أقصى القيم على قيمة يوم التلف أخذ القيمة بلا يمين، وإلا فالزيادة مقر بها ذو اليد لمنكرها، وإن مضت مدة لها أجرة فالأجرة مقر بها ذو اليد لمنكرها.
خاتمة: لو اختلف المعير والمستعير في رد العارية، فالقول قول المعير بيمينه، لأن الأصل عدم الرد مع أن المستعير قبض العين لمحض حق نفسه. ولو استعمل المستعير العارية جاهلا برجوع المعير لم يلزمه أجرة. فإن قيل: الضمان لا فرق فيه بين الجهل وعدمه. أجيب بأن ذلك عند عدم تسليط المالك وهنا بخلافه، والأصل بقاء السلطة، وبأنه المقصر بترك الاعلام. فإن قيل: الجواب الثاني مشكل بوجوب الدية على الوكيل إذا اقتص جاهلا بعزل المستحق. أجيب بأنه مقصر بتوكله في القود لأنه غير مستحق، إذ العفو فيه مطلوب فضمن زجرا له عن التوكل فيه.
كتاب الغصب (هو) لغة أخذ الشئ ظلما، وقيل: أخذه ظلما جهارا. وشرعا: (الاستيلاء على حق الغير عدوانا) أي على وجه التعدي.
ويرجع في الاستيلاء للعرف، وذكر في الكتاب أمثلة يتضح بها ستأتي. قال المصنف: ولا يصح قول من قال: علي مال الغير لأنه يخرج المنافع والكلب والسرجين وجلد الميتة وخمر الذمي وسائر الاختصاصات كحق التحجر. واختار الإمام أنه الاستيلاء على مال الغير بغير حق، قال: ولا حاجة إلى التقييد بالعدوان بل يثبت الغصب وحكمه بغير عدوان كأخذه مال غيره يظنه ماله. وقول الرافعي: والأشبه التقييد به، والثابت في هذه الصورة حكم الغصب لا حقيقته، قال شيخنا:
ممنوع، وهو ناظر إلى أن الغصب يقتضي الاثم مطلقا وليس مرادا وإن كان غالبا. وقال شيخي: الذي يتحصل في تعريفه من كلام الأصحاب أن الغصب ضمانا وإثما الاستيلاء على مال الغير عدوانا، وضمانا الاستيلاء على مال الغير بغير حق، وإنما الاستيلاء على حق الغير عدوانا. فإن قيل: يرد على التعريف السرقة فإنه صادق بها وليست غصبا. أجيب بأنها غصب أيضا، وإن كانت من حيث أنها سرقة يترتب عليها حكم زائد على الغصب بشرطه. وقال بعضهم: إن السارق والمختلس خرج بقوله الاستيلاء فإن الاستيلاء ينبني على القهر والغلبة. وأخذ مال الغير على وجه المحاباة وهو كاره له في معنى الغصب كما قاله الزركشي. وقال في الاحياء: من طلب من غيره مالا بحضرة الناس فدفعه إليه بباعث الحياء والقهر لم يملكه، ولا يحل له التصرف فيه. والغصب كبيرة وإن لم يبلغ المغصوب نصاب سرقة، وفي الكفاية عن الماوردي:
الاجماع على أن من فعله مستحلا - أي وهو ممن لا يخفى عليه تحريمه - كان كافرا، ومن فعله غير مستحل كان فاسقا. والأصل في تحريمه آيات، منها قوله تعالى: * (ويل للمطففين) * الآية، وإذا كان هذا في التطفيف وهو غصب القليل فما ظنك بغصب الكثير ومنها قوله تعالى: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) *، أي لا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل. وأخبار، منها خبر الصحيحين: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، ومنها خبرهما أيضا: من ظلم قيد شبر من أرض طوقه من سبع أرضين. ومعنى طوقه كلف حمله، وقيل: يجعل في حلقه كالطوق. ثم شرع المصنف في الأمثلة التي يتضح بها فقال: (فلو ركب دابة، أو جلس على فراش) لغيره، (فغاصب وإن لم ينقل) ذلك ولم يقصد الاستيلاء، لحصول الغاية المطلوبة من الاستيلاء وهي الانتفاع على وجه التعدي.
تنبيه: قضية إطلاق المصنف الغصب بالجلوس على الفراش أنه لا فرق بين حضور المالك وغيبته، وهو كذلك.
وما ذكره في أصل الروضة من أن المالك إذا حضر ولم يزعجه وكان بحيث يمنعه التصرف في ذلك أن قياس ما يأتي في العقار إن يكون غاصبا لنصفه فقط ليس في الحقيقة نظيره، وإنما نظيره كما قال شيخي أن يجلس معه على الفراش، ويمكن حمل كلام أصل الروضة على ذلك. وكلام المنصف قد يفهم أن غير الدابة والفراش من المنقولات أنه لا بد فيها