مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٤٣
فصل: في الصيغة: (قوله لزيد كذا صيغة إقرار) وجهه الأسنوي بأن اللام تدل على الملك، ومحله كما قال هو وغيره إذا كان المقر به معينا كهذا الثوب فيجب عليه أن يسلمه له إن كان بيده أو انتقل إليها وإن لم يكن كألف أو ثوب فلا بد أن يضيف إليه شيئا من الألفاظ الآتية ك‍ علي أو عندي أو نحو ذلك، وقد أشار المصنف إلى هذا بقوله صيغة إقرار ولم يقل لزمه. (وقوله علي ونفي ذمتي للدين) الملتزم في الذمة لأنه المتبادر منه تصرفا، وهذا عند الاطلاق لما سيأتي أنه يقبل التفسير في علي بالوديعة.
تنبيه: لو عبر المصنف ب‍ أو هنا فقال: علي أو في ذمتي كما عبر به في الروضة وفيما سيأتي فقال: معي أو عندي لكان أولى، لئلا يوهم أن المراد الهيئة الاجتماعية. (ومعي وعندي للعين) لأنهما ظرفان فيحمل كل منهما عند الاطلاق على عين له بيده، فلو ادعى أنها وديعة وأنها تلفت أو أنه ردها صدق بيمينه. وقوله قبلي بكسر القاف وفتح الموحدة للعين والدين كما جرى عليه ابن المقري تبعا لما رجحه الشيخان بحثا بعد نقلهما عن البغوي أنه للدين. قال الأسنوي: ولو أتى بلفظ يدل على العين وآخر على الدين كأن قال: له علي ومعي عشرة، فالقياس أنه يرجع إليه في تفسير بعض ذلك بالعين وبعضه بالدين. (ولو قال) إنسان لآخر: (لي عليك ألف فقال) له: (زن أو خذ أو زنه أو خذه أو اختم عليه أو اجعله في كيسك) أو هي صحاح، (فليس بإقرار) لأنه ليس بالتزام وإنما يذكر في موضع الاستهزاء. (ولو قال) له: (بلى أو نعم أو صدقت) أو أجل أو جير أو أي بمعنى نعم (أو أبرأتني منه أو قضيته أو أنا مقر به فهو إقرار) أما الثلاثة الأول فلأنها ألفاظ موضوعة للتصديق وفي معناها ما ذكر معها. وأما دعوى الابراء والاقتضاء فلانه قد اعترف بالشغل وادعى الاسقاط والأصح عدمه.
وفي الروضة وأصلها فيما لو قال: لي عليك ألف فقال: صدقت أو نحوه يشبه محل كونه إقرارا إذا لم توجد قرينة تصرفه للاستهزاء والتكذيب كالأداء والايراد، أي كيفية أداء الكلمة وإيرادها من الضحك وغيره، كتحريك الرأس عجبا وإنكارا اه‍. فإن وجد منه ذلك ففيه خلاف لتعارض اللفظ والقرينة كما لو قال: لي عليك ألف فقال مستهزئا: لك علي ألف فإن المتولي حكى فيه وجهين، وقضية كلامه كما في المهمات أن الأصح اللزوم.
تنبيه: لو اقتصر على قوله: أبرأتني فليس بإقرار، وكذا قوله للحاكم: قد أقر أنه أبرأني أو أنه قد استوفى مني الألف، قاله القفال في فتاويه. وهو حيلة لدعوى البراءة مع السلامة من التزام، ومثل ذلك ما لو قال: قد أبرأتني من هذه الدعوى فلا يكون مقرا بالحق. وأما قوله: أنا مقر به فقضية التعليل الآتي في أنا مقر به تقييد حكم أنا مقر بما إذا خاطبه فقال: أنا مقر لك به وإلا فيحتمل الاقرار به لغيره، قاله الرافعي وأسقطه من الروضة، وأجاب عنه السبكي بأن الضمير عائد إلى الألف التي له، أي فلا يقبل قول المقر أردت به غيرك، كما لا يقبل تفسيره الدراهم بالناقصة إذا لم يصلها بالكلام وكانت دراهم البلد تامة، إذ الجواب منزل على السؤال. (ولو قال أنا مقر) ولم يقل به (أو أنا أقر به فليس بإقرار) أما الأول فلجواز أن يريد الاقرار ببطلان دعواه أو بوحدانية الله تعالى، وأما الثاني فلاحتمال الوعد بالاقرار في ثاني الحال. فإن قيل: لو قال: لا أنكر ما تدعيه كان إقرارا مع احتمال الوعد فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن العموم إلى النفي أسرع منه إلى الاثبات بدليل النكرة فإنها تعم في حيز النفي دون الاثبات. قال الرافعي: ولك أن تقول هب أن هذا الفرق متين لكنه لا ينفي الاحتمال، وقاعدة الباب الاخذ باليقين. وأجيب أيضا بأن المفهوم عرفا من لا أنكر ما تدعيه أنه إقرار بخلاف أنا أقر به. (ولو قال أليس) أو هل كما في المطلب (لي عليك كذا فقال بلى أو نعم فإقرار) لأنه المفهوم منهما، (وفي نعم) في صورة المتن (وجه) أنه ليس بإقرار، لأنه موضوع للتصديق فيكون مصدقا له في النفي، بخلاف بلى فإنها لرد النفي ونفي النفي إثبات. قال ابن عباس رضي الله عنهما
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429