لأنها متعرضة لشق واحد من المسألة. وإطلاق خبر ابن مسعود على فرض صحته أيضا يحمل عليه. نعم، خبر أبي أمامة الوارد في قصة صفين ربما ينافي ذلك. ويمكن أن يقال على فرض صحته إن أبا أمامة لم يكن شاهدا لجميع مشاهد صفين. وحرب صفين وقعت في منطقة واسعة وقد طال زمانها، فلعل أبا أمامة يحكي عما شاهده بنفسه في منطقة خاصة وزمان خاص، فتدبر.
ثم لا يخفى أن الظاهر من الفتاوى وبعض الأخبار التي مرت تعين التفصيل وأن من ليس لهم فئة يرجعون إليها لا يجوز الإجهاز على جريحهم واتباع مدبرهم وقتل أسيرهم، ومن لهم فئة يجوز ذلك فيهم.
ولكن المستفاد من بعض الأخبار الأخر أن النهي عن الإجهاز والاتباع والقتل في أهل البصرة وقع من أمير المؤمنين (عليه السلام) عفوا ومنا منه عليهم، كما من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أهل مكة وعفا عنهم، وظاهر ذلك كونه حكما موسميا في مورد خاص وأن الحكم الأولي جواز الاتباع والإجهاز والقتل إذا لم يكن المورد محلا للعفو الإغماض ولم يره الإمام صلاحا، فيكون الأمر موكولا إلى نظره:
1 - ففي خبر أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): بما سار علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقال: إن أبا اليقظان كان رجلا حادا - رحمه الله - فقال: يا أمير المؤمنين، بما تسير في هؤلاء غدا؟ فقال: بالمن، كما سار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أهل مكة. " (1) 2 - وفي دعائم الإسلام: " وسأله عمار حين دخل البصرة فقال: يا أمير المؤمنين، بأي شيء تسير في هؤلاء؟ فقال: بالمن والعفو، كما سار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أهل مكة حين افتتحها بالمن والعفو. " (2)