مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٠٩
(جاهلا بالشفعة فالأصح بطلانها) لزوال سببها، وهو الشركة. والثاني: لأنه كان شريكا عند البيع ولم يرض بسقوط حقه.
تنبيه: كلامه يعم جهله بالبيع وجهله بثبوت الشفعة أو بفوريتها مع علمه بالبيع، وحكم ذلك حكم ما سبق في الرد بالعيب. واحترز بالجهل عن العلم فيبطل جزما، هذا إذا باع جمع حصته، فإن باع بعضها عالما فالأظهر أنها تبطل لأنه إنما استحقها بجميع نصيبه، فإذا باع بعضه بطل بقدره وإذا بطل البعض بطل الكل كما لو عفا عن بعض الشقص المشفوع، أو جاهلا فلا كما في زيادة الروضة لعذره مع بقاء الشركة. ولو زال البعض قهرا كأن مات الشفيع وعليه دين قبل الاخذ فبيع بعض حصته في دينه جبرا على الوارث وبقي باقيها له كان له الشفعة كما قاله ابن الرفعة لانتفاء تخيل العفو عنه.
خاتمة: لا يصح الصلح عن الشفعة بحال كالرد بالعيب، وتبطل شفعته إن علم بفساده، فإن صالح عنها في الكل على أخذ البعض بطل الصلح لأن الشفعة لا تقابل بعوض، وكذا الشفعة إن علم ببطلانه وإلا فلا كما جزم به في الأنوار.
ولو باع حصته بشرط الخيار جاهلا ففسخ ثم علم فلا شفعة كما نقل عن المرشد، وللمفلس الاخذ بالشفعة والعفو عنها. ولا يزاحم المشتري الغرماء بل يبقي ثمن ما اشتراه في ذمة الشفيع إلى أن يوسر، وله الرجوع فيما اشتراه إن جهل فلسه، وللعامل في القراض أخذها فإن لم يأخذها جاز للمالك أخذها، فلو اشترى العامل بمال القراض شقصا من شريك المالك لم يشفع المالك لأن الشراء وقع له فلا يمكن الاخذ من نفسه لنفسه. فإن كان العامل شريك البائع في الشقص المبيع منه كان له الاخذ بالشفعة لنفسه ولو ظهر في المال ربح، لأنه لا يملك منه شيئا بالظهور. وإن باع المالك شقصه الذي هو من مال القراض فلا شفعة للعامل لأنه ليس بشريك، وإن ظهر ربح لذلك فللشفيع تكليف المشتري بقبض الشقص ليأخذه منه، وله أيضا الاخذ من البائع - كما صرح به المقري - وعهدته على المشتري، لانتقال الملك إليه منه. وعفو الشفيع قبل البيع وشرط الخيار وضمان العهدة على المشتري لا يسقط كل منها شفعته. وإن باع شريك الميت فلوارثه أن يشفع لا لولي الحمل لأنه لا يتيقن وجوده، وإن وجبت الشفعة للميت وورثه الحمل أخرت لانفصاله فليس لوليه الاخذ له قبل انفصاله لذلك وللوارث الشفعة ولو استغرق الدين التركة. ولو باع الورثة في الدين بعض دار الميت لم يشفعوا وإن كانوا شركاء له فيها، لأنهم إذا ملكوها كان المبيع جزءا من ملكهم فلا يأخذ ما خرج عن ملكه بما بقي منه، وأما أخذ كل منهم نصيب الباقي بالشفعة فلا مانع منه. ولو توكل الشفيع في بيع الشقص لم تبطل شفعته في الأصح.
كتاب القراض هو بكسر القاف لغة أهل الحجاز، مشتق من القرض وهو القطع، لأن المالك يقطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها وقطعة من الربح. أو من المقارضة وهي المساواة لتساويهما في الربح، أو لأن المال من المالك والعمل من العامل.
وأهل العراق يسمونه المضاربة لأن كلا منهما يضرب بسهم في الربح ولما فيه غالبا من السفر والسفر يسمى ضربا. وجمع المصنف بين اللغتين في قوله: القراض والمضاربة. والأصل فيه الاجماع، والقياس على المساقاة، لأنها إنما جوزت للحاجة من حيث أن مالك النخيل قد لا يحسن تعهدها ولا يتفرغ له، ومن يحسن العمل قد لا يملك ما يعمل فيه. وهذا المعنى موجود في القراض، فكان الأولى تقديم المساقاة على خلاف ترتيب المصنف، وهو كما قيل رخصة خارج عن قياس الإجارات كما خرجت المساقاة عن بيع ما لم يخلق والحوالة عن بيع الدين بالدين والعرايا عن المزابنة. واحتج له الماوردي بقوله تعالى: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم، وبأنه (ص) ضارب لخديجة بمالها إلى الشام وأنفذت معه عبدها ميسرة. وأما (القراض والمضاربة) والمقارضة شرعا فهو (أن يدفع) أي المالك
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429