أن ما على العامل إذا شرط على المالك يبطل العقد. وأما ما يشر ب بعروقه فحكى الماوردي فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن سقيها على العامل. والثاني: على المالك. والثالث، أي وهو الظاهر، يجوز اشتراطه على المالك وعلى العامل، فإن أطلق صح ويكون على العامل. (وتنقية) بئر و (نهر) أي مجرى الماء من الطين ونحوه، (وإصلاح الأجاجين التي يثبت فيها الماء) وهي الحفر حول الشجر يجتمع فيها الماء ليشربه، شبهت بالأجاجين التي يغسل فيها. (وتلقيح) للنخل، وهو وضع شئ من طلع الذكور في طلع الإناث، وقد يستغني بعض النخيل عن الوضع المذكور لكونها تحت ريح الذكور فيحمل الهواء ريح الذكور إليها. (وتنحية) أي إزالة حشيش مضر كما في الروضة، ولو عبر بالكلأ لكان أولى لأن الكلأ يقع على الأخضر واليابس، والحشيش لا يطلق إلا على اليابس على المشهور. (و) تنحية (قضبان مضرة) بالشجر وقطع الجريد وصرفه عن وجوده العناقيد لتصيبها الشمس ويتيسر قطفها عند الادراك، وتقليب الأرض بالمساحي ونحو ذلك مما هو مذكور في المطولات لاقتضاء العرف ذلك.
تنبيه: إنما قيدت كلامه بعمل ليخرج الطلع الذي يلقح به، والقوصرة التي يجعل فيها العناقيد حفظا عن الطيور والزنابير، والمنجل والمعول بكسر ميميهما، والثور وآلته من المحراث وغيره، فإن ذلك على المالك لأنه عين، وإنما يكلف العامل العمل. وإنما اعتبر التكرار لأن ما لا يتكرر يبقى أثره بعد فراغ المساقاة، وتكليفه العامل إجحاف به. (و) عليه أيضا (تعريش) أي إصلاح العريش التي (جرت به عادة) لتلك البلد التي يطرح الكروم فيها على العريش، وهو أن ينصب أعوادا ويظللها ويرفع العنب عليها. قال المتولي: ونصب الأقصاب فيما يكون على القصب. (وكذا) عليه (حفظ الثمر) على الشجر من السراق ومن الطيور والزنابير بجعل كل عنقود في وعاء يهيئه المالك، كقوصرة، وعن المشمش بجعل حشيش أو نحوه فوقه عند الحاجة. (و) عليه (جداده) أي قطعه وحفظه في الجرين من السراق ونحوهم، (وتجفيفه في الأصح) لأنها من مصالحه. والخلاف راجع للمسائل الثلاث، لكنه في الروضة عبر في الثانية والثالثة بالصحيح. والثاني: ليس عليه، لأن الحفظ خارج عن أعمال المساقاة، وكذا الجداد والتجفيف لأنهما بعد كمال الثمر.
تنبيه: قيد في الروضة وأصلها الوجوب في التجفيف على العامل بما إذا اطردت العادة به أو شرطاه، وليس هذا القيد من محل الخلاف، وألحق ابن المقري بالتجفيف في ذلك الحفظ والجداد وهو ظاهر، وإذا لزم التجفيف وجب تسوية الجرين ونقله إليه وتقليبها في الشمس إن احتيج إليه. وكل ما وجب على العامل كان له استئجار المالك عليه، وكل ما وجب على المالك لو فعله العامل بإذن المالك استحق الأجرة. فإن قيل: ينبغي أن لا يستحق أجرة بمجرد الاذن كما لو أمر بغسل ثوبه. أجيب بأن إذنه في ذلك بمنزلة أمره بقضاء دينه لا كأمره بغسل ثوبه. (و) كل (ما قصد به حفظ الأصل) أي أصل الثمر وهو الشجر، (ولا يتكرر كل سنة كبناء الحيطان) للبستان (وحفر نهر جديد) له وإصلاح ما انهار من النهر ونصب الدولاب والأبواب، (فعلى المالك) لاقتضاء العرف ذلك، وعليه أيضا خراج الأرض الخراجية.
تنبيه: قوله: كبناء الحيطان قد يوهم أن وضع الشوك على الجدار والترقيع اليسير الذي يتفق في الجدار ليس على المالك، وليس مرادا بل الأصح أن ذلك بحسب العادة. وتعبيره بجديد قد يشعر بأن ما انهار من النهر يكون على العامل، وليس مرادا، بل هو على المالك، وما نقله السبكي عن النص من إن الثاني على المالك محمول على ما إذا اطردت العادة من كونهما على المالك أو العامل. (والمساقاة لازمة) أي عقد لازم من الجانبين كالإجارة، بجامع أن العمل فيهما في أعيان تبقى بحالها بخلاف القراض لا تبقى أعيانه بعد العمل فأشبه الوكالة. فإن قيل: القول بلزومها مشكل