وقوله لوفد عبد القيس: " وأن تعطوا من المغنم الخمس. " (1) وفي كتابه (صلى الله عليه وآله وسلم) لملوك حمير: " وآتيتم الزكاة وأعطيتم من المغانم خمس الله سهم النبي وصفيه. " (2) وفي كتابه (صلى الله عليه وآله وسلم) لصيفي بن عامر سيد بني ثعلبة: " من أسلم منهم وأقام الصلاة آتى الزكاة وأعطى خمس المغنم وسهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والصفي فهو آمن بأمان الله. " (3) إلى غير ذلك مما في كتب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعهوده للوفود، لا يمكن أن يراد بالخمس فيها خمس مغانم الحرب لنهيه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الإغارة ونهب الأموال، وكون أمر الحروب بيده (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا محالة يراد بالخمس فيها خمس الأرباح والاستفادات اليومية.
ولكن يمكن أن يورد على ذلك أولا: بأنا لا نسلم عدم إجازة الحرب من قبله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ قتال الكفار لدعوتهم إلى الإسلام لم يكن منهيا عنه، ويشهد لذلك ذكر الصفي أيضا في بعض هذه الأخبار وهو ما كان يصطفى من غنائم الحرب.
قال في النهاية:
" الصفي: ما كان يأخذه رئيس الجيش ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل القسمة يقال له: الصفية والجمع: الصفايا، ومنه حديث عائشة: كانت صفية " رض " من الصفي. " (4) وفي مرسلة حماد الطويلة: " وللإمام صفو المال أن يأخذ من هذه الأموال صفوها الجارية الفارهة والدابة الفارهة. " (5) ونحوها أخبار أخر.
وثانيا: أن خمس الركاز أيضا مما أمر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويصدق عليه المغنم أيضا، أما خمس الأرباح فلو كان واجبا في عصره وتعارف مطالبته وأخذه لذاع وشاع