على قوله: أبضعتك كان بمثابة قوله: تصرف والربح كله لي فيكون إبضاعا كما هو مقتضى كلامهم، قال في المطلب: وكلام الفوراني وغيره يدل عليه. ولو دفع إليه دراهم وقال: أتجر فيها لنفسك حمل على أنه قرض في أحد وجهين يظهر ترجيحه كما قاله بعض المتأخرين، والوجه الآخر أنه هبة. ولو قال: خذ المال قراضا بالنصف مثلا صح في أحد وجهين رجحه الأسنوي أخذا من كلام الرافعي، فعلى هذا لو قال المالك: أردت أن النصف لي فيكون فاسدا، أو ادعى العامل العكس صدق العامل بيمينه لا الظاهر معه، قاله سليم. (و) يشترط (كونه) أي الاشراك في الربح (معلوما بالجزئية) كالنصف أو الثلث. ثم شرع في محترز قوله معلوما بقوله: (فلو قال) قارضتك (على أن لك) أو لي (فيه شركة أو نصيبا) أو جزءا أو شيئا من الربح، أو على أن تخصني بدابة تشتريها من رأس المال أو تخصني بركوبها أو بربح أحد الألفين مثلا ولو كانا مخلوطين، أو على أنك إن ربحت ألفا لك نصفه أو ألفين فلك ربعه، (فسد) القراض في جميع ذلك للجهل بقدر الربح في الأربعة الأول، وبعينه في الأخيرة، ولان الدابة في صورتها الثانية ربما تنقص بالاستعمال ويتعذر التصرف فيها، ولأنه خصص العامل في التي تليها، وفي صورتها الأولى بربح بعل المال. (أو) أن الربح (بيننا، فالأصح الصحة ويكون نصفين) كما لو قال: هذه الدار بيني وبين فلان فإنها تجعل بينهما نصفين. والثاني: لا يصح، لاحتمال اللفظ لغير المناصفة فلا يكون الجزء معلوما، كما لو قال: بعتك بألف دراهم ودنانير. ولو قال: قارضتك على أن الربح بيننا أثلاثا لم يصح كما في الأنوار للجهل بمن له الثلث ومن له الثلثان، ولو قال: قارضتك كقراض فلان وهما يعلمان القدر المشروط صح، وإلا فلا، ولو قال: قارضتك ولك ربع سدس العشر صح وإن لم يعلما قدره عند العقد لسهولة معرفته، كما لو باعه مرابحة وجهلا حال العقد حسابه. (ولو قال: لي النصف) مثلا وسكت عن جاب العامل (فسد في الأصح) لأن الربح فائدة المال فيكون للمالك إلا أن ينسب منه شئ إلى العامل ولم ينسب إليه شئ. والثاني: يصح ويكون النصف الآخر للعامل. (وإن قال: لك النصف) مثلا وسكت عن جانبه (صح على الصحيح) لأن الذي سكت عنه يكون للمالك بحكم الأصل، فكان كقوله: لك النصف ولي النصف بخلاف الصورة السابقة. والثاني: لا يصح كالتي قبلها. ثم شرع في محترز قوله بالجزئية، فقال: (ولو شرط لأحدهما) مالك أو عامل (عشرة) - بفتح العين والشين بالنصب - من الربح والباقي للآخر أو بينهما كما صرح به في المحرر، (أو) شرط لأحدهما (ربح صنف) من مال القراض أو شرط له النصف ودينارا مثلا أو إلا دينارا، (فسد) القراض لانتفاء العلم بالجزئية، ولان الربح قد ينحصر فيما قدره أو في ذلك النصف فيؤدي إلى اختصاص أحدهما بالربح وهو خلاف وضع القراض. ولو قال: قارضتك ولم يتعرض للربح فسد القراض لأنه خلاف وضعه. ثم شرع في الركن الرابع وهو الصيغة مترجما له بفصل فقال:
فصل: يشترط: لصحة القراض صيغة، وهي (إيجاب) ك قارضتك أو ضاربتك أو عاملتك أو بع واشتر على أن الربح بيننا نصفين، فلو قال: اشتر ولم يذكر البيع لم يصح في الأصح. (وقبول) متصل بالايجاب بالطريق المعتبر في البيع ولو في قوله خذه واتجر فيه أو اعمل فيه لأنه عقد معاوضة يختص بمعين كالبيع.
تنبيه: تسمح المصنف في إطلاق الشرط على الصيغة فإنها ركن كما مر، وعبارة المحرر: لا بد في القراض من الايجاب والقبول، هي أظهر في المراد من عبارة المتن لدلالة كلمة في علي دخولهما في ماهية القراض. وتقدم له مثل ذلك في البيع، وقدمنا هناك أن مراده بالشرط ما لا بد منه، وعلى هذا فهو مساو لعبارة المحرر. وقيل: يكفي القبول بالفعل كما في الوكالة والجعالة إن كانت صيغة الايجاب لفظ أمر ك خذ فيكفي أخذ الدراهم مثلا، فلو كانت لفظ عقد ك قارضتك فلا بد في القبول