(جاهلا بالشفعة فالأصح بطلانها) لزوال سببها، وهو الشركة. والثاني: لأنه كان شريكا عند البيع ولم يرض بسقوط حقه.
تنبيه: كلامه يعم جهله بالبيع وجهله بثبوت الشفعة أو بفوريتها مع علمه بالبيع، وحكم ذلك حكم ما سبق في الرد بالعيب. واحترز بالجهل عن العلم فيبطل جزما، هذا إذا باع جمع حصته، فإن باع بعضها عالما فالأظهر أنها تبطل لأنه إنما استحقها بجميع نصيبه، فإذا باع بعضه بطل بقدره وإذا بطل البعض بطل الكل كما لو عفا عن بعض الشقص المشفوع، أو جاهلا فلا كما في زيادة الروضة لعذره مع بقاء الشركة. ولو زال البعض قهرا كأن مات الشفيع وعليه دين قبل الاخذ فبيع بعض حصته في دينه جبرا على الوارث وبقي باقيها له كان له الشفعة كما قاله ابن الرفعة لانتفاء تخيل العفو عنه.
خاتمة: لا يصح الصلح عن الشفعة بحال كالرد بالعيب، وتبطل شفعته إن علم بفساده، فإن صالح عنها في الكل على أخذ البعض بطل الصلح لأن الشفعة لا تقابل بعوض، وكذا الشفعة إن علم ببطلانه وإلا فلا كما جزم به في الأنوار.
ولو باع حصته بشرط الخيار جاهلا ففسخ ثم علم فلا شفعة كما نقل عن المرشد، وللمفلس الاخذ بالشفعة والعفو عنها. ولا يزاحم المشتري الغرماء بل يبقي ثمن ما اشتراه في ذمة الشفيع إلى أن يوسر، وله الرجوع فيما اشتراه إن جهل فلسه، وللعامل في القراض أخذها فإن لم يأخذها جاز للمالك أخذها، فلو اشترى العامل بمال القراض شقصا من شريك المالك لم يشفع المالك لأن الشراء وقع له فلا يمكن الاخذ من نفسه لنفسه. فإن كان العامل شريك البائع في الشقص المبيع منه كان له الاخذ بالشفعة لنفسه ولو ظهر في المال ربح، لأنه لا يملك منه شيئا بالظهور. وإن باع المالك شقصه الذي هو من مال القراض فلا شفعة للعامل لأنه ليس بشريك، وإن ظهر ربح لذلك فللشفيع تكليف المشتري بقبض الشقص ليأخذه منه، وله أيضا الاخذ من البائع - كما صرح به المقري - وعهدته على المشتري، لانتقال الملك إليه منه. وعفو الشفيع قبل البيع وشرط الخيار وضمان العهدة على المشتري لا يسقط كل منها شفعته. وإن باع شريك الميت فلوارثه أن يشفع لا لولي الحمل لأنه لا يتيقن وجوده، وإن وجبت الشفعة للميت وورثه الحمل أخرت لانفصاله فليس لوليه الاخذ له قبل انفصاله لذلك وللوارث الشفعة ولو استغرق الدين التركة. ولو باع الورثة في الدين بعض دار الميت لم يشفعوا وإن كانوا شركاء له فيها، لأنهم إذا ملكوها كان المبيع جزءا من ملكهم فلا يأخذ ما خرج عن ملكه بما بقي منه، وأما أخذ كل منهم نصيب الباقي بالشفعة فلا مانع منه. ولو توكل الشفيع في بيع الشقص لم تبطل شفعته في الأصح.
كتاب القراض هو بكسر القاف لغة أهل الحجاز، مشتق من القرض وهو القطع، لأن المالك يقطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها وقطعة من الربح. أو من المقارضة وهي المساواة لتساويهما في الربح، أو لأن المال من المالك والعمل من العامل.
وأهل العراق يسمونه المضاربة لأن كلا منهما يضرب بسهم في الربح ولما فيه غالبا من السفر والسفر يسمى ضربا. وجمع المصنف بين اللغتين في قوله: القراض والمضاربة. والأصل فيه الاجماع، والقياس على المساقاة، لأنها إنما جوزت للحاجة من حيث أن مالك النخيل قد لا يحسن تعهدها ولا يتفرغ له، ومن يحسن العمل قد لا يملك ما يعمل فيه. وهذا المعنى موجود في القراض، فكان الأولى تقديم المساقاة على خلاف ترتيب المصنف، وهو كما قيل رخصة خارج عن قياس الإجارات كما خرجت المساقاة عن بيع ما لم يخلق والحوالة عن بيع الدين بالدين والعرايا عن المزابنة. واحتج له الماوردي بقوله تعالى: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم، وبأنه (ص) ضارب لخديجة بمالها إلى الشام وأنفذت معه عبدها ميسرة. وأما (القراض والمضاربة) والمقارضة شرعا فهو (أن يدفع) أي المالك