مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٣
فيصح الابراء منها على القولين وإن كانت مجهولة الصفة، لأنه اغتفر ذلك في إثباتها في ذمة الجاني فيغتفر في الابراء تبعا له.
(ويصح ضمانها في الأصح كالابراء، ولأنها معلومة السن والعدد ويرجع في صفتها إلى غالب إبل البلد. والثاني: لا، لجهالة وصفها والابراء مطلوب فوسع فيه بخلاف الضمان. فالوجهان على الجديد، ويصح على القديم جزما. وعلى القول بصحة الضمان يرجع ضامنها إذا ضمنها بالاذن وغرمها بمثلها لا بقيمتها كالقرض كما جزم به ابن المقري. ولا يصح ضمان الدية عن العاقلة قبل الحلول لأنها غير ثابتة بعد، ولو سلم ثبوتها فليست لازمة ولا آيلة إلى اللزوم عن قرب بخلاف الثمن في مدة الخيار.
فروع: لو ملكه مدينه ما في ذمته برئ منه من غير نية أو قرينة ولو لم يقبل كالابراء، ولو أبرأ أحد خصميه مبهما لم يصح، ولو أبرأ وارث عن دين مورثه ولو لم يعلم بموته ثم تبين موته صح كما في البيع، ولو ضمن عنه زكاته صح كدين الآدمي. ويعتبر الاذن عند الأداء إذا ضمن عن حي، فإن ضمن عن ميت جاز الأداء عنه وإن انتفى الاذن كما ذكره الرافعي في باب الوصية. ولو استحل منه من غيبة اغتابها ولم يعينها له فأحله منها فهل يبرأ منها أو لا؟ وجهان أحدهما نعم، لأنه إسقاط محض، كمن قطع عضوا من عبد ثم عفا سيده عن القصاص وهو لا يعلم عين المقطوع فإنه يصح.
والثاني: لا، لأن المقصود رضاه ولا يمكن الرضا بالمجهول. ويفارق القصاص بأن العفو عنه مبني على التغليب والسراية بخلاف إسقاط المظالم، وبهذا جزم المصنف في أذكاره، قال: لأنه قد يسامح شئ دون شئ. وزعم الأذرعي أن الأصح خلافه أخذا مما ذكره في باب الشهادة من أن مقتضى كلام الحليمي وغيره الجزم به، وهذا هو الظاهر. (ولو قال ضمنت مالك على زيد من درهم إلى عشرة فالأصح صحته) لانتفاء الغرر بذكر الغاية. والثاني: لا يصح لجهالة المقدار، فإنه متردد بين الدرهم والعشرة. (و) الأصح على الأول (أنه يكون ضامنا لعشرة) إن كانت عليه أو أكثر منها إدخالا للطرفين في الالتزام. (قلت: الأصح لتسعة، والله أعلم إدخالا للطرف الأول لأنه مبدأ الالتزام، وقيل: لثمانية، إخراجا للطرفين. فإن قيل: رجح المصنف في باب الطلاق أنه لو قال: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث وقوع الثلاث، وقياسه تعين العشرة. أجيب بأن الطلاق محصور في عدد فالظاهر استيفاؤه بخلاف الدين. ولو ضمن ما بين درهم وعشرة لزمه ثمانية كما في الاقرار، ولو كان جاهلا بقدر الدين وقال ضمنت دراهمك التي على فلان صح في ثلاثة كما هو مقتضى كلام أصل الروضة في التفويض في الصداق، لدخولها في اللفظ بكل حال.
فصل: في كفالة البدن، وتسمى أيضا كفالة الوجه: (المذهب صحة كفالة البدن) في الجملة لأنه سيأتي منعها في حدود الله تعالى. وهي التزام إحضار المكفول إلى المكفول له للحاجة إليها، واستؤنس لها بقوله تعالى: * (لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به) *. وفي قول: لا تصح، لأن الحر لا يدخل تحت اليد ولا يقدر على تسليمه.
والطريق الثاني القطع بالأول. وقول الشافعي: كفالة البدن ضعيفة، أراد من جهة القياس. (فإن كفل بدن من عليه مال لم يشترط العلم بقدره) لأنه تكفل بالبدن لا بالمال، (و) لكن (يشترط كونه) أي المال (مما يصح ضمانه) فلا تصح الكفالة ببدن المكاتب للنجوم التي عليه لأنه لا يصح ضمانها كما مر.
تنبيه: قوله كأصله: من عليه مال يوهم أن الكفالة لا تصح ببدن من عنده مال لغيره، وليس مرادا بل تصح وإن كان المال أمانة كوديعة، لأن الحضور مستحق عليه فيشمله الضابط الآتي. (والمذهب صحتها ببدن من عليه عقوبة لآدمي كقصاص وحد قذف) وتعزير، لأنه حق لازم فأشبه المال. وفي قول: لا تصح، لأن العقوبة مبنية على الدفع فتقطع
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429