مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٣١
عذر نادر.
تنبيه: متى أنفق وأشهد ثم اختلف المالك والعامل في قدر النفقة ففي المصدق منهما احتمالان للإمام رجح السبكي منهما قول المالك. ولم يصرح الشيخان بالمسألة، وكلامهما في هرب الجمال يقتضي تصديق العامل، فإنهما رجحا قبول قول الجمال وعللاه بأن المنفق لم يستند إلى ائتمان من جهة الحاكم فيكون هنا كذلك. (ولو مات) العامل المساقي في ذمته قبل تمام العمل (وخلف تركة أتم الوارث العمل منها) بأن يستأجر عليه، لأنه حق وجب على مورثه فيؤدي من تركته كغيره. وفي معنى التركة نصيبه من الثمرة، قاله القاضي وغيره. (وله أن يتم العمل بنفسه أو بماله) إن اختار ويستحق المشروط، ولا يجب عليه الوفاء من عين التركة كغيره من الديون، وعلى المالك تمكينه إن كان عارفا بعمل المساقاة أمينا وإلا استأجر الحاكم من التركة، فإن لم يخلف تركة لم يقترض عليه لأن ذمته خربت بخلاف الحي. أما إذ كانت المساقاة على عين العامل فإنها تنفسخ بالموت كالأجير المعين ولا تنفسخ بموت المالك في أثناء المدة بل يتم العامل ويأخذ نصيبه. ولو ساقى البطن الأول البطن الثاني ثم مات الأول في أثناء المدة وكان الوقف وقف ترتيب فينبغي أن تنفسخ كما قاله الزركشي، لأنه لا يكون عاملا لنفسه، قال: ويلغز به فيقال مساقاة تنفسخ بموت العاقد أي المالك. واستثنى من ذلك الوارث، أي إذا ساقى المورث من يرثه ثم مات المورث فإن المساقاة تنفسخ لما مر.
(ولو ثبتت خيانة عامل) فيها بإقراره أو ببينة أو يمين مردودة، (ضم إليه مشرف) إلى أن يتم العمل، ولا تزال يده لأن العمل حق عليه ويمكن استيفاؤه منه بهذا الطريق، فتعين سلوكه جمعا بين الحقين، وأجرة المشرف عليه. نعم لو لم تثبت الخيانة ولكن ارتاب المالك فيه فإنه يضم إليه مشرف وأجرته حينئذ على المالك. (فإن لم يتحفظ به) أي المشرف، أزيلت يده بالكلية، و (استؤجر) عليه (من مال العامل) من يتم العمل تعذر استيفاء العمل الواجب عليه منه والقدرة عليه بهذا الطريق. نعم إن كانت المساقاة على عينه فظاهر كما قال الأذرعي: أنه لا يستأجر عنه بل يثبت للمالك الخيار. (ولو خرج الثمر) بعد العمل (مستحقا) لغير المساقي كأن أوصى بثمن الشجر المساقى عليه، أو خرج الشجر مستحقا، (فللعامل على المساقي أجرة المثل) لعمله، لأنه فوت منافعه بعوض فاسد فيرجع ببدلها. هذا إذا عمل جاهلا بالحال، فإن علم الحال فلا شئ له، وكذا إذا كان الخروج قبل العمل. ولو اختلفا في قدر المشروط للعامل ولا بينة لأحدهما أو لهما بينتان وسقطتا تحالفا وفسخ العقد كما في القراض، وللعامل على المالك أجرة عمله إن فسخ العقد بعد العمل وإن لم يثمر الشجر وإلا فلا أجرة له، وإن كان لأحدهما بينة قضي له بها. وتصح الإقالة في المساقاة كما قاله الزركشي، قال: فإن كان هناك ثمرة لم يستحقها العامل.
خاتمة: بيع المالك شجر المساقاة قبل خروج الثمر لا يصح لأن للعامل حقا فيها، فكأن المالك استثنى بعضها، وأما بعده فصحيح، ويكون العامل مع المشتري كما كان مع البائع، وليس للبائع بيع نصيبه من الثمرة وحدها بشرط القطع لتعذر قطعه لشيوعه. وقول القاضي في فتاويه: إذا شرط المالك على العامل أعمالا تلزمه فأثمرت الأشجار والعامل لم يعمل بعض تلك الأعمال استحق من الثمرة بقدر ما عمل فإن عمل نصف ما لزمه استحق نصف ما شرط له مبني على أن العامل ليس بشريك، والراجح أنه شريك فيستحق حصته وإن لم يعمل، وبذلك أفتى شيخي. والمساقي المالك في ذمته أن يساقي غيره، ثم إن شرط له مثل نصيبه أو دونه فذلك ظاهر أو أكثر صح العقد فيما يقابل قدر نصيبه دون الزائد تفريقا للصفقة ولزمه للزائد أجرة المثل، فإن كانت المساقاة على عينه وعامل غيره انفسخت بتركه العمل لا بمجرد العقد وكانت الثمرة للمالك ولا شئ للعامل الأول والثاني عليه الأجرة إن جهل الحال وإلا فلا. ولو أعطى شخص آخر دابة ليعمل عليها أو يتعهدها وفوائدها بينهما لم يصح العقد لأنه في الأولى يمكنه إيجار الدابة فلا حاجة إلى إيراد عقد عليها فيه
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429