الوقف المؤبد أما الأول: فالذي ينبغي أن يقال فيه: إن الوقف على قسمين: أحدهما: ما يكون ملكا للموقوف عليهم، فيملكون منفعته، فلهم استئجاره وأخذ اجرته ممن انتفع به بغير حق. (30) (30) الأصفهاني: توضيح المقام: إن الكلام في موضعين: أحدهما: في أن الوقف يقتضي الخروج عن ملك الواقف أم لا؟
ثانيهما: أنه على فرض الخروج هل يقتضي الدخول في ملك الموقوف عليه خاصا أو عاما أو لا يقتضي أصلا أو يفصل بين الخاص والعام؟ فنقول: أما الكلام في الموضع الأول: فما يستند إليه تارة هو الدليل على دخوله في ملك الموقوف عليه فيلازم الخروج عن ملك الواقف، لاستحالة ورود الملكين المستقلين على شئ واحد أو لغويته، وأخري ما يدل على الخروج في نفسه وإن لم نقل بالدخول في ملك الموقوف عليه، والعمدة هو الثاني فلا موجب للتكلم في الأول هنا، وما يستند إليه في الخروج أمور: أحسنها اقتضاء الوقف عرفا، لان اعتبار الملك للواقف مع الممنوعية عن التصرفات الناقلة في العين ومع رجوع منافعها إلى الموقوف عليه لغو، ولا يقاس بالحبس والسكنى والرقبى والعمرى، لان المحبوسية لها أمد مخصوص فيها فلا يقاس بالمحبوسية الدائمة، كما لا يقاس بالرهن الممنوع فيه عن التصرفات، فإنه يجوز بإذن المرتهن، مع أن منافعه لمالكه، بخلاف العين الموقوفة فإنه لا يجوز التصرف الناقل فيها ولو مع إذن الموقوف عليه، كما لا ترجع منافعها إليها بوجه . وأما الاستدلال للخروج بعدم ضمان الغاصب للواقف فلو كان باقيا على ملكه لضمنها له.
فيمكن دفعه بأن للمغصوب حيثية المالية وحيثية الملكية، والأولي مقتضية لضمانها ببدلها، والثانية مقتضية لحرمة التصرف بدون إذن من تضاف إليه بإضافة الملكية رعاية لهذه الحيثية، وحيث إن جميع منافع العين مسبلة وخارجة عن ملك الواقف فليس للعين المضافة إليه على الفرض حيثية مقتضية لضمانها له، فإن مالية العين بلحاظ منافعها الخارجة جميعا عن ملك الواقف، فتدبر.