وأما الإفضاء فينظر: فإن كان البول مستمسكا ففيه ثلث الدية، وإن كان مسترسلا فعليه الدية، ولا حكومة، وهو مذهبنا الأول غير أنه لا يجب بها المهر لأنه زنا.
فإذا ثبت هذا نظرت: فإن كانت ثيبا فلا كلام، وإن كانت بكرا وجب المهر والدية، وقال قوم: لا يجب أرش البكارة فإنه يدخل في دية الإفضاء، ومنهم من قال: يجب أرش البكارة وهو مذهبنا، لأنه لا دليل على دخوله في أرش الإفضاء.
فإذا ثبت وجوب الدية بالإفضاء، نظرت: فإن وجبت عن عمد فهي مغلظة حالة في ماله، وإنما يكون عمدا محضا إذا كانت صغيرة وبدنه كبير، ويعلم أن مثلها لا يطيق ذلك، فمتى فعل ذلك فقد أفضاها عمدا محضا، فالدية مغلظة حالة في ماله وإن وجبت عن عمد الخطأ فالدية مغلظة مؤجلة عندنا في ماله، وعندهم على العاقلة، وعمد الخطأ أن تكون كبيرة قد تفضي مثلها وقد لا تفضي، فإذا وجد الإفضاء علمنا أنه عامد في فعله مخطئ في قصده، فلهذا كان عمد الخطأ.
وأحال بعضهم أن يتصور في الإفضاء خطأ محض، وقال بعض المتأخرين:
- وهو جيد - أنه قد يتصور الخطأ المحض وهو إذا كان له زوجة قد وطئها، ويعلم أن وطئه لا يفضيها بعد هذا، فأصاب على فراشه امرأة فأفضاها يعتقدها زوجته، فإنه خطأ محض، كما لو رمى حربيا فوقع على مسلم فقتله كان خطأ محضا بلا إشكال.
فأما إذا وطئها بشبهة فأفضاها مثل أن كان النكاح فاسدا أو وجد على فراشه امرأة يظنها زوجته فوطئها فأفضاها فالحد لا يجب للشبهة، والمهر يجب للدخول، ويجب الدية للإفضاء، فإن كان البول مستمسكا فالدية بلا حكومة، وإن كان مسترسلا فعليه حكومة، وقال بعضهم: لا حد كما قلنا، وأما المهر فينظر في الإفضاء، فإن كان البول مستمسكا ففيه ثلثا الدية، ويجب المهر معه، وإن كان مسترسلا وجبت الدية ولم يجب المهر بل يدخل في الدية.