على الكلاب وغيرها.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة المحقة عليه قوله تعالى: وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه، الآية. وهذا نص صريح على أنه لا يقوم مقام الكلاب في هذا الحكم غيرها لأنه تعالى لو قال: وما علمتم من الجوارح، ولم يقل: مكلبين، لدخل في الكلام كل جارح من ذي ناب وظفر ولما أتى بلفظ المكلبين وهي تخص الكلاب لأن المكلب هو صاحب الكلاب بلا خلاف بين أهل اللغة، علمنا أنه لم يرد بالجوارح جميع ما يستحق هذا الاسم وإنما أراد الجوارح من الكلاب خاصة ويجري ذلك مجرى قوله:
ركب القوم مهارهم * مبقرين أو مجمزين فإنه لا يحتمل - وإن كان اللفظ الأول عام الظاهر - إلا على ركوب البقر والجمازات.
فإن قيل: دلوا على أن مكلبين إنما أراد به صاحب الكلاب، وما أنكرتم أن يريد به المضري للجارح الممرن له والمجرى فيدخل فيه الكلب وغيره؟
قلنا: ليس ينبغي أن يتكلم فيما طريقه اللغة من لا يعرف موضوع أهلها، ولا يعرف عن أحد من أهل اللغة العربية أن المكلب هو المغري أو المضري بل يقولون وقد نصوا في كتبهم عليه: أن المكلب هو صاحب الكلاب، قال النابغة الذبياني:
سرت عليه من الجوزاء سارية * تزجى الشمال عليه جامد البرد فارتاع من صوت كلاب فبات له * طوع الشوامت من خوف ومن صرد وفسر أهل اللغة أنه أراد بالكلاب صاحب الكلب وكلاب ومكلب واحد.
وذكر صاحب كتاب الجمهرة: إن المكلب صاحب الكلاب، وأنشد قول الشاعر:
ضرا أحست بنائة من مكلب وما ذكر في هذا الباب أكثر من أن يحصى، وقد ذكر في تصريف ما ينبنى من الكاف واللام والباء أن المكلب هو المضري والمعلم وقد فتشنا سائر كتب أهل اللغة فما وجدنا أحدا منهم ذكر ذلك، ومن اغتر بقولهم: فلان كلب على كذا وتكلب على كذا، فغير متأمل، لأن الكلب هاهنا هو العطش والكلب عندهم هو العطشان، ولا يقول أحد منهم كلب