الحاكم، ولو وجد الوارث والناظر والناظر كما اله الأذرعي: ولو وقف على قبيلة كالطالبين أجزأ ثلاثة منهم، فإن قال:
وقفت على أولاد علي وجعفر وعقيل اشترط ثلاثة من كل منهم. ويدخل في الوقف على الفقراء الغرباء وفقراء أهل البلد.
وللناظر الاقتراض في عمارة الوقف بإذن الإمام، فلو نبتت شجرة بمقبرة فثمرتها مباحة للناس تبعا للمقبرة وصرفها إلى مصالح المقبرة أولى من تبقيتها للناس، لا ثمر شجرة غرست للمسجد فيه فليست مباحة بلا عوض، بل يصرف الإمام عوضها لمصالح المسجد. وإنما خرجت الشجرة عن ملك غارسها هنا بلا لفظ للقرينة الظاهرة، وخرج بغرسها للمسجد غرسها مسبلة، فيجوز أكلها بلا عوض، وكذا إن جهلت نيته حيث جرت العادة به. وتقطع الشجرة من المسجد إن رآه الإمام، بل إن جعل البقعة مسجدا وفيها شجرة فللإمام قطعها. وإن أدخلها الواقف في الوقف والوقف أمانة في يد الموقوف عليه، فإن استعمله في غير ما وقف له ضمنه، فإن انكسر القدر بلا تعد فإن تطوع أحد بإصلاحه فذاك وإلا أعيد صغيرا ببعضه، فإن تعذر فقصعة أو مغرفة أو نحوها ولا حاجة إلى إنشاء وقف، ولو وقف دهنا لاسراج المسجد به أسرج كل الليل إلا أن لا يتوقع حضور أحد ينتفع به انتفاعا جائزا. قال الدميري: واقعة عن السبكي: قال لي ابن الرفعة: أفتيت ببطلان خزانة كتب وقفها واقف لتكون في مكان معين في مدرسة الصالحية بمصر، لأن ذلك المكان مستحق لغير تلك المنفعة. قال السبكي: ونظيره إحداث منبر في مسجد لم يكن فيه فإنه لا يجوز، وكذا إحداث كرسي مصحف مؤبد يقرأ فيه كما يفعل بالجامع الأزهر وغيره لا يصح وقفه لما تقدم من استحقاق تلك البقعة لغير هذه الجهة، قال: والعجب من قضاة يثبتون وقف ذلك شرعا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وسئل السبكي عن رجل وقف أرضا بها أشجار موز والعادة أن شجر الموز لا يبقى أكثر من سنة فزالت الأشجار بعد أن نبتت من أصولها أشجار ثم أشجار على ممر الزمان، فأجاب: الأرض وما فيها من أصول الموز وفراخه وقف وما نبت بعد ذلك من الفراخ ينسحب عليه حكم الوقف ولا يحتاج إلى إنشاء وقف، بخلاف العبد الموقوف إذا قتله واشترى بقيمته عبدا آخر فإنه يحتاج إلى إنشاء وقف كما تقدم، والفرق أن العبد قد فات بالكلية والأرض الموقوفة باقية.
كتاب الهبة تقال لما يعم الهدية والصدقة ولما يقابلهما، واستعمل الأول في تعريفها والثاني في أركانها وسيأتي. والأصل فيها على الأول قبل الاجماع قوله تعالى: * (فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) *، وقوله: * (وآتى المال على حبه) * الآية، وقوله تعالى: * (وإذا حييتم بتحية) * الآية، قيل: المراد منها الهبة. وأخبار كخبر الصحيحين: لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة أي ظلفها. وانعقد الاجماع على استحباب الهبة بجميع أنواعها، قال الله تعالى: * (وتعاونوا على البر والتقوى) * والهبة بر، ولأنها سبب التواد والتحاب، قال (ص): تهادوا تحابوا. وقبل (ص) هدية المقوقس الكافر وتسر من جملتها بمارية القبطية وأولدها، وقبل هدية النجاشي المسلم وتصرف فيها وهاداه أيضا. وقد يعرض لها أسباب تخرجها عن ذلك: منها الهبة لأرباب الولايات والعمال فإنه يحرم عليهم قبول الهدية من أهل ولاياتهم ممن ليست له عادة بذلك قبل الولاية كما هو محرر في محله. ومنها ما لو كان المتهب يستعين بذلك على معصية. وصرفها في الأقارب والجيران أفضل من صرفها في غيرهم لما في الأول من صلة الرحم، ولما روي في الثاني من قوله (ص): من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره. والصرف إلى الأول أفضل. ثم شرع المصنف في تعريفها بالمعنى الأول، فقال: (التمليك) لعين (بلا عوض) في حال الحياة تطوعا (هبة) فخرج بالتمليك العارية والضيافة والوقف، وبالعين الدين والمنفعة وسيأتي حكمهما، وبنفي العوض ما فيه عوض كالبيع ولو بلفظ