مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٤٠
فصل: إذا (جنى المرهون) على أجنبي جناية تتعلق برقبته، (قدم المجني عليه) على المرتهن، لأنه لا حق له في غير الرقبة، فلو قدم المرتهن عليه لضاع حقه. وأما المرتهن فحقه متعلق بها وبالذمة فلا يفوت بفواتها. ولو أمر سيده بالجناية وهو مميز فلا أثر لاذنه في شئ إلا في الاثم، أو غير مميز أو أعجمي يعتقد وجوب طاعة سيده في كل ما يأمره به فالجاني هو السيد.
ولا يتعلق برقبة العبد قصاص ولا مال، ولا يقبل قول السيد أنا أمرته بالجناية في حق المجني عليه لأنه يتضمن قطع حقه عن الرقبة، بل يباع العبد فيها وعلى سيده قيمته لتكون رهنا مكانه لاقراره بأمره بالجناية. وأمر غير السيد العبد بالجناية كالسيد فيما ذكر، كما ذكروه في الجنايات وصرح به الماوردي هنا. (فإن اقتص) المستحق في النفس أو غيرها بأن أوجبت الجناية قصاصا، (أو بيع) المرهون كله أو بعضه (له) أي لحق المجني عليه، بأن أوجبت الجناية مالا أو عفا على مال. (بطل الرهن) فيما اقتص أو بيع لفوات محله. نعم إن وجبت قيمته كأن كانت تحت يد غاصب لم يفت الرهن بل تكون قيمته رهنا مكانه، فلو عاد المبيع إلى ملك الراهن لم يكن رهنا.
تنبيه: قد علم من اقتصاره على القصاص والبيع أنه لو سقط حق المجني عليه بعفو أو فداء لم يبطل. (وإن جنى) المرهون (على سيده فاقتص بطل) الرهن في المقتص نفسا كان أو طرفا كما صرح به في المحرر.
تنبيه: قال الأسنوي: التاء في اقتص مفتوحة، والضمير يعود إلى المستحق فيشمل السيد والوارث والسلطان فيمن لا وارث له، ولا يصح ضمها، لأنه لا يتعدى إلا بمن. وقال الشارح: بضم التاء، وقدر منه. والأولى أولى لسلامتها من التقدير، ولكن يؤيد الشارح ما يأتي في ضبط عفي من قوله: (وإن عفي علي مال لم يثبت على الصحيح) لأن السيد لا يثبت له على عبده مال ابتداء. (فيبقى رهنا) كما كان. والثاني: يثبت المال ويتوصل به إلى فك الرهن. ومحل الخلاف في غير الأمة التي استولدها السيد المعسر، أما هي فإن الاستيلاد لا ينفذ في حق المرتهن، ولا تباع في الجناية على السيد جزما، لأن المستولدة لو جنت على أجنبي لا تباع بل يفديها السيد فتكون جنايتها على سيدها في الرهن كالعدم.
تنبيه: قوله: عفي بضم العين كما نقل عن خط المصنف ليشمل عفو السيد والوارث، لكنه معترض من جهة اصطلاحه، فإن الخلاف في عفو السيد وجهان، وفي عفو الوارث قولان، فثبوت المال في الأول ضعيف، والثاني قوي. وأتى بالفاء لأنه مفرع على الصحيح. وعلى مقابله هو رهن أيضا، لكن يباع في الجناية ويبطل الرهن. ولو جنى على سيده خطأ كان العفو، فلو قال:
وإن وجد سبب المال لكان أشمل. (وإن قتل) المرهون (مرهونا لسيده عند) مرتهن (آخر فاقتص) السيد منه (بطل الرهنان) لفوات محلهما، (وإن) عفى على غير مال صح كما مر، وإن عفى على مال أو (وجب مال) بجناية خطأ أو نحوه، (تعلق به) أي المال (حق مرتهن القتيل) والمال متعلق برقبة القاتل، (فيباع) إن لم تزد قيمته على الواجب بالقتل. (وثمنه) إن لم يزد على الواجب (رهن) وإلا فقدر الواجب منه، لأنه يصير نفسه رهنا. (وقيل يصير رهنا) ولا يباع، لأنه لا فائدة في البيع إذا كان الواجب أكثر من قيمته أو مثلها. ودفع بأن حق المرتهن في ماليته لا في عينه، ولأنه قد يرغب فيه بزيادة فيتوثق مرتهن القاتل بها، فإن كان الواجب أقل من قيمته فعلى الأول يباع منه بقدر الواجب ويبقى الباقي رهنا، فإن تعذر بيع بعضه أو نقص به بيع الكل وصار الزائد رهنا عند مرتهن القتيل، وعلى الثاني ينتقل من القاتل بقدر الواجب إلى مرتهن القتيل. تنبيه: محل الخلاف إذا طلب الراهن النقل ومرتهن القتيل البيع فأيهما يجاب؟ فيه الوجهان. أما إذا طلب الراهن البيع ومرتهن القتيل النقل، فالمجاب الراهن إذ لا حق للمرتهن في عينه. ولو اتفق الراهن والمرتهنان على أحد الطرفين فهو المسلوك قطعا، أو الراهن ومرتهن القتيل على نقل القاتل أو بعضه إلى المرتهن ليكون رهنا فليس لمرتهن
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429