مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٣٣
في بابه أن الأصح عدم النفوذ، فإن كان عالما برجوعه فلا ينفذ قطعا. وأما تصرفه بالاعتاق والاحبال إذا كان موسرا فنافذ كما علم مما مر. وللمرتهن الرجوع فيما وهب الراهن أو رهن بإذن المرتهن قبل قبض الموهوب أو المرهون، لأنه إنما يتم بالقبض. ولا رجوع فيما أذن له في بيعه في زمن الخيار، لأن البيع مبني على اللزوم والخيار دخيل فيه، إنما يظهر أثره في أثره في حق من له الخيار. ومتى تصرف بإعتاق أو نحوه وادعى الاذن وأنكره المرتهن صدق بيمينه، لأن الأصل عدم الإذن وبقاء الرهن. فإن نكل حلف الراهن، وكان كما لو تصرف بإذنه، فإن لم يحلف الراهن وكان التصرف بالعتق أو الايلاد حلف العتيق والمستولدة لأنهما ينبتان الحق لأنفسهما، بخلافه في نكول المفلس أو وارثه حيث لا يحلف الغرماء، لأنهم يثبتون الحق للمفلس أولا. (ولو أذن في بيته) أي المرهون فباعه والدين مؤجل فلا شئ له على الراهن ليكون رهنا مكانه، لبطلان الرهن، أو حال قضي حقه من ثمنه وحمل إذنه المطلق على البيع في غرضه. وإن أذن له في البيع أو الاعتاق، (ليعجل المؤجل من ثمنه) أو من غير الثمن في البيع، أو من قيمته، أو من غيرها في الاعتاق بأن شرط ذلك، (لم يصح البيع) لفساد الاذن سواء كان الدين حالا أو مؤجلا.
تنبيه: لو عبر المصنف بقوله: بشرط أن يعجل كما قدرته في كلامه تبعا للمحرر والحاوي لكان أولى، فإنه لا يلزم من عبارة المصنف الاشتراط، وقد قال السبكي في هذه الصورة: الذي يظهر أنه ليس بشرط فلا يلتفت إليه، ويصح الاذن والبيع. قال: فالوجه حمله على أنه صرح بالشرط كما صوره الأصحاب. قال: ولا شك أنه لو قال أذنت لك في بيعه لتعجل ونوى الاشتراط كان كالتصريح به، وإنما النظر إذا أطلق هل نقول ظاهره الشرط أو لا؟ والأقرب المنع.
(وكذا لو شرط) في الاذن في بيعه أو إعتاقه، (رهن الثمن) أي القيمة: أي جعله مرهونا مكانه، لم يصح، (في الأظهر) وإن كان الدين حالا لما ذكر، وفساد الشرط بجهالة الثمن عند الاذن. والثاني: يصح البيع ويلزم الراهن الوفاء بالشرط، ولا تضر الجهالة في البدل لأن الرهن قد ينتقل من العين إلى البدن شرعا، كما لو أتلف المرهون فجاز أن ينتقل إليه شرطا. ولو قال المرتهن للراهن: اضرب المرهون فضربه فمات لم يضمن لتولده من مأذون فيه، فإن قال له: أدبه فضربه فمات فعليه ضمانه، لأن المأذون فيه هنا ليس مطلق الضرب بل ضرب تأديب وهو مشروط بسلامة العاقبة، كما لو أدب الزوج زوجته أو الامام إنسانا كما سيأتي إن شاء الله تعالى في ضمان المتلفات.
فصل: فيما يترتب على لزوم الرهن: (إذا لزم الرهن) بالاقباض، (فاليد فيه) أي المرهون (للمرتهن) لأنها الركن الأعظم في الوثوق. (ولا تزال إلا للانتفاع كما سبق) وهذا في الغالب وإلا فقد لا تكون له اليد، كما لو رهن رقيقا مسلما أو مصحفا من كافر أو سلاحا من حربي فيوضع عند من له تملكه، وما لو رهن أمة فإن كانت صغيرة تشتهى أو كان المرتهن محرما لها، أو ثقة من امرأة، أو ممسوح، أو من أجنبي عنده حليلته أو محرمه، أو امرأتان ثقتان وضعت عنده وإلا فعند محرما لها، أو ثقة ممن مر، والخنثى كالأمة، لكن لا يوضع عند امرأة أجنبية. (ولو شرطا) أي الراهن والمرتهن (وضعه) أي المرهون (عند عدل جاز) لأن كلا منهما قد لا يثق بصاحبه، وكما يتولى العبد الحفظ يتولى القبض أيضا كما اقتضاه كلام ابن الرفعة. وخرج بعقد الفاسق، فلا يوضعانه عنده إذا كانا متصرفين أو أحدهما عن الغير كولي ووكيل وقيم ومأذون له وعامل قراض ومكاتب، حيث يجوز لهم ذلك وإلا فيجوز. وعلى هذا يحمل قول الشرحين والروضة عند ثالث، فعبارة المصنف أولى، لأن مفهومها فيه تفصيل. وهو لا يرد، والقول قول العدل في دعوى الهلاك والرد للمرتهن، فإن أتلفه خطأ أو أتلفه غيره أخذ منه البدل وحفظه بالاذن الأول، أو أتلفه عمدا أخذ منه البدل ووضع عند آخر، ولو أتلفه مكرها فكما لو أتلفه خطأ. قال الأذرعي: ولو شرطا وضعه بعد اللزوم عند الراهن
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429