ولكن مقتضى ما ذكرنا: كون سقوط حق الرهانة بالفك أو الاسقاط أو الابراء أو غير ذلك ناقلا ومؤثرا من حينه، لا كاشفا عن تأثير العقد من حين وقوعه، (36) خصوصا بناء على الاستدلال على الكشف بما ذكره جماعة ممن قارب عصرنا: من أن مقتضى مفهوم الإجازة إمضاء العقد من حينه، فإن هذا غير متحقق في افتكاك
الرهن، فهو نظير بيع الفضولي ثم تملكه للمبيع، حيث إنه لا يسع القائل بصحته الا التزام تأثير العقد من حين انتقاله عن ملك المالك الأول لا من حين العقد، والا لزم في المقام كون ملك الغير رهنا لغير مالكه كما كان يلزم في تلك المسألة كون
المبيع لمالكين في زمان واحد لو قلنا بكشف الإجازة للتأثير من حين العقد هذا، ولكن ظاهر كل من قال بلزوم العقد هو القول بالكشف وقد تقدم عن القواعد - في مسألة عفو الراهن عن الجاني على المرهون -: أن الفك يكشف عن صحته. ويدل على الكشف أيضا ما استدلوا به على الكشف في الفضولي: من أن العقد سبب تام إلى آخر ما ذكره في الروضة وجامع المقاصد
____________________
(36) الأصفهاني: قد عرفت الاشكال في كاشفية الإجازة هنا فضلا عن الاسقاط والابراء والفك، إذ يمكن دعوى اعتبار الإجازة من المرتهن تعبدا من حيث الرضا بالتصرف، فيكون كالإجازة في الفضولي، دون الاسقاط والابراء والفك فإنه لا يتصور مساسها بالعقد ليكون مقتضيا لنفوذه من حينه، كما لا يعقل أن يكون الاسقاط الفعلي مقتضيا للسقوط حال العقد، أو الابراء الفعلي مقتضيا للبراءة حال العقد وهكذا، حتى يكون العقد مقرونا بعدم المانع حال وجوده. نعم إن قام اجماع على كاشفية تلك الأمور أمكن تقريب الكشف بأن حكمه المنع عن التصرفات مطلقا، لئلا يؤدي إلى ابطال حق الغير أو تأخيره، ومع تعقب التصرف بأحد تلك الأمور لا يؤدي واقعا إلى تفويت الحق ولا إلى تأخيره، فلا مانع من نفوذه من حين صدوره، والله اعلم. (ج 3 ص 269)