مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٩٦
الحاكم، ولو وجد الوارث والناظر والناظر كما اله الأذرعي: ولو وقف على قبيلة كالطالبين أجزأ ثلاثة منهم، فإن قال:
وقفت على أولاد علي وجعفر وعقيل اشترط ثلاثة من كل منهم. ويدخل في الوقف على الفقراء الغرباء وفقراء أهل البلد.
وللناظر الاقتراض في عمارة الوقف بإذن الإمام، فلو نبتت شجرة بمقبرة فثمرتها مباحة للناس تبعا للمقبرة وصرفها إلى مصالح المقبرة أولى من تبقيتها للناس، لا ثمر شجرة غرست للمسجد فيه فليست مباحة بلا عوض، بل يصرف الإمام عوضها لمصالح المسجد. وإنما خرجت الشجرة عن ملك غارسها هنا بلا لفظ للقرينة الظاهرة، وخرج بغرسها للمسجد غرسها مسبلة، فيجوز أكلها بلا عوض، وكذا إن جهلت نيته حيث جرت العادة به. وتقطع الشجرة من المسجد إن رآه الإمام، بل إن جعل البقعة مسجدا وفيها شجرة فللإمام قطعها. وإن أدخلها الواقف في الوقف والوقف أمانة في يد الموقوف عليه، فإن استعمله في غير ما وقف له ضمنه، فإن انكسر القدر بلا تعد فإن تطوع أحد بإصلاحه فذاك وإلا أعيد صغيرا ببعضه، فإن تعذر فقصعة أو مغرفة أو نحوها ولا حاجة إلى إنشاء وقف، ولو وقف دهنا لاسراج المسجد به أسرج كل الليل إلا أن لا يتوقع حضور أحد ينتفع به انتفاعا جائزا. قال الدميري: واقعة عن السبكي: قال لي ابن الرفعة: أفتيت ببطلان خزانة كتب وقفها واقف لتكون في مكان معين في مدرسة الصالحية بمصر، لأن ذلك المكان مستحق لغير تلك المنفعة. قال السبكي: ونظيره إحداث منبر في مسجد لم يكن فيه فإنه لا يجوز، وكذا إحداث كرسي مصحف مؤبد يقرأ فيه كما يفعل بالجامع الأزهر وغيره لا يصح وقفه لما تقدم من استحقاق تلك البقعة لغير هذه الجهة، قال: والعجب من قضاة يثبتون وقف ذلك شرعا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وسئل السبكي عن رجل وقف أرضا بها أشجار موز والعادة أن شجر الموز لا يبقى أكثر من سنة فزالت الأشجار بعد أن نبتت من أصولها أشجار ثم أشجار على ممر الزمان، فأجاب: الأرض وما فيها من أصول الموز وفراخه وقف وما نبت بعد ذلك من الفراخ ينسحب عليه حكم الوقف ولا يحتاج إلى إنشاء وقف، بخلاف العبد الموقوف إذا قتله واشترى بقيمته عبدا آخر فإنه يحتاج إلى إنشاء وقف كما تقدم، والفرق أن العبد قد فات بالكلية والأرض الموقوفة باقية.
كتاب الهبة تقال لما يعم الهدية والصدقة ولما يقابلهما، واستعمل الأول في تعريفها والثاني في أركانها وسيأتي. والأصل فيها على الأول قبل الاجماع قوله تعالى: * (فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) *، وقوله: * (وآتى المال على حبه) * الآية، وقوله تعالى: * (وإذا حييتم بتحية) * الآية، قيل: المراد منها الهبة. وأخبار كخبر الصحيحين: لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة أي ظلفها. وانعقد الاجماع على استحباب الهبة بجميع أنواعها، قال الله تعالى: * (وتعاونوا على البر والتقوى) * والهبة بر، ولأنها سبب التواد والتحاب، قال (ص): تهادوا تحابوا. وقبل (ص) هدية المقوقس الكافر وتسر من جملتها بمارية القبطية وأولدها، وقبل هدية النجاشي المسلم وتصرف فيها وهاداه أيضا. وقد يعرض لها أسباب تخرجها عن ذلك: منها الهبة لأرباب الولايات والعمال فإنه يحرم عليهم قبول الهدية من أهل ولاياتهم ممن ليست له عادة بذلك قبل الولاية كما هو محرر في محله. ومنها ما لو كان المتهب يستعين بذلك على معصية. وصرفها في الأقارب والجيران أفضل من صرفها في غيرهم لما في الأول من صلة الرحم، ولما روي في الثاني من قوله (ص): من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره. والصرف إلى الأول أفضل. ثم شرع المصنف في تعريفها بالمعنى الأول، فقال: (التمليك) لعين (بلا عوض) في حال الحياة تطوعا (هبة) فخرج بالتمليك العارية والضيافة والوقف، وبالعين الدين والمنفعة وسيأتي حكمهما، وبنفي العوض ما فيه عوض كالبيع ولو بلفظ
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429