عذر نادر.
تنبيه: متى أنفق وأشهد ثم اختلف المالك والعامل في قدر النفقة ففي المصدق منهما احتمالان للإمام رجح السبكي منهما قول المالك. ولم يصرح الشيخان بالمسألة، وكلامهما في هرب الجمال يقتضي تصديق العامل، فإنهما رجحا قبول قول الجمال وعللاه بأن المنفق لم يستند إلى ائتمان من جهة الحاكم فيكون هنا كذلك. (ولو مات) العامل المساقي في ذمته قبل تمام العمل (وخلف تركة أتم الوارث العمل منها) بأن يستأجر عليه، لأنه حق وجب على مورثه فيؤدي من تركته كغيره. وفي معنى التركة نصيبه من الثمرة، قاله القاضي وغيره. (وله أن يتم العمل بنفسه أو بماله) إن اختار ويستحق المشروط، ولا يجب عليه الوفاء من عين التركة كغيره من الديون، وعلى المالك تمكينه إن كان عارفا بعمل المساقاة أمينا وإلا استأجر الحاكم من التركة، فإن لم يخلف تركة لم يقترض عليه لأن ذمته خربت بخلاف الحي. أما إذ كانت المساقاة على عين العامل فإنها تنفسخ بالموت كالأجير المعين ولا تنفسخ بموت المالك في أثناء المدة بل يتم العامل ويأخذ نصيبه. ولو ساقى البطن الأول البطن الثاني ثم مات الأول في أثناء المدة وكان الوقف وقف ترتيب فينبغي أن تنفسخ كما قاله الزركشي، لأنه لا يكون عاملا لنفسه، قال: ويلغز به فيقال مساقاة تنفسخ بموت العاقد أي المالك. واستثنى من ذلك الوارث، أي إذا ساقى المورث من يرثه ثم مات المورث فإن المساقاة تنفسخ لما مر.
(ولو ثبتت خيانة عامل) فيها بإقراره أو ببينة أو يمين مردودة، (ضم إليه مشرف) إلى أن يتم العمل، ولا تزال يده لأن العمل حق عليه ويمكن استيفاؤه منه بهذا الطريق، فتعين سلوكه جمعا بين الحقين، وأجرة المشرف عليه. نعم لو لم تثبت الخيانة ولكن ارتاب المالك فيه فإنه يضم إليه مشرف وأجرته حينئذ على المالك. (فإن لم يتحفظ به) أي المشرف، أزيلت يده بالكلية، و (استؤجر) عليه (من مال العامل) من يتم العمل تعذر استيفاء العمل الواجب عليه منه والقدرة عليه بهذا الطريق. نعم إن كانت المساقاة على عينه فظاهر كما قال الأذرعي: أنه لا يستأجر عنه بل يثبت للمالك الخيار. (ولو خرج الثمر) بعد العمل (مستحقا) لغير المساقي كأن أوصى بثمن الشجر المساقى عليه، أو خرج الشجر مستحقا، (فللعامل على المساقي أجرة المثل) لعمله، لأنه فوت منافعه بعوض فاسد فيرجع ببدلها. هذا إذا عمل جاهلا بالحال، فإن علم الحال فلا شئ له، وكذا إذا كان الخروج قبل العمل. ولو اختلفا في قدر المشروط للعامل ولا بينة لأحدهما أو لهما بينتان وسقطتا تحالفا وفسخ العقد كما في القراض، وللعامل على المالك أجرة عمله إن فسخ العقد بعد العمل وإن لم يثمر الشجر وإلا فلا أجرة له، وإن كان لأحدهما بينة قضي له بها. وتصح الإقالة في المساقاة كما قاله الزركشي، قال: فإن كان هناك ثمرة لم يستحقها العامل.
خاتمة: بيع المالك شجر المساقاة قبل خروج الثمر لا يصح لأن للعامل حقا فيها، فكأن المالك استثنى بعضها، وأما بعده فصحيح، ويكون العامل مع المشتري كما كان مع البائع، وليس للبائع بيع نصيبه من الثمرة وحدها بشرط القطع لتعذر قطعه لشيوعه. وقول القاضي في فتاويه: إذا شرط المالك على العامل أعمالا تلزمه فأثمرت الأشجار والعامل لم يعمل بعض تلك الأعمال استحق من الثمرة بقدر ما عمل فإن عمل نصف ما لزمه استحق نصف ما شرط له مبني على أن العامل ليس بشريك، والراجح أنه شريك فيستحق حصته وإن لم يعمل، وبذلك أفتى شيخي. والمساقي المالك في ذمته أن يساقي غيره، ثم إن شرط له مثل نصيبه أو دونه فذلك ظاهر أو أكثر صح العقد فيما يقابل قدر نصيبه دون الزائد تفريقا للصفقة ولزمه للزائد أجرة المثل، فإن كانت المساقاة على عينه وعامل غيره انفسخت بتركه العمل لا بمجرد العقد وكانت الثمرة للمالك ولا شئ للعامل الأول والثاني عليه الأجرة إن جهل الحال وإلا فلا. ولو أعطى شخص آخر دابة ليعمل عليها أو يتعهدها وفوائدها بينهما لم يصح العقد لأنه في الأولى يمكنه إيجار الدابة فلا حاجة إلى إيراد عقد عليها فيه