مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٤٥
بقاء ما كان على ما كان، فإن لم يمكن الصبا ولم يعهد الجنون ولم تكن أمارة لم يصدق، والامارة إنما تثبت باعتراف المقر له، أو بالبينة، أو باليمين المردودة، فإن قامت بينة في الصور الثلاث بكون المقر حين إقراره كان بالغا في الأولى أو عاقلا في الثانية أو مختارا في الثالثة عمل بها ولا يصدق لتكذيبه البينة. ثم شرع في الركن الرابع مترجما بفصل أيضا فقال:
فصل: يشترط في المقر به: وهو كل ما جازت المطالبة به، (أن لا يكون ملكا للمقر) حين يقر به، لأن الاقرار ليس إزالة عن الملك وإنما هو إخبار عن كونه مملوكا للمقر له فلا بد من تقديم المخبر عنه على الخبر. (فلو قال داري أو ثوبي أو ديني الذي على زيد لعمرو فهو لغو) لأن الإضافة إليه تقتضي الملك له فينافي إقراره لغيره إذ هو إخبار بحق سابق عليه كما مر، فحمل على الوعد والهبة. ولو قال: الدار التي اشتريتها لنفسي، أو ورثتها من أبي ملك لزيد لم يصح أيضا إلا أن يريد الاقرار فيصح، وكذا لو قال: داري لفلان وأراد الاقرار لأنه أراد بالإضافة إضافة سكنى ذلك، ذكر ذلك البغوي في فتاويه. قال الأذرعي بعد نقله كلام البغوي: ويتجه أن يستفسر عند إطلاقه ويعمل بقوله، بخلاف قوله داري التي هي ملكي له للتناقض الصريح. واستشكل الأسنوي عدم صحة الاقرار في الأولتين إذ لم يرده بأن الملكين لم يتواردا على وقت واحد. وأجيب بأن الموافق لقاعدة الباب بالأخذ باليقين كما سيأتي عدم الصحة، ولو قال: مسكني أو ملبوسي لفلان صح، إذ لا منافاة لأنه قد يسكن ويلبس ملك غيره. ولو قال: الدين الذي كتبته على زيد لعمرو صح لاحتمال أنه وكيل، فلو طالب عمرو زيدا فأنكر فإن شاء عمرو أقام بينة بإقرار المقر أن الدين الذي كتبه على زيد له ثم يقيم بينة عليه بالمقر به، وإن شاء قام بينة بالمقر به ثم بينة بالاقرار.
فرع: قال المصنف في فتاويه: لو كان بالدين المقر به رهن أو كفيل انتقل إلى المقر له بذلك. وفصل الشيخ تاج الدين الفزاري فقال: إن أقر أن الدين صار لزيد: ينتقل بالرهن لأن صيرورته إليه إنما تكون بالحوالة وهي تبطل الرهن وإن أقر أن الدين كان له بقي الرهن بحاله. وهذا التفصيل هو الظاهر، ومثل الرهن الكفيل. (ولو قال هذا) العبد مثلا (لفلان وكان ملكي إلى أن أقررت به فأول كلامه إقرار وآخره لغو) فيطرح آخر ويؤخذ بأوله، لأنه مشتمل على جملتين مستقلتين. ولو شهدت بينة بأن زيدا أقر بأن هذا ملك لعمرو وكان ملك زيد إلى أن أقر به لم تقبل، وفارقت المقر بأنها تشهد على غيرها فلا يقبل قولها إلا إذا لم يتناقض، والمقر يشهد على نفسه فيؤاخذ بما يصح من كلامه، ولو قال: ملكي هذا لفلان صح الاقرار أيضا كما صرح به الإمام واقتضاه كلام الرافعي، وهو إقرار بعد إنكار. (وليكن المقر به) من الأعيان (في يد المقر) حسا أو شرعا (ليسلم بالاقرار للمقر له) لأنه إذا لم يكن في يده كان كلامه إما دعوى عن الغير بغير إذنه أو شهادة بغير لفظها فلا تقبل.
تنبيه: كونه في يد المقر شرط لأعمال القرار وهو التسليم لا شرط لصحته فلا يقال إنه لاغ بالكلية، فإنه إذا حصل بيده لزمه تسليمه إليه كما سيأتي. واستثني من ذلك مسائل: الأولى ما إذا باع شيئا بشرط الخيار له أو لهما ثم ادعاه رجل فأقر البائع في مدة الخيار له به صح وانفسخ البيع لأن له الفسخ. الثانية: ما لو باع الحاكم مال الغائب بسبب اقتضاه، ثم قدم وادعى أنه كان قد تصرف فيه قبل بيع الحاكم، فإنه يقبل منه كما نقله الرافعي قبيل كتاب الصداق عن النص.
الثالثة: لو وهب لولده عينا ثم أقبضه إياها ثم أقر بها لآخر فإنه يقبل إقراره، أفتى بذلك صاحب البيان، لكنه كما قال الأذرعي مفرع على أن تصرف الواهب رجوع والأصح خلافه. ومحل ما ذكره المصنف إذا كان في يده لنفسه، أما إذا كان في يده لغيره كمحجوره ووقف هو ناظر عليه لم يصح إقراره. وخرج بما قدرته في كلامه الدين فلا يتأتى فيه
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429