(فإن عجز المنكر) على الأول (عن رعاية هذا الحد) أي التفصيل المذكور (لمنع صاحب المنكر، أبطله كيف تيسر) وإن زاد على ما مر، لأن صاحبه مفرط، ولا يجوز إحراقها ما لم يتعين طريقا للإزالة لأن رضاضها متمول. ويشترك في جواز إزالة المنكر الرجل والمرأة والخنثى ولو أرقاء وفسقة، قال الأسنوي: وفي حفظي أنه ليس للكافر إزالته. وجزم ابن الملقن في العدة أنه ليس للكافر ذلك، ويشهد له قول الغزالي في الاحياء: ومن شروط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون المنكر مسلما، قال: لأن ذلك نصرة للدين، فكيف يكون من غير أهله وهو جاحد لأصل الدين؟ وعدو له والصبي المميز يثاب كما يثاب البالغ، قال في الاحياء: وليس لأحد منعه من إزالة سائر المنكرات كما ليس له منع البالغ، فإنه وإن كان غير مكلف فهو من أهل القرب، وإنما يجب على قادر مكلف. (وتضمن) بأجرة المثل (منفعة الدار والعبد ونحوهما) من كل ما له منفعة يستأجر عليها كالكتاب والدابة والمسك، (بالتفويت) كأن يطالع في الكتاب أو يركب الدابة أو يشم المسك، (والفوات في يد عادية) بأن لم يفعل ذلك ولا غيره كإغلاق الدار، لأن المنافع متقومة فكانت مضمونة بالغصب كالأعيان، سواء أكان مع ذلك أرش أم لا كما سيأتي. فإن تفاوتت الاجر في مدة ضمن كل مدة بما يقابلها وكان للمغصوب صنائع وجب أجرة أعلاها إن لم يمكن جمعها، وإلا فأجرة الجميع كخياطة وحراسة وتعليم قرآن. أما ما لا يؤجر لكونه غير مال ككلب أو لكونه محرما كآلات اللهو أو لغير ذلك كالحبوب فلا تضمن منفعته، فلو اصطاد بالكلب شيئا كان له كما لو غصب شبكة أو قوسا فاصطاد بهما، فإن اصطاد له العبد شيئا فالمصيد لسيده ولو كان غير مميز كما صرح به الروياني، ويضمن الغاصب أجرته في زمن صيده أيضا. (ولا تضمن منفعة البضع) وهو الفرج (إلا بتفويت) بالوطئ فيضمنه بمهر المثل كما سيأتي، ولا يضمن بالفوات لأن اليد لا تثبت عليه، بل اليد على منفعته للمرأة بدليل أن السيد يزوج أمته المغصوبة، ولا يؤجرها لأن يد الغاصب حائلة. (وكذا) لا تضمن (منفعة بدن الحر) إلا بالتفويت (في الأصح) فإن حبسه ولم يستوف منفعته لم يستحق شيئا وإن كان صغيرا، لأن الحر لا يدخل تحت اليد فمنافعه تفوت تحت يده. والثاني: أنها تضمن بالفوات أيضا، لأن منافعه تقوم في الإجارة الفاسدة فأشبهت منافع الأموال.
واحترز بالمنفعة عن نفس الحر فلا يضمن بالغصب، وقد ذكره المصنف في باب السرقة، فقال: ولا يضمن حر بيده ولو ذكره هنا كان أولى، وعن ثياب الحر المستولي عليه فلا تدخل في ضمان المستولي صغيرا كان المستولي عليه أو كبيرا، قويا كان أو ضعيفا.
تنبيه: منفعة المسجد والشارع والرباط والمقبرة وأرض عرفات ونحوها ملحقة ببدن الحر تضمن بالتفويت لا بالفوت، فلو شغل بقعة من المسجد بمتاعه لزمه أجرتها إن لم يغلقه وإلا لزمه أجرة الكل، فإن أغلقه بلا وضع متاع ومنع الناس من الصلاة فيه فلا ضمان عليه لأن المسجد لا تثبت عليه اليد، ومثله في ذلك البقعة. (وإذا نقص المغصوب) عند الغاصب (بغير استعمال) كسقوط يد العبد بآفة وعماء، (وجب الأرش) للنقص (مع الأجرة) للفوات، لأن السبب مختلف ويضمن بأجرة المثل سليما قبل النقص ومعيبا بعده. (وكذا) يجب الأرش مع الأجرة (لو نقص به) أي الاستعمال، (بأن) أي كأن (بلي الثوب) باللبس (في الأصح) لأن كلا منهما يجب ضمانه عند الانفراد فكذا عند الاجتماع. والثاني: أن الواجب أكثر الامرين من الأجرة والأرش، لأن النقصان نشأ من الاستعمال وقد قوبل بالأجرة فلا يجب ضمان آخر. ودفع بأن الأجرة في مقابلة الفوات لا الاستعمال.
فصل: في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها. لو (ادعى) الغاصب (تلفه)