مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٦
(فإن عجز المنكر) على الأول (عن رعاية هذا الحد) أي التفصيل المذكور (لمنع صاحب المنكر، أبطله كيف تيسر) وإن زاد على ما مر، لأن صاحبه مفرط، ولا يجوز إحراقها ما لم يتعين طريقا للإزالة لأن رضاضها متمول. ويشترك في جواز إزالة المنكر الرجل والمرأة والخنثى ولو أرقاء وفسقة، قال الأسنوي: وفي حفظي أنه ليس للكافر إزالته. وجزم ابن الملقن في العدة أنه ليس للكافر ذلك، ويشهد له قول الغزالي في الاحياء: ومن شروط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون المنكر مسلما، قال: لأن ذلك نصرة للدين، فكيف يكون من غير أهله وهو جاحد لأصل الدين؟ وعدو له والصبي المميز يثاب كما يثاب البالغ، قال في الاحياء: وليس لأحد منعه من إزالة سائر المنكرات كما ليس له منع البالغ، فإنه وإن كان غير مكلف فهو من أهل القرب، وإنما يجب على قادر مكلف. (وتضمن) بأجرة المثل (منفعة الدار والعبد ونحوهما) من كل ما له منفعة يستأجر عليها كالكتاب والدابة والمسك، (بالتفويت) كأن يطالع في الكتاب أو يركب الدابة أو يشم المسك، (والفوات في يد عادية) بأن لم يفعل ذلك ولا غيره كإغلاق الدار، لأن المنافع متقومة فكانت مضمونة بالغصب كالأعيان، سواء أكان مع ذلك أرش أم لا كما سيأتي. فإن تفاوتت الاجر في مدة ضمن كل مدة بما يقابلها وكان للمغصوب صنائع وجب أجرة أعلاها إن لم يمكن جمعها، وإلا فأجرة الجميع كخياطة وحراسة وتعليم قرآن. أما ما لا يؤجر لكونه غير مال ككلب أو لكونه محرما كآلات اللهو أو لغير ذلك كالحبوب فلا تضمن منفعته، فلو اصطاد بالكلب شيئا كان له كما لو غصب شبكة أو قوسا فاصطاد بهما، فإن اصطاد له العبد شيئا فالمصيد لسيده ولو كان غير مميز كما صرح به الروياني، ويضمن الغاصب أجرته في زمن صيده أيضا. (ولا تضمن منفعة البضع) وهو الفرج (إلا بتفويت) بالوطئ فيضمنه بمهر المثل كما سيأتي، ولا يضمن بالفوات لأن اليد لا تثبت عليه، بل اليد على منفعته للمرأة بدليل أن السيد يزوج أمته المغصوبة، ولا يؤجرها لأن يد الغاصب حائلة. (وكذا) لا تضمن (منفعة بدن الحر) إلا بالتفويت (في الأصح) فإن حبسه ولم يستوف منفعته لم يستحق شيئا وإن كان صغيرا، لأن الحر لا يدخل تحت اليد فمنافعه تفوت تحت يده. والثاني: أنها تضمن بالفوات أيضا، لأن منافعه تقوم في الإجارة الفاسدة فأشبهت منافع الأموال.
واحترز بالمنفعة عن نفس الحر فلا يضمن بالغصب، وقد ذكره المصنف في باب السرقة، فقال: ولا يضمن حر بيده ولو ذكره هنا كان أولى، وعن ثياب الحر المستولي عليه فلا تدخل في ضمان المستولي صغيرا كان المستولي عليه أو كبيرا، قويا كان أو ضعيفا.
تنبيه: منفعة المسجد والشارع والرباط والمقبرة وأرض عرفات ونحوها ملحقة ببدن الحر تضمن بالتفويت لا بالفوت، فلو شغل بقعة من المسجد بمتاعه لزمه أجرتها إن لم يغلقه وإلا لزمه أجرة الكل، فإن أغلقه بلا وضع متاع ومنع الناس من الصلاة فيه فلا ضمان عليه لأن المسجد لا تثبت عليه اليد، ومثله في ذلك البقعة. (وإذا نقص المغصوب) عند الغاصب (بغير استعمال) كسقوط يد العبد بآفة وعماء، (وجب الأرش) للنقص (مع الأجرة) للفوات، لأن السبب مختلف ويضمن بأجرة المثل سليما قبل النقص ومعيبا بعده. (وكذا) يجب الأرش مع الأجرة (لو نقص به) أي الاستعمال، (بأن) أي كأن (بلي الثوب) باللبس (في الأصح) لأن كلا منهما يجب ضمانه عند الانفراد فكذا عند الاجتماع. والثاني: أن الواجب أكثر الامرين من الأجرة والأرش، لأن النقصان نشأ من الاستعمال وقد قوبل بالأجرة فلا يجب ضمان آخر. ودفع بأن الأجرة في مقابلة الفوات لا الاستعمال.
فصل: في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها. لو (ادعى) الغاصب (تلفه)
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429