وكيف كان، فالمناسب أولا نقل عبائر هؤلاء، فنقول: قال المفيد في المقنعة: الوقوف في الأصل صدقات لا يجوز الرجوع فيها، إلا أن يحدث الموقوف عليهم ما يمنع الشرع من معونتهم والتقرب إلى الله بصلتهم، أو يكون تغيير الشرط في الموقوف أدر عليهم وأنفع لهم من تركه على حاله وإذا أخرج الواقف الوقف عن يده إلى من وقف عليه، لم يجز له الرجوع في شئ منه، ولا تغيير شرائطه، ولا نقله عن وجوهه وسبله ومتي اشترط الواقف في الوقف: أنه متي احتاج إليه في حياته لفقر كان له بيعه وصرف ثمنه في مصالحه، جاز له فعل ذلك وليس لأرباب الوقف بعد وفاة الواقف أن يتصرفوا فيه ببيع أو هبة أو يغيروا شيئا من شروطه، إلا أن يخرب الوقف ولا يوجد من يراعيه بعمارة من سلطان أو غيره، أو يحصل بحيث لا يجدي نفعا، فلهم حينئذ بيعه والانتفاع بثمنه وكذلك إن حصلت لهم ضرورة إلى ثمنه كان لهم حله، ولا يجوز ذلك مع عدم ما ذكرناه من الأسباب والضرورات انتهي كلامه رحمه الله. وقد استفاد من هذا الكلام في غاية المراد جواز بيع الوقف في خمسة مواضع، وضم صورة جواز الرجوع وجواز تغير الشرط إلى المواضع الثلاثة المذكورة بعد وصول الموقوف إلى الموقوف عليهم ووفاة الواقف، فلاحظ وتأمل.
ثم إن العلامة ذكر في التحرير: أن قول المفيد بأنه: لا يجوز الرجوع في الوقف إلا أن يحدث - إلى قوله: - أنفع لهم من تركه على حاله، متأول ولعله من شدة مخالفته للقواعد لم يرتض بظاهره للمفيد وقال في الانتصار - على ما حكي عنه -: ومما انفردت الإمامية به:
القول بأن الوقف متي حصل له الخراب بحيث لا يجدي نفعا جاز لمن هو وقف عليه بيعه والانتفاع بثمنه، وأن أرباب الوقف متي دعتهم ضرورة شديدة إلى ثمنه جاز لهم بيعه، ولا يجوز لهم ذلك مع فقد الضرورة ثم احتج باتفاق الامامية، ثم ذكر خلاف ابن الجنيد، ورده بكونه مسبوقا وملحوقا بالاجماع، وأنه إنما عول في ذلك على ظنون له وحسبان وأخبار