بقصد الخمرية، وإلا فلا يجوز له إراقتها لاحترامها. (ولو غصب خمرا فتخللت) عنده، (أو جلد ميتة) يطهر بالدباغ (فدبغه، فالأصح أن الخل والجلد للمغصوب منه) لأنهما فرع ما اختص به فإذا تلفا في يده ضمنهما. والثاني: هما للغاصب لحصول المالية عنده. وقضية تعليل الأول إخراج الخمرة غير المحترمة، وبه جزم الإمام، وسوى المتولي بينهما، وهو كما قال شيخنا أوجه إلا إن أعرض المالك عنها فلا يجب ردها عليه وليس للمالك استردادها، وإعراض المالك عن الجلد كإعراضه عن الخمر، وإذا لم يعرض عنه فيجب على الغاصب الرد لعموم الخبر ولأنه منتفع به. ولو أتلف شخص جلدا غير مدبوغ فادعى المالك أنه مذكى والمتلف أنه ميتة صدق المتلف بيمينه لأن الأصل عدم التذكية.
فصل: فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها: والزيادة أثر وعين، فالاثر لاحق للغاصب فيه كما قال: (زيادة المغصوب إن كانت أثرا محضا كقصارة) لثوب وخياطة بخيط منه وطحن حنطة وضرب السبائك دراهم وضرب الطين لبنا وذبح الشاة وشيها. (فلا شئ للغاصب بسببها) لتعديه بعمله في ملك غيره، بخلاف المفلس حيث كان شريكا للبائع فإنه عمل في ملكه. (وللمالك تكليفه رده) أي المغصوب، (كما كان إن أمكن) كرد الدراهم سبائك واللبن طينا، لأنه متعد بفعله، ولا يغرم أرش ما كان زاد بصنعته لأن فواته بأمر المالك، فإن لم يمكن كالقصارة فليس له إجباره بل يأخذه بحاله.
(وأرش النقص) إن نقص عما كان قبل الزيادة. وإذا رضي المالك بما يمكن إعادته بحاله أجبر الغاصب على تسليمه له بحاله وعلى غرم أرش النقص إن كان، إلا أن يكون له غرض في الإعادة كأن خشي على نفسه من بقائها ضررا من تغرير أو غيره، كمن ضرب الدراهم بغير إذن السلطان، أو على غير عياره فله إبطالها وإن لم يرض به المالك، بخلاف ما إذا لم يخش سواء أرضي المالك ببقائها أم سكت عن الرضا والمنع. نعم لو ضرب الشريك الطين لبنا أو السبائك دراهم بغير إذن شريكه جاز له كما أفتى به البغوي أن ينقضه، وإن رضي شريكه بالبقاء ينتفع بملكه كما كان. ثم شرع في القسم الثاني وهو العين، فقال:
(وإن كانت) أي الزيادة (عينا كبناء وغراس كلف القلع) لها، وأرش النقص إن كان وإعادتها كما كانت، وأجرة المثل إن مضت مدة لمثلها أجرة. ولو أراد المالك تملكها بالقيمة أو إبقاءها بأجرة لم يلزم الغاصب إجابته في الأصح لامكان القلع بلا أرش بخلاف المستعير.
تنبيه: قد يفهم كلامه أنه ليس للغاصب القلع بغير رضا المالك، وليس مرادا، بل لو أراد القلع فليس للمالك منعه. ولو بادر لذلك أجنبي غرم الأرش، وقيل: لا غرم لأنه غير محترم. ورد بأن عدم احترامه بالنسبة إلى مستحق الأرض لا مطلقا. ولو كان الغراس والبناء مغصوبين من آخر، فلكل من مالكي الأرض والبناء والغراس إلزام الغاصب بالقلع وإن كانا لصاحب الأرض، فإن رضي المالك به لم يكن للغاصب قلعه ولا شئ عليه وإن طالبه بالقلع، فإن كان له فيه غرس لزمه قلعه مع أرش النقص، وإلا فوجهان: أحدهما وهو الظاهر: نعم لتعديه، والثاني: لا، لأنه عيب. وسكت المصنف عن نماء المغصوب كما لو أتجر الغاصب في المال المغصوب فالربح له في الأظهر، فإذا غصب دراهم واشترى شيئا في ذمته ونقد الدراهم في ثمنها وربح رد مثل الدراهم لأنها مثلية إن تعذر عليه رد ما أخذه وإلا وجب عليه رده بعينه، أما إذا اشترى بعينه فالجديد بطلانه. ولو غصب أرضا وبذرا من واحد وبذر الأرش به فللمالك تكليفه إخراج البذر منها وأرش النقص، وإن رضي المالك ببقاء البذر في الأرض لم يكن للغاصب إخراجه. ولو زوق الغاصب الدار المغصوبة بما لا يحصل منه شئ بقلعه لم يجز له قلعه إن رضي ببقائه المالك، وليس للمالك إجباره عليه كما في الروضة خلافا للزركشي، كالثوب إذا قصره. (وإن صبغ) الغاصب (الثوب) المغصوب (بصبغه) وكان الحاصل تمويها لا يحصل منه الانصباغ عين مال فكالتزويق فيما مر. وإن حصل منه ذلك (وأمكن فصله) منه، كأن كان الصبغ غير منعقد، (أجبر عليه في الأصح)