مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٩١
بقصد الخمرية، وإلا فلا يجوز له إراقتها لاحترامها. (ولو غصب خمرا فتخللت) عنده، (أو جلد ميتة) يطهر بالدباغ (فدبغه، فالأصح أن الخل والجلد للمغصوب منه) لأنهما فرع ما اختص به فإذا تلفا في يده ضمنهما. والثاني: هما للغاصب لحصول المالية عنده. وقضية تعليل الأول إخراج الخمرة غير المحترمة، وبه جزم الإمام، وسوى المتولي بينهما، وهو كما قال شيخنا أوجه إلا إن أعرض المالك عنها فلا يجب ردها عليه وليس للمالك استردادها، وإعراض المالك عن الجلد كإعراضه عن الخمر، وإذا لم يعرض عنه فيجب على الغاصب الرد لعموم الخبر ولأنه منتفع به. ولو أتلف شخص جلدا غير مدبوغ فادعى المالك أنه مذكى والمتلف أنه ميتة صدق المتلف بيمينه لأن الأصل عدم التذكية.
فصل: فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها: والزيادة أثر وعين، فالاثر لاحق للغاصب فيه كما قال: (زيادة المغصوب إن كانت أثرا محضا كقصارة) لثوب وخياطة بخيط منه وطحن حنطة وضرب السبائك دراهم وضرب الطين لبنا وذبح الشاة وشيها. (فلا شئ للغاصب بسببها) لتعديه بعمله في ملك غيره، بخلاف المفلس حيث كان شريكا للبائع فإنه عمل في ملكه. (وللمالك تكليفه رده) أي المغصوب، (كما كان إن أمكن) كرد الدراهم سبائك واللبن طينا، لأنه متعد بفعله، ولا يغرم أرش ما كان زاد بصنعته لأن فواته بأمر المالك، فإن لم يمكن كالقصارة فليس له إجباره بل يأخذه بحاله.
(وأرش النقص) إن نقص عما كان قبل الزيادة. وإذا رضي المالك بما يمكن إعادته بحاله أجبر الغاصب على تسليمه له بحاله وعلى غرم أرش النقص إن كان، إلا أن يكون له غرض في الإعادة كأن خشي على نفسه من بقائها ضررا من تغرير أو غيره، كمن ضرب الدراهم بغير إذن السلطان، أو على غير عياره فله إبطالها وإن لم يرض به المالك، بخلاف ما إذا لم يخش سواء أرضي المالك ببقائها أم سكت عن الرضا والمنع. نعم لو ضرب الشريك الطين لبنا أو السبائك دراهم بغير إذن شريكه جاز له كما أفتى به البغوي أن ينقضه، وإن رضي شريكه بالبقاء ينتفع بملكه كما كان. ثم شرع في القسم الثاني وهو العين، فقال:
(وإن كانت) أي الزيادة (عينا كبناء وغراس كلف القلع) لها، وأرش النقص إن كان وإعادتها كما كانت، وأجرة المثل إن مضت مدة لمثلها أجرة. ولو أراد المالك تملكها بالقيمة أو إبقاءها بأجرة لم يلزم الغاصب إجابته في الأصح لامكان القلع بلا أرش بخلاف المستعير.
تنبيه: قد يفهم كلامه أنه ليس للغاصب القلع بغير رضا المالك، وليس مرادا، بل لو أراد القلع فليس للمالك منعه. ولو بادر لذلك أجنبي غرم الأرش، وقيل: لا غرم لأنه غير محترم. ورد بأن عدم احترامه بالنسبة إلى مستحق الأرض لا مطلقا. ولو كان الغراس والبناء مغصوبين من آخر، فلكل من مالكي الأرض والبناء والغراس إلزام الغاصب بالقلع وإن كانا لصاحب الأرض، فإن رضي المالك به لم يكن للغاصب قلعه ولا شئ عليه وإن طالبه بالقلع، فإن كان له فيه غرس لزمه قلعه مع أرش النقص، وإلا فوجهان: أحدهما وهو الظاهر: نعم لتعديه، والثاني: لا، لأنه عيب. وسكت المصنف عن نماء المغصوب كما لو أتجر الغاصب في المال المغصوب فالربح له في الأظهر، فإذا غصب دراهم واشترى شيئا في ذمته ونقد الدراهم في ثمنها وربح رد مثل الدراهم لأنها مثلية إن تعذر عليه رد ما أخذه وإلا وجب عليه رده بعينه، أما إذا اشترى بعينه فالجديد بطلانه. ولو غصب أرضا وبذرا من واحد وبذر الأرش به فللمالك تكليفه إخراج البذر منها وأرش النقص، وإن رضي المالك ببقاء البذر في الأرض لم يكن للغاصب إخراجه. ولو زوق الغاصب الدار المغصوبة بما لا يحصل منه شئ بقلعه لم يجز له قلعه إن رضي ببقائه المالك، وليس للمالك إجباره عليه كما في الروضة خلافا للزركشي، كالثوب إذا قصره. (وإن صبغ) الغاصب (الثوب) المغصوب (بصبغه) وكان الحاصل تمويها لا يحصل منه الانصباغ عين مال فكالتزويق فيما مر. وإن حصل منه ذلك (وأمكن فصله) منه، كأن كان الصبغ غير منعقد، (أجبر عليه في الأصح)
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429