مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٨٨
تحكيما للعادة، كما يجب تبقية الزرع إلى أوان الحصاد وإبقاء المتاع في السفينة في اللجة إلى الوصول إلى الشط. وهو بفتح الجيم وكسرها وإهمال الدالين كما في الصحاح، وحكي إعجامهما. ثم إذا جاء أوان الجداد ليس له الصبر حتى يأخذها على التدريج ولا تأخرها إلى تناهي نضجها، بل المعتبر في ذلك العادة لو كانت الثمرة من نوع يعتاد قطعه قبل النضج كالموز الأخضر في بلاد لا ينتهي فيها كلف البائع قطعها على العادة. ويستثنى من التبقية صورتان: الأولى إذا تعذر سقي الثمرة لانقطاع الماء وعظم ضرر الشجر بإبقائها فليس له إبقاؤها. الثانية: إذا أصابتها آفة ولا فائدة في تركها فليس له إبقاؤها.
(ولكل منهما) أي المتبايعين في الابقاء، (السقي إن انتفع به الشجر والثمر) أو أحدهما، (ولا منع للآخر) منه لعدم ضرره.
تنبيه: عبارة المهذب والوسيط: إن لم يتضرر الآخر، ويؤخذ منها عدم المنع عند انتفاء الضرر والنفع لأنه تعنت، قاله السبكي وغيره. قال شيخنا: وقد يتوقف فيه، إذ لا غرض للبائع حينئذ فكيف يلزم المشتري تمكينه اه‍. وهذا هو الظاهر كما قاله شيخي. (وإن ضرهما لم يجز إلا برضاهما) معا، فليس لأحدهما السقي إلا برضى الآخر لأنه يدخل عليه ضررا، فإن رضيا بذلك جاز. فإن قيل: إذا رضيا بذلك ففيه إفساد للمال وهو حرام. أجيب بأن الافساد غير محقق. وقيل: يحمل كلامهم على ما إذا كان يضرهما من وجه دون وجه. (وإن ضر أحدهما) أي ضر الشجر ونفع الثمر أو العكس (وتنازعا) أي المتبايعان في السقي، (فسخ العقد) لتعذر إمضائه إلا بإضرار أحدهما. والفاسخ له المتضرر كما يؤخذ من غضون كلامهم واعتمده شيخي، وقيل: الحاكم، وجزم به وصححه السبكي، وقيل: كل من العاقدين، واستظهره الزركشي.
تنبيه: شمل كلام المصنف ما لو ضر السقي أحدهما ومنع تركه حصول زيادة للآخر، وهو كذلك لاستلزام منع حصولها له انتفاعه بالسقي. وذكر في الروضة احتمالين للامام. (إلا أن يسامح المتضرر) فلا فسخ حينئذ لزوال النزاع. فإن قيل:
في ذلك إضاعة مال وهي محرمة. أجيب بأن في ذلك إحسانا ومسامحة. نعم الكلام في المالكين المطلقي التصرف لا من يتصرف لغيره أو لنفسه وهو غير مطلق التصرف. (وقيل لطالب السقي) وهو البائع في الصورة الأولى والمشتري في الثانية، (أن يسقي) ولا يبالي بضرر الآخر، لأنه قد رضي به حين أقدم على هذا العقد. فلا فسخ على هذا أيضا، وحيث احتاج البائع إلى سقي ثمرته فالمؤنة عليه. وأما الماء الذي يسقى منه فقال في المطلب: ظاهر كلام الأصحاب أنه الماء المعد لسقي تلك الأشجار ملكه المشتري أو لا. (ولو كان الثمن يمتص رطوبة الشجر) والسقي ممكن بالماء المعد له، (لزم البائع أن يقطع) ثمرته (أو يسقي) الشجر دفعا لضرر المشتري، لو تعذر السقي لانقطاع الماء تعين القطع. ثم شرع في اللفظ السابع وهو الثمار وهو يتناول نواها وقمعها في ضمن فصل، فقال:
فصل: في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما: (يجوز بيع الثمر بعد بدو) أي ظهور (صلاحه) وسيأتي بيانه (مطلقا) من غير شرط قطع ولا تبقية. (وبشرط قطعه وبشرط إبقائه) سواء أكانت الأصول لأحدهما أم لغيره، لأنه ( ص) نهى عن بيع الثمر قبل بدو صلاحها، رواه الشيخان. فيجوز بعد بدوه وهو صادق بكل من الأحوال الثلاثة.
والمعنى الفارق بينهما أمن العاهة بعده غالبا لغلظها وكبر نواها، وقبله تسرع إليه لضعفه فيفوت بتلفه الثمن، وبه يشعر قوله (ص): أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يستحق أحدكم مال أخيه. (وقبل الصلاح إن بيع منفردا عن الشجر
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429