مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٩٨
والثاني: يصدق مدعي الفساد، لأن الأصل عدم العقد الصحيح. وإنما رجح الأصل الأول لاعتضاده بتشوف الشارع إلى انبرام العقود. واستثنى من ذلك مسائل: منها ما إذا باع ذراعا من أرض وهما يعلمان ذرعانها فادعى أنه أراد ذراعا معينا مبهما وادعى المشتري الإشاعة، فالمصدق البائع لأنه أعرف بإرادته. ومنها ما إذا قال السيد: كاتبتك وأنا مجنون أو محجور علي وعرف له ذلك فإنه المصدق، ومثله قول الروياني فيما لو اختلفا فيما يكون وجوده شرطا كبلوغ البائع كأن باعه ثم قال: لم أكن بالغا حين البيع وأنكر المشتري واحتمل ما قاله البائع صدق بيمينه، لأن الأصل عدم البلوغ. وأما إذا قال السيد: كاتبتك على نجم واحد، وقال الرقيق: بل على نجمين فإن الرقيق هو المصدق كما رجحه المصنف. ومنها ما لو قال مشتري المغصوب: كنت أظن القدرة على تسليمه وأنا الآن لا أقدر فهو المصدق كما أفتى به القفال، لاعتضاده بقيام الغصب. ومنها ما إذا اختلفا هل وقع الصلح على إنكار أو اعتراف فالمصدق مدعي وقوعه على إنكاره لأنه الغالب كما سيأتي في بابه. ومنها ما إذا قال المرتهن: أذنت في البيع بشرط رهن الثمن وقال الراهن: بل مطلقا فالمصدق المرتهن، هكذا قاله الزركشي. قال شيخنا: وليس مما نحن فيه لأن الاختلاف بعد تسليم الحكم المذكور لم يقع من العاقدين، ولا من نائبهما. ولو قال المشتري: رأيت المبيع وأنكر البائع، أو قال المشتري: اشتريت ما لم أره فالمصدق مدعي الصحة، وكذا لو باع الثمرة قبل بدو الصلاح أو الزرع في الأرض ثم اختلفا هل شرط القطع أو لا، أو قالت المرأة، وقع العقد بلا ولي ولا شهود وأنكر الزوج، فالمصدق مدعي الصحة.
تنبيه: هذا الاختلاف قد علمت أنه يجري في غير البيع كالنكاح وغيره، فلو قال المصنف: ولو ادعى صحة العقد، لكان أولى. (ولو اشترى عبدا) مثلا معينا وقبضه، (فجاء بعبد معيب ليرده فقال البائع ليس هذا المبيع صدق البائع بيمينه) لأن الأصل السلامة وبقاء العقد. (وفي مثله في السلم) بأن يقبض المسلم المؤدى عن المسلم فيه ثم يأتي بمعيب فيقول المسلم إليه ليس هذا المقبوض، (يصدق المسلم في الأصح) بيمينه أن هذا هو المقبوض، لأن الأصل بقاء شغل ذمة المسلم إليه بالمسلم فيه. والثاني: يصدق المسلم إليه كالبيع. وفرق الأول بأن المدعي هنا لم يعترف بقبض ما ورد عليه العقد، والأصل بقاء شغل ذمة المنكر، وهناك اعترف بقبضه ووقع الاختلاف في سبب الفسخ، والأصل عدمه. وقيدت العبد في كلامه بالمعين احترازا عن المبيع الموصوف في الذمة فإنه كالمسلم فيه. والثمن المعين كالمبيع المعين فيصدق المشتري في الأصح.
خاتمة: لو قبض المبيع مثلا مكيلا أو موزونا ثم ادعى نقصا، فإن كان قدرا يقع مثله في الكيل أو الوزن صدق بيمينه لاحتماله مع عدم مخالفته الظاهر، وإلا فلا يصدق، لمخالفته الظاهر، ولأنهما اتفقا على القبض، والقابض يدعي الخطأ فيه فعليه البينة، كما لو اقتسما ثم جاء أحدهما وادعى الخطأ فيه تلزمه البينة. ولو باعه أو رهنه عصيرا فوجده خمرا أو وجد فيه فأرة ميتة وقال هكذا قبضته منك وأنكر البائع، صدق البائع بيمينه إن أمكن صدقه، لأن الأصدق عدم المفسد، ولو اختلفا في القبض صدق المشتري. ولو باع شخص شيئا فظهر أنه كان لابنه أو موكله فوقع اختلاف، كأن قال الابن: باع أبي مالي في الصغر لنفسه متعديا، وقال الموكل: باع وكيلي مالي متعديا، وقال المشتري: لم يتعد الولي ولا الوكيل صدق المشتري بيمينه، لأن كلا من الأب والوكيل أمين فلا يتهم إلا بحجة.
باب في معاملة الرقيق ذكر الشيخ في التنبيه هذا الباب عقب القراض لمشاركته له في اتحاد المقصود، وهو تحصيل الربح بالاذن في التصرف . وذكره الشافعي رضي الله تعالى عنه هنا وترجم له بمداينة العبيد، وتبعه الرافعي ثم تبعهما المصنف. قال الامام: تصرفات
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429