مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢١٧
كتاب الوكالة هي بفتح الواو وكسرها لغة: التفويض، يقال: وكل أمره إلى فلان: فوضه إليه واكتفى به، ومنه: توكلت على الله. وشرعا: تفويض شخص ما له فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حياته. والأصل فيها من الكتاب قوله تعالى : * (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) *، وأما قوله تعالى: * (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه) *، وقوله: * (اذهبوا بقميصي هذا) *، فهذا شرع من قبلنا، والصحيح أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا وإن ورد في شرعنا ما يقرره. ومن السنة أحاديث كثيرة، منها خبر الصحيحين: أنه (ص) بعث السعاة لاخذ الزكاة، ومنها توكيله (ص) عمرو بن أمية الضمري في نكاح أم حبيبة، ومنها: توكيله أبا رافع في قبول نكاح ميمونة، ومنها: توكيله عروة البارقي في شراء الشاة. وانعقد الاجماع على جوازها، ولان الحاجة داعية إليها، فإن الشخص قد يعجز عن قيامه بمصالحه كلها، بل قال القاضي حسين وغيره: إن قبولها مندوب إليه لقوله تعالى: * (وتعاونوا على البر والتقوى) * ولخبر: والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه. وأركانها أربعة: موكل، ووكيل، وموكل فيه، وصيغة.
وقد شرع في شرط الركن الأول فقال: (شرط الموكل صحة مباشرته ما وكل) بفتح الواو، (فيه) وهو التصرف المأذون فيه، (بملك) كتوكيل نافذ التصرف في ماله، (أو ولاية) كتوكيل الأب أو الجد في مال موليه. (فلا يصح توكيل صبي ولا مجنون) ولا مغمى عليه ولا نائم في التصرفات ولا فاسق في نكاح ابنته، إذ لا تصح مباشرتهم لذلك، فإذ لم يقدر الأصل على تعاطي الشئ فنائبه أولى أن لا يقدر. واحترز بالملك والولاية عن الوكيل فإنه لا يوكل عند الاطلاق على تفصيل يأتي، فإنه ليس بمالك ولا ولي. (ولا) يصح توكيل (المرأة) أجنبيا، (و) لا (المحرم) بضم الميم حلالا ، (في النكاح) أما المرأة فإنها لا تزوج نفسها فلا توكل فيه. أما لو أذنت للولي بصيغة الوكالة فإنه يصح كما نقله في البيان عن النص وصوبه في الروضة. وأما المحرم فللنهي عنه في صحيح مسلم. وصورة توكيله أن يوكل ليعقد له أو لموليه حال الاحرام، فإن وكله ليعقد له بعد التحلل أو أطلق صح لأن الاحرام يمنع الانعقاد دون الاذن كما سيأتي ذلك في النكاح، وطرده القاضي فيما لو وكله ليشتري له هذا الخمر بعد تخلله، وكذا لو وكل حلال محرما ليوكل حلالا بالتزويج على الأصح لأنه سفير محض، وإن كان إطلاق المصنف يقتضي المنع في المسائل الثلاث واختاره السبكي. (ويصح توكيل الولي) وهو الأب والجد (في حق الطفل) في النكاح والمال، والوصي والقيم في المال، فيوكل الولي عن الطفل أو عن نفسه أو عنهما معا. وفائدة كونه وكيلا عن الطفل أنه لو بلغ رشيدا لم ينعزل الوكيل بخلاف ما إذا كان وكيلا عن الولي، وكالطفل المجنون والمعتوه والسفيه والمحجور عليه ونحوهم. ولو حذف المصنف الطفل لكان أولى ليشمل هؤلاء. قال الأذرعي:
وما ذكر هنا في توكيل الوصي هو الصحيح، وقضية كلام الشيخين في الوصايا أنه لا يوكل ولا يصح توكيله، أي فيما يتولى مثله، فعليه يمكن حمل ما هنا على ذلك، لكن الظاهر كما قال شيخنا الاطلاق. ويصح توكيل السفيه والمفلس والعبد فيما يستقلون به من التصرفات، ولا يصح فيما لا يستقلون به إلا بعد إذن الولي والغريم والسيد، ويصح توكيل أصناف الزكاة في قبضها لهم، قال في الخادم: وإن كان الوكيل لا يجوز له أخذها كما صرح به القفال في فتاويه. (ويستثنى) من هذا الضابط المذكور طردا وعكسا صور، فمن صور الثاني، وهو من لا تصح منه المباشرة لا يصح منه التوكيل:
(توكيل الأعمى في البيع والشراء) ونحوهما مما يتوقف على الرؤية كالإجارة والاخذ بالشفعة، (فيصح) وإن لم يقدر
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429