منهاج الفقاهة - السيد محمد صادق الروحاني - ج ١ - الصفحة ٤٠٨
ومقتضى هذه الرواية بل رواية الحلبي الثانية ورواية سعد الإسكاف أنه لا يشترط في حرمة الغش كونه مما لا يعرف إلا من قبل البائع فيجب الاعلام بالعيب الغير الخفي {1} إلا أن ينزل الحرمة في موارد الروايات الثلاث على ما إذا تعمد الغش برجاء التلبيس على المشتري وعدم التفطن له وإن كان من شأن ذلك العيب أن يتفطن له {2} فلا يدل الروايات على وجوب الاعلام إذا كان العيب من شأنه التفطن له فقصر المشتري وسامح في الملاحظة.
ثم إن غش المسلم إنما هو ببيع المغشوش عليه مع جهله فلا فرق بين كون الاعتشاش بفعله أو بغيره فلو حصل اتفاقا أو لغرض فيجب الاعلام بالعيب الخفي ويمكن أن يمنع صدق الأخبار المذكورة إلا على ما إذا قصد التلبيس وأما ما هو ملتبس في نفسه فلا يجب عليه الاعلام.
____________________
بصحيح محمد بن مسلم (1).
{1} ولا يعتبر زائدا على ذلك كونه مما لا يعرف إلا من قبل البائع لعدم مساعدة العرف عليه فإنه وإن كان بعض أفراد الغش كذلك كمزج اللبن بالماء إلا أن أغلب أفراد الغش التي لا يشك أحد من أهل العرف في كونها من الغش تعرف بإمعان النظر بل قيل لا غش إلا ويعرفه أولو الفطانة خصوصا من كان شغله الغش.
{2} وهل يعتبر في صدقه قصد مفهومه فما يكون ملتبسا في نفسه لا يجب الاعلام كما يظهر من المصنف أم لا يعتبر ذلك؟ وجهان:
أقواهما الثاني: لأن الغش من الأمور الواقعية التي لا تختلف باختلاف القصود و ليس القصد من مقوماته.
وبعبارة أخرى أنه لو كان العيب بارزا إن صدق مفهوم الغش لم يحتج في الاتصاف بالحرمة إلى التعمد وإن لم يصدق لم ينفع مجرد ذلك في صدقه.
واستدل للأول بخبر الحلبي عن الإمام الصادق عليه السلام عن الرجل يشتري طعاما فيكون أحسن له وأنفق له أن يبله من غير أن يلتمس زيادته فقال عليه السلام: إن كان بيعا لا يصلحه إلا ذلك ولا ينفقه غيره من غير أن يلتمس فيه زيادة فلا بأس وإن كان إنما يغش

(1) الوسائل باب 9 من أبواب أحكام العيوب حديث 1.
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»
الفهرست