الوصية ولا حال الموت، وقضية التقييد بالموت أن من عتق في حياته ولو بعد الوقف يدخل. (والصفة المتقدمة على جمل) أو مفردات (معطوفة) لم يتخللها كلام طويل، (تعتبر) تلك الصفة (في الكل) من تلك الجمل أو المفردات.
(كوقفت على محتاجي أولادي وأحفادي) وهم أولاد الأولاد، (وإخوتي، وكذا) الصفة (المتأخرة عليها) أي عنها كما في المحرر. (والاستثناء) يعتبران في الكل (إذا عطف) فيهما (بواو كقوله) في المتأخرة: وقفت (على أولادي وأحفادي وإخوتي المحتاجين) والمحتاج من يجوز له أخذ الزكاة كما أفتى به القفال، وإن بحث الزركشي مراجعة الواقف إن أمكن. (أو إلا أن يفسق بعضهم) لما تقرر في الأصول من أن الأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في جميع المتعلقات كالصفة وغيرها، وكذا الاستثناء بجامع عدم الاستقلال. وإن عطف ما ذكر من المتعاطفات ب ثم أو فرق بينهما بكلام طويل اختصت الصفة والاستثناء بالمعطوف الأخير، فالشرط في عودهما للجميع العطف بالواو، وأن لا يتخلل كلام طويل كما نقله في أصل الروضة عن الإمام وأقره. قال الزركشي: وما نقل عن الإمام إنما هو احتمال له والمذهب خلافه، وقد صرح هو في البرهان بأن مذهب الشافعي العود إلى الجميع. وإن كان العطف ب ثم، قال في المختار: إنه لا يتقيد بالواو بل الضابط وجود عاطف جامع بالوضع كالواو والفاء وثم اه. وهذا المختار هو المعتمد. وتقديم الصفة على المتعاطفات كتأخيرها عنها في عودها إلى الجميع، وكذا المتوسطة، وإن قال السبكي: الظاهر اختصاصها بما وليته اه. ومثلها فيما ذكر الاستثناء. واعلم أن عود الاستثناء إلى الجمل لا يتقيد بالعطف، فقد نقل الرافعي في الايمان أنه يعود إليها بلا عطف، حيث قال القاضي أبو الطيب: لو قال: إن شاء الله أنت طالق عبدي حر لم تطلق ولم يعتق.
تنبيه: ما ذكره المصنف مثال لعطف المفردات لا الجمل، إلا أن يقدر لكل من المعطوفات عامل. ولو وقف على زوجاته أو أمهات أولاده وبناته ما لم يتزوجن فتزوجت واحدة منهن خرجت ولا تعود إذا طلقت أو فارقت بفسخ أو وفاة.
فإن قيل: لو وقف على بناته الأرامل فتزوجت واحدة منهن ثم طلقت عاد استحقاقها فهلا كان هنا كذلك أجيب بأنه في البنات أثبت استحقاق البنات الأرامل، وبالطلاق صارت أرملة، وهنا جعلها مستحقة إلا أن تتزوج، وبالطلاق لا تخرج عن كونها تزوجت. ومقتضى هذا وكلام ابن المقري وأصله من لم تتزوج أصلا أرملة، وليس مرادا، بل الذي نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه أنها التي فارقها زوجها. وفي الوصية من الروضة أنه الأصح، وعلى هذا فلا سؤال.
فصل: في أحكام الوقف المعنوية: (الأظهر أن الملك في رقبة الموقوف) على معين أو جهة (ينتقل إلى الله تعالى) وفسر المصنف انتقاله إلى الله تعالى بقوله: (أي ينفك عن اختصاص الآدمي) ذكر وأنثى، وإلا فجميع الموجودات له سبحانه وتعالى في كل الأوقات. قال الإمام في الشامل: لا يتصور في حق العباد ملك الرقاب وإن أطلق توسعا، فالمالك في الحقيقة هو الله تعالى. وقوله: (فلا يكون للواقف ولا للموقوف عليه) أشار به إلى القولين الآخرين. وجه بقاء الملك للواقف أنه حبس الأصل وسبل الثمرة، وذلك لا يوجب زوال ملكه، ووجه الثالث الالحاق بالصدقة. فإن قيل: الوقف يثبت بشاهد ويمين، وهو يدل لهذين القولين، وأن حقوق الله تعالى لا تثبت إلا بشاهدين. أجيب بأن المقصود بالثبوت هو الريع، وهو حق آدمي ولو جعل البقعة مسجدا أو مقبرة انفك اختصاص الآدمي قطعا. ومثلها الرباط والمدرسة ونحوهما. (ومنافعه) أي الموقوف على معين عند الاطلاق (ملك للموقوف عليه) وفسر المصنف هذا الملك بقوله:
(يستوفيها بنفسه وبغيره بإعارة وإجارة) كسائر الاملاك، ولكن لا يؤجر إلا إذا كان ناظرا أو أذن له الناظر في ذلك