كانت للبائع من ثبوت حق الأولوية وعدم جواز المزاحمة إذا فرض كون التصرف وإحداث الآثار بإذن الإمام، أو بإجازته العامة للشيعة على القول بها، أو بإذن نائبه الخاص أو العام، أو بتقبيل السلطان الجائر بناء على إمضائهم (عليه السلام) لذلك كما يأتي.
1 - قال ابن إدريس في أواخر الزكاة من السائر (باب أحكام الأرضين):
" وهذا الضرب من الأرضين لا يصح التصرف فيه بالبيع والشراء والوقف والهبة غير ذلك، أعنى نفس الرقبة. فإن قيل: نراكم تبيعون وتشترون وتقفون أرض العراق وقد أخذت عنوة. قلنا: إنما نبيع ونقف تصرفنا فيها وتحجيرنا وبناءنا، فأما نفس الأرض لا يجوز ذلك فيها. " (1) 2 - وفي المنتهى:
" وإذا تصرف فيها أحد بالبناء والغرس صح له بيعها على معنى أنه يبيع ماله فيها من الآثار وحق الاختصاص بالتصرف لا الرقبة، لأنها ملك المسلمين قاطبة. " (2) 3 - وفي المسالك عند قول المصنف: " ولا يجوز بيعها ولا وقفها ولا هبتها "، قال:
" أي لا يصح شيء من ذلك في رقبتها مستقلة، أما لو فعل ذلك بها تبعا لآثار المتصرف من بناء وغرس وزرع فجائز على الأقوى. فإذا باعها بائع مع شيء من هذه الآثار دخلت في البيع على سبيل التبع، وكذا الوقف وغيره. ويستمر كذلك ما دام شيء من الآثار باقيا، فإذا ذهبت أجمع انقطع حق المشتري والموقوف عليه وغيرهما عنها.
هكذا ذكره جمع من المتأخرين، وعليه العمل. " (3) وبالجملة فرقبة الأرض وكذا الآثار والأبنية الموجودة حين الاغتنام تصير للمسلمين وتكون بحكم العين الموقوفة، فلا يصح نقلها ولا وقفها، وتكون تحت اختيار امام المسلمين يقبلها لمن رآه صلاحا بما رآه ويصرف حاصلها في مصالحهم، ولكن