منافع سنة. ولا يجوز كون سنة ظرفا: أي مفعولا فيه لأنه إنشاء وزمنه يسير، بل المعنى واستمر أنت على ذلك سنة كما قيل بذلك في قوله تعالي " فأماته الله عام " أن المعنى فأماته الله واستمر عل ذلك مائة عام، وإلا فزمن الإماتة يسير. وأما نحو أجرتك الدار سنة، فالدار مفعول ثان وسنة ظرف بفعل مقدر مأخوذ من أجرتك:
أي لتنتفع به سنة، ولا يجوز كون سنة مفعولا لأن أجر لا يتعدى إلى مفاعيل، ووزن آجر كما قال ابن الحاجب فاعل كضارب لا أفعل كأكرم، ويجوز تقدم لفظ القابل ولو بقبلت كما يؤخذ من التشبيه بالبيع وبالكتابة والاستيجاب والإيجاب، وبإشارة الأخرس المفهمة وبالكناية كالبيع، ومن الكنايات هنا أسكن داري شهرا بكذا أو جعلت لك منفعتها بكذا، والخلاف في المعاطاة في البيع جار هنا، وفى الرهن والهبة كما نقله في كتاب كتاب البيع من المجموع عن المتولى وآخرين قال في التوشيح. ولا أدرى هل يختار النووي صحة المعاطاة فيها كما اختاره في البيع أولا، والأظهر لا، فإنه لأعرف فيها، بخلاف البيع.
(تنبيه) اعلم أن مقصود الإجارة المنافع، وهي مورد العقد عند الجمهور، إذ لو كان موردها العين رهن العين المستأجرة والمرهونة، وقى موردها العين ليستوفى منها المنفعة، لأن المنافع معدومة. قال الشيخان: ويشبه أن لا يكون خلافا محققا لأن من قال بالثاني لا يعنى به أن العين تملك بالإجارة كما تملك بالبيع، ومن قال بالأول لا يقع النظر عن العين بالكلية ونازع في ذلك ابن الرفعة بأن في البحر وجها: أن حلى الذهب لا تجوز إجارة بالذهب، وحلى الفضة لا تجوز إجارته بالفضة، ولا يظهر له وجه إلا على التخريج بأن المؤجر فقد صار خلافا محققا ونشأ عنه الاختلاف في هذا الفرع.
وقال ابن الملقن تظهر فائدة الخلاف وفى إجارة المستأجر قبل قبضه قلنا مورد العقد مورد العقد العين صحة الإجارة والا فسدت لأن المنافع غير مقبوضة (والأصح انعقادها) أي الإجارة (بقوله) أي المؤجر لدار مثلا (أجرتك) أو أكريتك (منفعتها) سنة مثلا بكذا فيقبل المستأجر فهو كما لو قال آجرتكتها، ويكون ذكر المنفعة تأكيدا كقول البائع: بعتك عين هذه الدار مثلا بكذا فيقبل المستأجر فهو كما لو قال آجرتكها، ويكون ذكر المنفعة تأكيدا كقول البائع: بعتك عين هذه الدار ورقبتها. والثاني المنع لأن لفظ الإجارة وضع مضافا لأن المنفعة لا منفعة لها فكيف يضاف العقد إليها، وجعل في المطلب هذا من فوائد الخلاف في أن موردها العين أو المنفعة (و) الأصح (منعها) أي منع انعقادها (بقوله: بعتك منفعتها) لأن لفظ البيع موضوع لملك الأعيان فلا يستعمل في المنافع كما لا ينعقد البيع بلفظ الإجارة وكلفظ البيع لفظ الشراء. والثاني يجوز لأنها صنف من البيع. وهو قول ابن سريج، وجرم به في التنبيه وصححه جمع من المتأخرين كالأسنوي والأذرعي، وهذه المسألة من فوائد الخلاف أيضا في أن مورد العقد هل العين أو المنفعة والصحة على قول العين والمنع على قول المنفعة وعليه لا يكون البيع كناية فيها أيضا لأن بعتك ينافي سنة فلا يكون صريحا ولا كناية خلافا لما بحثه بعض المتأخرين من أنه فيها كناية. هذا كله في إجارة العين. أما إجارة الذمة فيكفي فيها ألزمت ذمتك بكذا عن لفظ الإجارة ونحوها فيقول قبلت كما في الكافي أو التزمت (وهي) أي الإجارة (قسمان) أحدهما إجارة (ورادة على عين) أي على منفعة مرتبطة بعين (كإجارة العقار ودابة أو شخص) وقوله (معينين) صفة دابة أو شخص غلب فيه لمذكر على المؤنث على الأصل ولو قال معنى بالافراد لوافق المعروف لغة من أن العطف بأو يقتضى الافراد ولهذا أجيب عن قوله تعالى " إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولي برما " بأن المرد التنويع، وبه يجاب عن المصنف هنا وفى كثير من الأبواب (و) القسم الثاني إجارة واردة (على الذمة كاستئجار دابة موصوفة) لحمل مثلا (وبأن يلزم ذمته) أي الشخص عملا (خياطة أو بناء) أو غير ذلك ويقول الآخر قبلت أو اكتريت، وإنما يجعل المصنف العقار من قسم الواردة على عين، واقتصر عليه لأنه لا يثبت في الذمة. والقسم الثاني يتصور فيه الأمران، والسفن هل تلحق بالدواب أو بالعقار؟ لم يتعرضوا له، والأقرب إلحاقها بالدواب كما قاله الجلال البلقيني.
(تنبيه) تقسيم الإجارة إلى واردة على العين وواردة على الذمة لا ينافي تصحيحهم أن موردها المنفعة لا العين لأن