مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٥٩
ففيه وجهان في العدة والبيان، قال المصنف: لعل الأصح أنه إقرار اه‍. لا يلزمه شئ كما نقله الهروي عن النص، كما إذا قال: له علي ألف إلا أن يشاء الله، ولو قال: غصبت داره ولو بإسكان الهاء، وقال: أردت داره الشمس أو القمر لم يقبل قوله لأن غصب ذلك محال، فلا تقبل إرادته. وإن أقر البائع بالبيع في زمن الخيار له أولها لاحد انفسخ البيع لأن له الفسخ حينئذ، بخلاف ما لو أقر بعد انقضاء الخيار له أو لها أو كان للمشتري لعجزه عن الفسخ. ولو أقر أو أوصى بثياب بدنه دخل فيه كل ما يلبسه حتى الفروة، لا الخلف لأنه ليس من مسمى الثياب.
فصل: في الاقرار بالنسب وهو القرابة، وجمعه أنساب. وهو على قسمين: الأول أن يلحق النسب بنفسه، والثاني بغيره. وقد بدأ بالقسم الأول فقال: لو (أقر) البالغ العاقل الذكر، ولو عبدا وكافرا وسفيها (بنسب) لغيره (إن ألحقه بنفسه) ك‍ هذا ابني أو أنا أبوه، وإن كان الأول أولى لكون الإضافة فيه إلى المقر، (اشترط لصحته) أي هذا الالحاق أمور:
أحدها: (أن لا يكذبه الحس) بأن يكون في سن يمكن أن يكون منه، فلو كان في سن لا يتصور كونه منه، أو كان قد قطع ذكره وأنثياه من زمن يتقدم على زمن العلوق به لم يثبت نسبه لأن الحس يكذبه، وهذا بالنسبة إلى النسب، أما بالنسبة إلى العتق فسيأتي. ولو قدمت كافرة بطفل وادعاه رجل وأمكن اجتماعهما أو احتمل أنه أنفذ إليها ماء فاستدخلته، لحقه، وإلا فلا. (و) ثانيها: أو (لا) يكذبه (الشرع)، وتكذيبه (بأن يكون) المستلحق بفتح الحاء، (معروف النسب من غيره) أو ولد على فراش نكاح صحيح، لأن النسب الثابت من شخص لا ينتقل إلى غيره سواء أصدقه المستلحق أم لا. (و) ثالثها: (أن يصدقه المستلحق) بفتح الحاء (إن كان أهلا للتصديق) بأن يكون مكلفا، لأن له حقا في نسبه، وهو أعرف به من غيره.
تنبيه: أهمل المصنف من الشروط أن لا يكون منفيا بلعان الغير عن فراش نكاح صحيح، فإن كان لم يصح استلحاقه لغير النافي. أما المنفي بوطئ شبهة أو نكاح فاسد فيجوز لغيره أن يستلحقه، لأنه لو نازعه فيه قبل النفي سمعت دعواه، وأن لا يكون ولد زنا، وأن لا يكون المستلحق - بفتح الحاء - رقيقا للغير ولا عتيقا صغيرا أو مجنونا، فإن كان لم يصح استلحاقه محافظة على حق الولاء للسيد، بل يحتاج إلى البينة، فإن صدقه الكبير العاقل قبل كما رجحه ابن المقري خلافا لما رجحه صاحب الأنوار من عدم القبول. والرقيق باق على رقه لعدم التنافي بين النسب والرق، لأن النسب لا يستلزم الحرية والحرية لم تثبت. وإن كان الرقيق له وهو بيده ولم يمكن لحوقه به كأن كان أسن منه لغا قوله، وإن أمكن لحوقه به لحقه الصغير والمجنون والمصدق له وعتقوا. أما ثابت النسب من غيره أو المكذب له فلا يلحقانه ويعتقان عليه مؤاخذة له باعترافه بحريتهما، ولا يرثان منه كما لا يرث منهما. ثم إن أقر بأم ففي زوائد الروضة للعمراني عن ابن اللبان إن قرار الشخص بالام لا يصح لامكان إقامة البينة على الولادة، وأقره في الكفاية. ولو أقر بأب فكذبه أو سكت لم ينبت الاستلحاق. أو ابن (فإن كان بالغا فكذبه) أو قال لا أعلم، وكذا لو سكت كما في الروضة والشرحين هنا، وإن صحح في الشرح والروضة في فصل التسامع في الشهادة إن سكوت البالغ في النسب كالاقرار، (لم يثبت) نسبه (إلا ببينة) كسائر الحقوق، ويثبت أيضا باليمين المردودة وإن لم تصدق بذلك عبارة المصنف. ولو استلحق بالغا عاقلا وصدقه ثم رجعا لا يسقط النسب لأن النسب المحكوم بثبوته لا يرتفع بالاتفاق كالثابت بالافتراش. (وإن استلحق صغيرا) أو مجنونا (ثبت) نسبه بالشروط السابقة ما عدا التصديق، لأن إقامة البينة على النسب عسرة، والشارع قد اعتنى به وأثبته بالامكان فلذلك أثبتناه بالاستلحاق إذا لم يكن المقر به أهلا للتصديق. (فلو بلغ) الصغير أو أفاق المجنون (وكذبه) بعد كماله (لم يبطل) نسبه (في الأصح) فيهما، لأن النسب يحتاط له فلا يندفع بعد ثبوته كالثابت بالبينة. وليس للمقر به تحليفه لأنه لو رجع لم
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429