
فائدة: الحديقة: أرض ذات شجر، قاله الليث. وقال أبو عبيدة: وهي الحائط، أي البستان. وقال الغزالي : إنما يقال حديقة البستان عليه حائط. (و) يشترط (معرفة العمل) جملة لا تفصيلا كما يشعر به قوله: (بتقدير المدة كسنة أو أكثر) إلى مدة تبقى فيها العين غالبا للاستغلال، فلا تصح مطلقة ولا مؤبدة لأنها عقد لازم فأشبهت الإجارة.
تنبيه: قد يفهم كلامه أنها لا تجوز على أقل من سنة، وليس مرادا، بل أقل مدتها ما يطلع فيها الثمر ويستغنى
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429